أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ | ضُحى ً والهَوى فيهنَّ قلبُك طائرُ؟ |
جزعتَ لأنْ غابوا وتلك سفاهة ٌ | تُلامُ بها لو أنَّ لُبَّك حاضرُ |
و لما جحدتُ الحبَّ قال خبيره : | إذا كنتَ لاتهوى فلِمْ أنتَ زافرُ |
يلومونني والحبُّ عنديَ دونهمْ | ومن أينَ للمشتاقِ في النّاس عاذرُ |
أيا صاحِ في الربعِ الذي بان أهلهُ | كأنهمُ سربٌ على الدوَّ نافرُ |
فلا الرَّبعُ فيه منهمُ اليومَ رابعٌ | و لا سمراتُ الجزعِ فيهنّ سامرُ |
أعِنِّي غداة َ البينِ منك بنظرة ٍ | فقد عَشِيَتْ بالدَّمعِ منَّا النَّواظرُ |
وسرَّك فاكتمْهُ عليك وخلِّنا | فقد ظهرتْ بالبين منا السرائرُ |
و قل لحبيبٍ خاف مني " ملالة ً " | محلُّك من قلبي مَدى الدَّهر عامرُ |
فللّهِ يومُ الشِّعب قلبي وقد بدَتْ | منَ الشِّعبِ أطلاءٌ لنا وجآذرُ |
وقفنا فدمعٌ قاطرٌ من جُفونهِ | |
وفي السِّرْبِ ملآنٌ منَ الحسنِ مُتْرَعٌ | أوائلُ قلبي عندَهُ والأواخرُ |
أجود عليه بالمنى وهوَ باخلٌ | وآتي وصالاً بينَه وهْوَ هاجرُ |
أحبُّ الثَّرى النجديَّ فاحَ بعَرْفِه | إلى الركبِ رجراجُ العشياتِ مائرُ |
و يعجبني والناعجاتُ مشيحة ٌ | خيالٌ من الزوراءِ في الليل زائرُ |
يزورُ وأعناقُ المطيِّ خواضعٌ | كلالاً " وأحشاها ظوامٍ " ضوامرُ |
إلى ملكِ الأملاكِ أعملتُ مادحاً | قوافيَ تنتابُ العلا وتزاورُ |
نوازعَ لا يدنو الكلالُ وجيفها | و لا " بتشـ ـكى " أينهنَّ المسافرُ |
حَملن إليه من ثنائي بفضلهِ | و إنعامه ما لا تقلُّ الأباعرُ |
إلى حيث حلّ المجد جما عديدهُ | وحيثُ يكونُ السُّؤدُدُ المتكاثرُ |
فأنت الذي أوليتني النعمَ التي | تغيبُ النجومُ الزهرُ وهيَ ظواهرُ |
غرائبُ لم تَسبقْ إليهنَّ فِكرة ٌ | ولا أحضَرَتْها في القلوبِ الضَّمائرُ |
عرفتُ بهنّ الناسَ لما أصبنني | فبانَ صديقٌ أو عدوٌّ مُكاشِرُ |
كأنّ الذي يثنى بهنّ وما وفى | بمبلغهنّ كافرٌ وهوَ شاكرُ |
و قبلك ما فتُّ الملوكَ فلم يكن | لتيجانِهمْ من نَظْمِ لفظي جواهرُ |
و ما كان تاج الملة ِ احتلّ سمعهُ | قريضي ولم يشعرْ بأنيَ ششاعرُ |
إلى أن مضى عني ومن كان بعده | و سارت بتقريضي علاكَ السوائرُ |
ثناءٌ حدته من " علاك " كرائمٌ | ثقالٌ على الأعناق غُرٌّ غرائرُ |
كأنِّيَ أَنْثوهُنّ ربُّ لَطيمة ٍ | تَجَعْجَعَها في سوقِ دارِينَ عاطِرُ |
فهبْ ليَ مافرَّطتُ فيهِ وما مضَتْ | ضَياعاً به عنّي السِّنونُ الغوائرُ |
ودونَكَ منِّي اليومَ كلَّ قصيدة ٍ | مهذبة ٍ قد ثقفتها الخواطرُ |
إذا أُنشدتْ قال المُصيخون: هكذا | تنظمُ في أهلِ الفخار المفاخرُ |
وقد علمَ المغرورُ بالملك أنَّكم | سِدادٌ له ممَّنْ سِواكُم وحاجرُ |
و أنكمُ من دونهِ لمريغه | رماحٌ طِوالٌ أو سيوفٌ بواتِرُ |
فكمْ مزقتْ أشلاءَ قومٍ تطامحوا | إلى الملكِ أنيابٌ لكمْ وأظافرُ |
ودونَ الثَّنايا المطلعاتِ إلى الذُّرا | ذُرا المُلِكِ مفتولُ الذِّراعين خادِرُ |
يصرِّفُ أحياءَ الوَرى وهْوَ وادعٌ | و يطرقُ إطراقَ الكرى وهو ناظرُ |
وتصبحُ في فَجٍّ منَ الأرض دارُهُ | وفي أُذُنِ الآفاقِ منه زماجرُ |
مهيبٌ فلا تلوى عليه حقوقه | مطالاً ولا تعصى لديه الأوامرُ |
ويركبُ أثباجاً منَ الأمر لم يكُنْ | ليرْكَبَها إلاّ الغلامُ المخاطرُ |
ومُغبَّرة ِ الآفاقِ بالنَّقعِ لا يُرَى | بأرجائها إلاّ القَنا المتشاجرُ |
و إلاّ يدٌ تهوي إلى القرن بالردى | و إلاّ دمٌ من عاملِ الرمحِ قاطرُ |
تَبلَّجتَ فيها والوجوهُ كواسِفٌ | وأقدَمْتَ بأساً والنُّفوسُ حواذرُ |
وقُدتَ إليها كلَّ جرداءَ سَمْحة ٍ | لها أولٌ في السابقاتِ وآخرُ |
إذا أُرْسِلتْ في الخيلِ تَعْدو إلى مدى ً | تُحاضرُ حتى لاتَرى مَن تحاضِرُ |
فلا أوحشَتْ منك الدِّيارُ ولاخَلَتْ | محافلُ من أسمائكمْ ومنابرُ |
و ضلتْ صروفُ الدهرِ عنك " وحاذرتْ " | رباعك أن تعتادهنّ المحاذرُ |
تروح وتغدو في الزمان محكماً | وتَجري بما تَهواهُ فينا المقادِرُ |
ويَفديك مَن لا يُرتَجى لِمُلَّمة ٍ | ولاهوَ فيما أنتَ تصبرُ صابرُ |
تموهَ دهراً لومه ثم صرحتْ | به النفسُ إذ ضاقتْ عليه المعاذرُ |
و هنئتَ يومَ المهرجانِ فإنه | زمانٌ " كزهر الروض " أخضرُ ناضرُ |
توسَّطَ في قُرٍّ وحَرٍّ فخلْفَهُ | وقُدَّامَه ظهائرٌ وصَنابرُ |
و دمْ مستقرَّ العزَّ مستوفزَ العدى | فأُمُّ زمانٍ لا يسرُّك عاقرُ |