أمالكَ من غرامٍ ما أمالا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أمالكَ من غرامٍ ما أمالا | وزادَك نُصحُ عاذلها خَبالا؟ |
ولو كانتْ وقد هجرتْ أرادتْ | دلالاً لاحتملتُ لها الدّلالا |
وما زال العذول يقول حتّى | أذنتَ له فأسمعَك المُحالا |
فما لك والحِجالَ وقد جعلتمْ | قلوبَ العاشقين لكمْ حِجالا |
وما أُلحي سِوى قلبي وفيهِ | نُدوبٌ منكَ كيفَ إليك مالا؟ |
هجرتَ ونحنُ أيقاظٌ بوَجٍّ | وزرتَ بِنَعفِ كاظمة ٍ خَيالا |
وليس الهجرُ عن سببٍ ولكنْ | خلوتَ وما خلونا منك بالا |
وطيفٌ منكمُ بجنوب نجدٍ | أرانى من " محاسنكمْ " مثالا |
أقام على مضاجعنا هدوّاً | فلمّا زال عنّا النّومُ زالا |
لهوتُ بباطل الأحلامِ حتّى | وددتُ لهنّ أنّ الّليل طالا |
أليلتنا بكاظمة ٍ أضلّى | بياضَكِ أنْ يلمَّ بنا ضَلالا |
فليس الصُّبحُ من أَرَبي وحسبي | ظِلالُ اللّيل أسكنه ظِلالا |
ومعسولِ المراشف لو سقانى | سقانى من مجاجته الزّلالا |
متى يَفَتَرَّ يبسمْ عن نقيِّ | شَتيتِ الرَّصْفِ تحسبُه سَيالا |
كأنَّ بهِ سَحيقَ المسكِ وَهْناً | تناثر أو عقيقَ الخمر سالا |
وكان الدَّهرُ ألْبَسَني سَواداً | أَروعُ به الغزالة َ والغزالا |
نعمتُ بصبغهِ زمناً قصيراً | فلمّا حالتِ الأعوامُ حالا |
بفخر الملك أعتبتُ اللّيالى | وعاد أجاجنا عذباً زلالا |
وسالمنا الزّمانُ به وكانتْ | حروبُ صروفه فينا سجالا |
وأصبحتِ العراقُ بخير حالٍ | وكانتْ أسوأَ الأمصار حالا |
دخلتُ عليه مجلسه فأدنى | وأعلاني مكاناً لا يُعالى |
وأثقلني ولم أكُ طولَ عمري | حملتُ لغيره المننَ الثّقالا |
بإكرامٍ إذا عظمتْ وجلّتْ | لدى قلبى أوائله توالى |
وقولٍ كلّما " اضطربتْ " قلوبٌ | " بحظّى " منه أعقبهُ فعالا |
وبشرٍ يأخذ الأقوامُ منه | أمامَ نَوالِ راحتهِ النَّوالا |
ولمّا أنْ دعاكَ إليه بدرٌ | سبقتَ إلى تَدارُكهِ العُجالى |
فأحزنتَ السهولَ حمًى " وجرداً " | محصَّنة ً وأسهلتَ الجبالا |
وأبصَرها هِلالٌ خارقاتٍ | ذيولَ النَّقْعِ يحملْنَ الهلالا |
"عوابس" كلّما طرحت قتيلاً | جعلنَ ضَفير لِمَّتِه قِبالا |
عليهنَّ الأُلى جَعلوا العوالي | - وما طالتْ - بأيديهمْ طوالا |
كأنّ على قنيّهمُ نجوماً | "خررن" على القوانس أوذبالا |
ومُذ صَقلوا سيوفَهمُ المواضي | بأعناق العدا هجروا الصّقالا |
تمدُّ الحربُ منك بلوذعى ٍّ | يسعِّرُها إذا خَبَتِ اشْتعالا |
وقلبُك يا جريءَ القلب قلبٌ | كأنَّكَ ما شهدتَ به القتالا |
"وذى " لجبٍ تألّق جانباه | كأنَّ به على الآفاقِ آلا |
وفيه كلُّ سَلْهَبَة ٍ جَموحٍ | يعاسِلْنَ المثقَّفَة َ الطِّوالا |
فَلَوْتَ بكلِّ أبيَضَ مَشرفيِّ | بكَبَّتِهِ رؤوساً لا تُفالى |
ومَنْ لولاك زوّارُ الأعادي | إذا ملّوك زدتهمُ ملالا |
وشاهقة ٍ حماها مبتنيها | وطوّلها حذاراً أن تنالا |
وحصّنها وعند الله علمٌ | بأنّك لم تدع "فيها" عقالا |
تراها تستدقّ لمن علاها | كأنَّ بها وما هُزِلَتْ هُزالا |
وقُلَّتُها تمسُّ الأُفقَ حتى | تقدِّرَها بحدِّ الشّمسِ خالا |
ظفرتَ بها وضيفك من بعيدٍ | يرى ما كان فيه إليك آلا |
وما كان الزّمانُ يرى عليها | لغيرِ الطيرِ جائلة ً مجالا |
نقلتَ بما نقلتَ قلوبَ قوم | ويحسبُك الغبيُّ نقلتَ مالا |
وسقتَ إلى قوام الدِّينِ فتحاً | يرى كلّ الفتوح له عيالا |
وكم لك قبله من قاطعاتٍ | مدى الآفاقِ لم تَخَفِ الكَلالا |
إذا ما بات يقلب جانبيها | قوامُ الدين تاهَ بها وصالا |
فخذها فوق ما تهواه منها | عطاءً ما لقيتَ به مطالا |
ومجدِك، إِنّه قسمٌ جليلٌ | لقد أتعبتَ فى الدّنيا الرّجالا |
إذا طلبوك فتّهمُ جميلاً | وإنْ رَمَقوك رُعْتَهمُ جمالا |
فما لَكَ ليس تَرضى عن محلِّ | كأنّك بعدُ لم تصبِ الكمالا ؟ |
ألستَ أتمنّا خلقاً وخلقاً | وأبسطنا يميناً أو شمالا ؟ |
فما يبغى الذى يضحى ويمسى | وقد جمع المهابة َ والجلالا ؟ |
ومَن لولاه كان الناسُ فَوْضى | وكانَ الأمرُ مُطِّرَحّا مُذالا |
فدمْ يا فخرَ " ملك " بنى بويهٍ | دواماً لانريدُ به زَوالا |
وقبلك من حرامٌ فيه مدحى | فخذه اليوم مبذولاً حلالا |