أرشيف الشعر العربي

هل الدارُ تدري ما أثارتْ من الوجدِ

هل الدارُ تدري ما أثارتْ من الوجدِ

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
هل الدارُ تدري ما أثارتْ من الوجدِ عشية عنتْ للنواظرِ من بعدِ ؟
بكيتُ ولولا نظرة ٌ بمحجَّرٍ إلى الدّارِ لم تجرِ الدّموعُ على خدِّي
أيا صاحِ لولا أنّ دمعيَ لم " يطحْ " وقد لاحَ رسمُ الحيِّ لم تدرِ ما عندي
كتمتُك وجدي طولَ ما أنتَ صاحبي فنادتْ دموعُ العين مني على وجدي
ولمّا أقرَّ الدَّمعُ بانَ لكَ الهوَى فلم يُغنِ إنكاري الغرامَ ولا جَحْدي
تذكَّرتُ نجداً بعد ما غُرتُ مَوْهِناً و أين امرءٌ بالغورِ من ساكني نجدِ ؟
وأذكرني شبهَ القضيبِ ونحنُ في ظهور مطايانا - قضيبٌ من الرندِ
ومُعْتجراتٍ بالجمال كأنَّما بسمنَ إذا يبسمن عن لؤلؤِ العقدِ
لهنَّ صباحٌ من وجوهٍ مُنيرة ٍ تخلَّلها ليلٌ من الفاحِمِ الجَعْدِ
غلبن على ودي ولولا محاسنٌ جَلَوْنَ علينا ما غَلبْنَ على ودِّي
وشرخِ شَبابٍ كنتُ أحقرُ فضلَهُ - إلى أن مضى - والضدُّ يعرف بالضدَّ
أمنتُ به بين الغواني وظلهُ عليَّ مقيمٌ من بعادٍ ومن صَدِّ
وقد قلتُ لمّا ضقتُ ذَرعاً بخُطّة ٍ شموسِ القرا : أين الوزير أبو سعدِ ؟
فتًى كانَ دِرعي يومَ تحصِبُني العِدَى و يوم ضرابي للطلي موضعَ الزندِ
وما جئتُه والرشدُ عنِّي بمعزِلٍ فأطلعني إلاّ على ذِرْوَة ِ الرُّشْدِ
و كم لك فيما بيننا من مواقفٍ تسلَّمتَ فيها رِبْقَة َ الحمدِ والمجدِ
فبالسَّيفِ طَوراً تولجُ النَّاسَ للهُدَى وطَوراً بأسبابِ التكرُّم والرِّفدِ
وأنتَ حميتَ الملكَ مِن كلِّ طالعٍ عليهِ كما تُحمَى العرينة ُ بالأسْدِ
على كلّ مطواعٍ إذا سمتهَ " ردي " وإنْ لم تسُمْه جَرْيَه فهو لا يردي
كأنك منه فوق غاربِ عاصفٍ منَ الرّيحِ أو في ظهرِ هَيْقٍ من الرُّبْدِ
وما لسَفاهٍ بلْ لفَرْطِ شَجاعة ٍ نزعتَ جلابيبَ المضاعفة ِ السَّرْدِ
كأنك من بأسٍ لبستَ قميصه لدَى الرَّوعِ في حَشْدٍ وما أنتَ في حَشْدِ
و ما لكَ في هزلٍ معاجٌ وإنما أتيتَ كما يؤتى الرجال من الجدَّ
ولم يُبْقِ حِلمٌ أنتَ مالكُ رِقِّهِ بقلبك بعدَ الصَّفح شيئاً منَ الحِقدِ
فيا نازحاً عني وماليَ بعده على جَوْرِ أيّامٍ إذا جُرنَ من مُعْدِ
أما آنَ للقربِ الّذي كانَ بيننا فولَّى حَميداً أنْ يُدالَ منَ البُعدِ؟
ولم تكُ دارٌ أنتَ فيها بعيدة ً ولكنَّني بالعذرِ في حَلَقِ القِدِّ
و ما أنا إلاّ شائرٌ كلَّ طرقة ٍ إليكَ على عُرْيِ المطهَّمَة ِ الجُرْدِ
فكم وطنٍ بالوُدِّ مِنِّي سَكنتُه وإنْ لم أُجرِّرْ في جوانبِهِ بُرْدي
بقلبيَ كلمٌ من فراقك مؤلمٌ وكم بالفتَى كَلْمٌ وما حَزَّ بالجِلدِ
و دمعي على ما فاتني منك قاطرٌ كأنيَ دون الناسِ فارقتني وحدي
سَقى اللهُ أيّاماً مَضَين وأنتَ بي حفيٌّ قريبُ الملتقى سبلُ الرعدِ
لهنَّ بقلبي عبقة ٌ أرجية ٌ تبرحُ بالنفحاتِ من عنبرِ الهندِ
وقد حالَ فينا كلُّ شيءٍ عَهدتُه فلم يبقَ محفوظاً عليك سوى عهدي
و لولا هناة ٌ كنتُ أقربَ منزلاً وما كلُّ سِرٍّ في جوانحنا نُبدي
فإنْ تنأَ فالعيوقُ ناءٍ وإنْ تغبْ فقد غابَ عنّا بُرهة ً كوكبُ السَّعدِ
و لا خير في وادٍ وأنت بغيرهِ و ما العيشُ مطلولاً خلافك بالرغدِ
و إنيَ مغمودٌ وإنْ كنتُ باتراً و لا بدّ يوماً أن أجردَ من غمدي
فإنْ كنتَ يوماً لستَ تَرضَى ضَريبة ً فإنك ترضى بالضريبة ِ عن حدي
لَحا اللهُ أبناءَ الزَّمانِ فإنَّهمْ بِتَيْهاءَ لا تَدْنو ضلالاً عنِ القَصدِ
و لم يرَ إلاّ الهزلُ ينفقُ عندهمْ فمن يشتري مني إذا بعتهُ جدي ؟
و مختلطاً فيه الذوائبُ كالشوى وحُرُّهُم مِن لُبسة ِ الذُلِّ كالعبدِ
و كم فيهمُ للجهلِ ميتٌ وربما يموتُ امرؤٌ لم يطوِهِ القومُ في اللَّحْدِ
فيا ليتَ أدواءَ الزَّمانِ التي عَصَتْ وأعْيَتْ على كلِّ المُداواة ِ لا تُعدي
وليسَ وفاءٌ للجميل بموعدٍ لَدَيَّ ويأتيني القبيحُ بلا وَعْدِ
و كم لك عندي من حقوقٍ كثيرة ٍ أنفنَ على حصري وأعيابها عدي
فإنْ فتنَ حمدي كثرة ً وزيادة ً فلّلهِ دَرُّ الفائتاتِ مَدى حَمْدي
و إني لمهدٍ كلَّ يومٍ قصيدة ٍ إليكَ وما يُهدي الأنامُ كما أُهدي
يسير بها عني الرواة ُ وإنها لتَخدي وما تخدي الرُّواة ُ كما تخدي
من الكلمِ الباقي على الدهرِ خالداً وكم كَلِم لم يُؤتَ شيئاً منَ الخُلدِ
هو الماءُ طوراً رقة ً وسلاسة ً وطوراً إذا ما شئتَ كالحجرِ الصَّلْدِ
و ما قدَّ إلاّ من قلوبٍ أديمهُ فليسَ له فيهنَّ شيءٌ منَ الرَّدِّ
فخذه رسولاً نائباً عن زيارتي فإنّ قصيدي فيك أنفعُ من قصدي
و دمْ لجلالٍ لستَ فيه مشاركاً وبذلِ النَّدى في النّاسِ والحلِّ والعَقدِ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الشريف المرتضى) .

أنجدْ إذا شئتَ في الأرزاق أو أغرِ

إنَّ العقيقَ يزيدني خَبَلا

يا دارُ دارَ الصّومِ القوّمِ

يا خيرَ بادٍ في الأنامِ وحاضرِ

وثقتُ بكمْ حتى خجلتُ وكم جنتْ


ساهم - قرآن ٢