دع الهوى يتبعه الأخرقُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
دع الهوى يتبعه الأخرقُ | لا صبوة َ اليومَ ولا معشقُ |
ولا دموعٌ خَلْفَ مُستوفِزٍ | تجرى ولا قلبٌ له يخفقُ |
ولو دَرى أهلُ الهوى بالَّذي | جنى الهوى من قبل لم يعشقوا |
ياجملُ لا أبصرنى بعدها | أرنوا إليه وجهكِ المشرقُ |
لو لم أُعرِّضْ للهوَى مُهجتي | ما كان قلبى بالهوى يسرقُ |
لا فرعُكِ الفاحمُ يقتادني | ولا اطّبانى غصنك المورقُ |
كنت أسيراً بالهوى عانياً | فالآنَ قلبي من هوى ً مطلقُ |
سلوانُ تجتاز به دائباً | روائحُ الحبِّ فلا يعبقُ |
فمنْ يكن من حبّكمْ مثرياً | فإنَّني من بينهمْ مُمْلِقُ |
لا طرقَ الطّيفُ الذى كان منْ | أكبرِ همِّي أنَّه يطرُقُ |
حَدَّثَ قلبي وهْوَ طوعُ الهوَى | محدّثٌ بالّليل لا يصدقُ |
وكيفَ لولا أنَّه باطلٌ | يسرى ولا سارتْ به الأينقُ ؟ |
زار وما زار سوى ذكرهِ | وبيننا داوِيَّة ٌ سَمْلَقُ |
غرّاءُ لا يُمسي بأرجائها | إلاّ ظليمٌ خلفه نقنقُ |
لولا مَطِيٍّ كسفينٍ بها | لكان من يركبها يفرقُ |
من عاذرى من زمنٍ كلّما | طلبتُ منه راحة ً أَخفِقُ |
يخصُّ بالضّرَّاءِ أحرارَه | ويرزقُ السّرّاءَ من يرزقُ |
صحبته أعوجَ لا ينثنى | ومُعجلاً بالشَّرِّ لا يرفُقُ |
طوراً هو الموسعُ أقطاره | وتارة ً أخرى هو الضيّقُ |
لو أنّنى أنفقُ عرضى به | كنتُ عليه أبداً أَنفُقُ |
عزّ الفتى يكظمُ حاجاتهِ | والنّاسُ مُسْتثرٍ ومسترزقُ |
فما يبالى حاقرٌ للمنى | جيدَ اللّوى أم سقى َ الأبرقُ |
وكلّما هوّم فى سبسبٍ | وَسَّدَهُ السَّاعدُ والمِرفقُ |
عرضٌ جديدٌ لا ينال البلى | منه وثوبٌ مُنهَجٌ مُخلَقُ |
وربّما نال الفتى وادعاً | مالم ينله المزعجُ المقلقُ |
ودون نيلِ المرءِ أوطاره | فتقٌ على الأيّامِ لا يرتقُ |
وكلُّ شىء ٍ راقبا حسنهُ | فهوَ سرابٌ فى الضحى يبرقُ |
وحبُّ هذى الدّارِ خوّانة ً | داءٌ دوى ٌّ ماله مفرقُ |
أين الألى حلّو قلالَ العلا | فمزّقوا من بعد أن مزّقوا ؟ |
كأنَّهمْ من بعدِ أن غرَّبوا | لم يطلعوا قط ولم يشرقوا |
داسوا بأقدامهمُ شمّخاً | تُرامُ بالأيدي ولا تُلْحَقُ |
وكلَّ نجمٍ بالدّجى ساطعٍ | يرميه نحو المغربِ المشرقُ |
كأنَّه من قَبَسٍ جُذوَة ً | أو عن لهيبٍ خلفَهُ يُفتَقُ |
كم أَوضعوا في طُرُقاتِ العُلا | وحلّقوا في العزِّ إذْ حلَّقوا |
حتّى إذا حانَ بلوغُ المَدَى | قِيدوا إلى المكروهِ أو سُوِّقوا |
طاحوا إلى الموتِ وكم طائحٍ | لم يُغنِ عنه حَذِرٌ مُشفِقُ |
نحن أناسٌ لطلابِ العلا | نُخُبُّ في الأيّامِ أو نَعْتِقُ |
ما خلق الله لنا مشبهاً | في غابر الدّهرِ ولا يخلُقُ |
كم رامَ أن يصعدَ أطوادَنا | بواذخاً قومٌ فلم يرتقوا |
أو يَلحقوا ما امتدَّ من شَأْوِنا | في طلبِ العزِّ فلم يَلحقوا |
قد قلت للقوم وكم طامعٍ | يُصبِحُ بالباطل أو يغبُقُ |
أين من البوغاءِ أسماكنا | ومن ثمادٍ بحرنا المفهقُ ؟ |
فى الغاب والغابُ مجازٌ لكمْ | ليثٌ بلا عذرِ الكرى يُطرِقُ |
في كفِّه مثلُ حِدادِ المُدَى | يفرى بها الجلدَ ولا تخلقُ |
يغتال طولَ البعد إرقاله | فمنجدٌ إنْ شاء أو معرقُ |
فكم صريعٍ عنده للرّدى | وكم نجيعٍ حوله يُهْرَقُ |
كأنّما خيطَ على غَضْبة ٍ | فهْوَ مغيظٌ أبداً مُحنَقُ |
خلّوا التي سكّانُها معشرٌ | هُمُ بها من غيرهمْ ألْيَقُ |
قناتُهمْ في المجدِ لا تُرتَقَى | وجردهمْ فى الجود لاتسبقُ |
قومٌ إذا ما سَنحوا في الوغَى | سالوا دماً أو قدحوا أحرقوا |
بكلِّ مشحوذِ الظُّبا أبيضٍ | وأسمرٍ يعلو به أزرقُ |
لا باسلٌ يشبهه ناكِلٌ | ولا صميمٌ مثلُه مُلْحَقُ |
ولا سواءٌ عند ذي إِرْبَة ٍ | باطنُ رجلِ المرءِ والمَفْرَقُ |
وقد زلقتمْ فى مطافٍ له | بابٌ إلى العزّ ولم يزلقوا |
وخلتُمُ أنَّ العُلا نُهْزَة ٌ | يعلقها بالكفِّ مَن يَعْلِقُ |
حتّى رأيناها بأيديكمُ | تزلُّ أو تزلقُ أو تمرقُ |
ودونَكمْ من لؤمِ أفعالكمْ | بابٌ إلى ساحاتها مغلقُ |
إنّ أناساً طلبوا حوّماً | وِرْداً شَربنا صفوَه ما سُقوا |
ليسوا منَ الفخر ولا عندَهُ | ولا لهمْ في رَبْعِه مَطْرَقُ |
إنْ سُئلوا في مَغْرَمٍ بَخَّلوا | أو جُمعوا في معركٍ فُرِّقوا |
وليس يجري أبداً في الورَى | إلاّ بما ساءَهُمُ المنطقُ |
قل لرواة ِ الشّعر : جوبوا بها | فجّاً من الإحسانِ لا يطرقُ |
كأنّها فى ربوة ٍ روضة ٌ | أو من شبابٍ ناعمٍ ريّقُ |
صينتْ عن الّلين على أنّها | غانٍ بها الإشراقُ والرّونقُ |
فكم أناسٍ بقيتْ منهمُ | محاسنُ الشِّعر وما أنْ بقوا |