قمْ فاثنِ لي فوق الوهاد وسادي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قمْ فاثنِ لي فوق الوهاد وسادي | فالآنَ طابَ بفيَّ طعمُ رُقادي |
قد شردتْ نصبي وأيني راحتي | و استبدلتْ عيني الكرى بسهادِ |
و إذا رعيتَ ليَ اإخاءَ فهنني | ببلوغِ أوطاري ونَيلِ مُرادي |
للهِ يومٌ ملتُ فيه على المُنى | وثني الزمانُ إلى السرورِ قيادي |
و حذرتُ دهري من أمورٍ جمة ٍ | فأناخَ فيه الأمنُ وسْطَ فؤادي |
نفَحتْ أميرَ المؤمنين عطيّة ٌ | غرّاءُ من وافي العطاءِ جوادِ |
جبلٌ من الأَجبال، إلاّ أنّه | عند الورى ولدٌ من الأولادِ |
والسَّيفُ أنتَ ولم يكُن مَن سَلَّهُ | فينا ليتركه بغير نجادِ |
و الغابُ أهيبُ ما يكون إذا ثوتْ | أشبالُه فيه معَ الآسادِ |
و الطعنُ في الأرماحِ يعوزُ في الوغى | لولا الأسنة ُ في رؤس صعادِ |
والنَّصلُ لولا حدُّه وغِرارُه | ما كنتَ حاملَه ليومِ جِلادِ |
قالوا: أتَى وَلَدٌ. فقلتُ: صَدَقْتُمُ | لكنه عضدٌ من الأعضادِ |
إنْ كان مهدٍ رضيعاً " نومة ً " | فغداً يكون على ذُرا الأعوادِ |
وتراهُ إمّا فوقَ صَهْوة ِ منبرٍ | يَعِظُ الورى أو في قَطاة ِ جَوادِ |
ما ضَرّهُ من قبلِ سلٍّ غِمْدَهُ | أنَّ السُّيوفَ تُسَلُّ من أغمادِ |
و البدرُ يطويه السرارُ وتارة ً | هو بارزٌ وسطَ الكواكبِ بادِ |
حيا الإلهُ صباحَ يومٍ زارنا | فيه وحيا ليلة َ الميلادِِ |
ريانُ من ظفرٍ ونيلِ إرادة | ملآنَ بالإسعافِ والإسعادِ |
فَلَنِعْمَ عهداً عهدُه وأوانُهُ | سقّاهُ ربّي صوبَ كلِّ عِهادِ |
لو أنصف القومُ الألى لم ينصفوا | جَعلوا به عيداً منَ الأعيادِ |
يا خيرَ من حنتْ إليه سريرتي | طُرّاً ومَن حنَّتْ إليهِ جيادي |
وابنَ الَّذي طالَ الخلائقَ كلَّهمْ | فضلاً وإن كانوا على الأطوادِ |
ما إن رأيتَ ولا ترى شبهاً له | أبداً من الزهاد والعبادِ |
روَّى بصائرَهُ تُقًى ويمينُهُ | جلَّتْ عنِ الشَّهَواتِ وهْيَ صَوادِ |
فكأنَّه لخشوعه ـ ولباسُه | حللُ الخلائفِ - مرتدٍ بنحادِ |
ذَخروا النُّضارَ لهمْ ولم تكُ ذاخراً | إلاّ ثوابَ لهاً وشكرَ أيادِ |
أنا ذلك المحضُ الذي جربتمُ | أبداً أوالي فيكمُ وأعادي |
وإذا بلغتُكُمُ عَقرتُ ركائبي | و نقضتُ من حذرِ النوى أقتادي |
ما إِنْ أُبالي بعدَ قُربي منكُمُ | أنْ كان مِن كلِّ الأنام بُعادي |
و إذا نصحتُ لكمْ فما ألوي على | ما شفَّني أو فَتَّ في أعضادي |
إِنِّي لراضٍ بالسِّفالِ وأنتُمُ الْ | مُعْلونَ لي ولقد علتْ أجدادي |
أبوابُكمْ كرماً وجوداً فائضاً | عطنُ الوفودِ وغاية ُ القصادِ |
ما إنْ يُرى إلاّ عليها وحدَها | وفدُ الورى وتزاحمُ الورادِ |
حوشيتُ أن أعني بغير دياركم | أو أنْ أجرَّ بغيرها أبرادي |
و إذا رشادي كان بينكمُ فما | أبغي إذا خُيِّرتُ غيرَ رشادي |
وكأنَّني ضَوَّعتُ نَشرَ لَطيمة ٍ | لما سننتُ مديحكمْ في النادي |
ما كان لولا أنكمْ قدمتمْ | منٌّ لمخلوقٍ على أكتادي |
أنا في جواركمُ بأنعمِ عيشة ٍ | وَ أجلَّ منزلة ٍ وأخصبِ نادِ |
راضٍ بأنْ نفسي فدتك وما حوتْ | كفايَ لي من طارفٍ وتلادِ |
وإذا الزَّمانُ نَبا بِنا عن مطلبٍ | وغطا بياضَ طماعِنا بسوادِ |
قمنا فنلنا ما نشاء من العلا | بالقائم الماضي الشَّبا والآدي |
شائي الكرامِ بفضلهِ في نفسه | طوراً وبالآباء والأجدادِ |
ما كان إلاّ في السماءِ وما ارتقى | قُلَلَ المعالي في بطونِ وِهادِ |
لا تعتمدْ إلاّ عليَّ لخدمة ٍ | إِنّي وَجَدِّك خيرُ كلِّ عمادِ |
ومتى انْتقَدتَ فلن ترى ليَ مُشْبهاً | في خدمة ٍ يا أخبرَ النُّقَّادِ |
و إذا أردتَ عظيمة ً فاعتفْ بمنْ | ما دبّ فيه على العظيم تمادِ |
عَجِلٍ إلى داعي الصَّريخ كأنَّهُ | متوقعٌ أبداً نداءَ مُنادِ |
أنا منكمُ نسباً ووداً صادقاً | أبداً أراوحُ حفظه وأغادي |
أَجدى على القُربى إليَّ تقرُّبي | و أحبُّ من نسبي إليَّ ودادي |
يا أيها المتحكمون على الورى | بالعدلِ في الإصدارِ والإيرادِ |
حسبي الذي أوتيته من حبكمْ | وولائكمْ ذُخراً ليومِ مَعادي |
إنْ كنتمُ قللتمُ ليَ بينكمْ | شِبْهاً فقد كثَّرتُمُ حُسَّادي |
للهِ دَرُّكَ في مُقامٍ ضَيِّقٍ | حرَّ الردى متلهبِ الإيقادِ |
و كأنما الأقدامُ فيه تقلقلا | وطئتْ على الرمضاءِ شوكَ قتادِ |
والسَّيفُ يرتع في يديك منَ العِدى | بالضَّربِ بينَ ترائبٍ وهَوادِ |
و الرمحُ يهتكِ كلَّ ثغرة ِ باسلٍ | طعناً ويشربُ من دمِ الأكبادِ |
و إذا أسال من الكميّ نجيعه | غبَّ الطعانِ أسالَ كالفرصادِ |
و الخيلُ يستلبُ الطعانُ جلودها | فكأنها خلقتْ بلا أجلادِ |
حتّى وَفَتْ لك نَجدة ٌ ألبستَها | في النَّاكثينَ الوعدَ بالإيعادِ |
و قضتْ لدين الله كفك حقه | وبلغْتَ للإسلامِ كلَّ مُرادِ |
فاسمعْ مديحاً لم تَشِنْهُ مَينَة ٌ | تَسْري قوافيهِ بكلِّ بلادِ |
قطاعَ كلَّ ثنية ٍ وتنوفة ٍ | طَلاّعَ كلِّ عَليَّة ٍ ونِجادِ |
زينتْ به الأغراضُ فهو كأنه | وَشْيُ الجسومِ وحِلية ُ الأجسادِ |
رِفْدي عليه حسنُ رأيك إنَّني | راضٍ به من سائر الأرفادِ |
لا عيبَ فيه غيرَ أنْ لم يستمعْ | من منطقي ويزفه إنشادي |