أأبا الحسينِ كفيتَ ما بعد الردى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أأبا الحسينِ كفيتَ ما بعد الردى | فلقد قضيتَ ردى ً برغم معاطِسِ |
ما دار في فكري فراقك هكذا | دون الأنام ولا جرى في هاجسي |
وذخرتُ منك مودَّة ً فسُلِبْتُها | والدَّهرُ مشغولٌ بسلبِ نَفائسي |
ما كنتَ من جِنسي ولامن أُسرَتي | و لنتَ بالودّ الصحيح مجانسي |
صانعتُ فيك معاشراً وكتمتهمْ | وجدي عليك وصبوتي ووساوسي |
وحبستُ دمعي أنْ يسيلَ تجمُّلاً | لو كان دمعٌ لا يسيلُ لحابسِ |
ولقد لبستَ منَ الزَّمان جلالَهُ | وجلستَ منه في أعزِّ مجالسِ |
وحكمتَ في الملكِ الذي ماحَكَّموا | فيه سوى ماضي العزيمة ِ سائسِ |
و رأيت دونك كلَّ ذي " خيرية ٍ " | سامي البنية ِ في علاً متشاوسِ |
وفرجتَ بالآراءِ ضِيقَ شديدة ٍ | و محوت بالأضواء ضيقَ حنادسِ |
و ضربت بالأسيافِ كلَّ مسايفٍ | و دعستَ بالأرماحِ كلَّ مداعسِ |
ورددتَ ذا لَجَبٍ يضيقُ به الفَلا | ملآنَ مِن جُنَنٍ له وقوانسِ |
وأريتَ أنَّ فوارساً في طيَّة ٍ | بالطعن في اللبات غيرُ فوارسِ |
وإذا أناسٌ نافسوك وقدّروا | أن يلحقوك فضحتَ كلَّ منافسِ |
أو ناضلوك فَضَلْتَهُمْ بصوائبٍ | أو زاحموك زحمتهمْ بقدامسِ |
وركبتَ كلَّ مُطاوعٍ مُتعطِّفٍ | لما ابتلوا بروافسٍ وشوامس |
وإذا اختبرتَ ففي الزَّمانِ أكايسٌ | حازوا الكمالَ وفيه غيرُ أكايسِ |
في كلَّ يومٍ لي حميمُ مودة ٍ | أعطيهِ من فَقْدٍ يمينَ الرَّامِسِ |
وأصونُهُ بالتُّربِ والتُّربُ الذي | فيه أكفُّ دوارسٍ وكوامسِ |
وأودُّ أنِّي بعدَ ذاك لقيتُهُ | لو يلتقي حيٌّ بميتٍ دارس |
و غذا رجعتُ رجعتُ صفراً " يائساً " | عن مُقفرٍ من كلِّ شيءٍ يابسِ |
و هو الزمانُ فعبرة ٌ لمغفلٍ | أَطوارُهُ أو ضُحكة ٌ للعابِسِ |
أيردُّ ما أعطاك غيرَ ملبثٍ | من بعد أن أعطاك غيرَ مماكسِ ؟ |
و غذا نجونا من خطوبِ ملمة ٍ | - عرضت لنا - تأتي نيوبُ نواهسِ |
أين الألى حلوا السماءَ وعارضوا | زُهْرَ النُّجومِ مقابساً بمقابسِ |
فاستفرشوا الكرمَ المبرَّ على الورى | عَفْواً مكانَ نمارِقٍ وطَنافِسِ |
و سرى لهمء ذكرٌ ذكيٌّ عرفهُ | شرقاً وغرباً في ظهور عرامسِ |
و كأنّ أوجههمْ بحسنٍ صقلتْ | قُضُبُ الوغَى مصقولة ٌ بمداوسِ |
من كلّ ممتعضِ الحمية ِ آنفٍ | ذي مارنٍ في الذُّلِّ ليس بعاطسِ |
أخنى الزمانُ عليهمُ وسقاهمُ | كأسَ الحمامِ فما ترى من نابسِ |
فكأنهمْ عصفٌ تحكمُ غدوة ً | و عشية ً فيه هبوبُ روامسِ |
كانتْ ديارُهُمُ نهاراً مُشرقاً | فالآن عُدْنَ كجُنحِ ليلٍ دامِسِ |
و برغمهمْ من بعد أن سكنوا الذرا | سكنوا بطونَ صفاصفٍ وبسابسِ |
لا زال قبرك يا محمدُ مفهقاً | من كلِّ منهمِرِ السَّحائبِ راجِسِ |
صخبِ الرعودِ كأنما أجراسهُ | صبحاً وإمساءً زئيرُ عنابسِ |
وإذا القبورُ دُرِسْنَ يوماً فليكُنْ | قبرٌ به وسِّدْتَ ليسَ بدارسِ |