أرشيف المقالات

إلى كل مرجيء وشِيعته: هل يُعاوَن الجائر على جوره؟! - أبو فهر المسلم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
خَلّ طاغوتك جائرًا لا كافرًا، فهل من مذهب السلف: معاونة الجائر، وتثبيت مُلكه، ونُصرة طريقته، وتأليبه على مُخالفيه؟! بل معاونته على قتل المسلمين، واستباحة حرماتهم، كما تفعل أنت وأشياعُك عبر منابركم وخُطبكم، وكتاباتكم؟! خُذوا كلام السلف وأتباعهم، عن معاونة الظالمين والجائرين..
- قال مُلّا عليّ القاري رحمه الله: "ورُوي أن خياطًا سأل عبدَ الله بن المبارك، عن خياطته للحُكّام: هل أنا داخل في قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}؟! [هود من الآية:113]، قال: بل يدخل فيه مَن يَبيعك الإبْرة" (انظر: مرقاة المفاتيح).
- وقال ابن عطية رحمه الله: "واحتجّ أهل العلم والفضل بهذه الآية: {وَلَا تَرْكَنُوا}: في منع خدمة أهل الجور، ومعونتهم في شيء من أمرهم، ورأوا أنها تتناول ذلك، نصّ عليه عطاء بن أبي رباح وغيره" (انظر: المُحرر الوجيز).
- وقال القرطبي رحمه الله: "وقال عبيد الله بن الوليد الوصّافي: قلت لعطاء بن أبي رباح: إن لي أخًا يأخذ بقلمِه -الوالي الحاكم-، وإنما يَحسب ما يدخل ويخرج، وله عيال، ولو ترك ذلك لاحتاج وأدّان؟! فقال: مَن الرأس؟! 
قلت: خالد بن عبد الله القَسْري -أحد أمراء بني أميّة،و كان فيه ظلم-. 

قال: أما تقرأ ما قال العبدُ الصالح: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}؟! [القصص:17]، فلا يُعِنهم أخوك فإن الله يُعينه، قال عطاء: فلا يَحِلّ لأحدٍ أن يُعين ظالمًا، ولا يَكتب له، ولا يَصحبه، وأنه إن فعل شيئًا من ذلك فقد صار معينًا للظالمين" (انظر: تفسير القرطبيّ)
- وقال ابن تيمية رحمه الله:
"وقد قال غيرُ واحد من السلف: أعوان الظلمة؛ مَن أعانهم ولو أنه لاقَ لهم دواةً، أو برَى لهم قلمًا!
ومنهم من كان يقول: بل مَن يغسل ثيابَهم؛ من أعوانهم" (انظر: مجموع الفتاوى ).
* وفي الجملة فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولا يحل للرجل أن يكون عونًا على ظلم؛ فإن التعاون نوعان: الأول: تعاون على البر والتقوى.
والثاني: تعاون على الإثم والعدوان؛ كالإعانة على دم معصوم، أو أخذ مال معصوم، أو ضرب من لا يستحق الضرب، ونحو ذلك..
فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله فإن الإعانة على الظلم ظلم" (انظر: مجموع الفتاوى).
وقال أيضًا: "فالظالم لا يجوز أن يُعاوَن على الظلم، لأن الله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة من الآية:2]، وقال موسى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ}، وقال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، فلا يجوز أن يُعان أحدٌ لا وليّ أمر، ولا غيره على ما حرَّمه الله ورسوله" (انظر: منهاج السُّنة).
قلتُ: فشتّان شتّان بين ما كان عليه سلفُ الأمّة الأكابر في معاملة الجائرين والظالمين، وما عليه مرجئة اليومَ..!
ناهيك عن كون الجائر على عهد السلف كان مُقيمًا للشريعة والجهاد، حاميًا للثغور والبلاد، قائمًا بأمر المسلمين في غالب حاله، بخلاف طواغيت اليوم، الذين تعدّوا حدود الظلم والطغيان، إلى تبديل شريعة الرحمن، وجعلوا من المسلمين ودينهم كلأً مباحًا للكافرين والمنافقين هنا وهناك..
ومع ذلك: تجد من هؤلاء المُدّعين للعلم والدّين من يؤيّدهم، ويَنحاز إليهم، بل ويدعوهم جهارًا نهارًا إلى سفك الدماء المعصومة، وانتهاك الحُرمات المَصونة، فلا شكّ أنهم بإعانتهم أجرَم ووِزْرهم سواء وعاقبتهم أطمّ، ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١