أَلا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَلا هل لِما فاتَ مِن مَطلبِ | وهل عن رِدَى المرءِ من مَهرَبِ؟ |
وهل لامرىء ٍ يبتغيهِ القضا | ءُ من مُستجارٍ ومن مذهبِ؟ |
عذيرِيَ مِن حادثاتِ الزَّمانِ | أجِدُّ لهنَّ ويلعبْنَ بي |
يُثْلّمْنَ من حَنَقٍ مَرْوَتي | ويرعَيْنَ من نَهَمٍ خُلّبي |
وإمّا بَرِ؛ْنَ ففي طيّهنَّ | ما شئتَ من تعبٍ مُتعِبِ |
وإنْ هُنَّ صَفَّينَ لي مَشربًا | رجَعْنَ فرنّقْنَ لي مَشْربي |
فكم ذا أُعلّلُ "بالمُبْرِضاتِ" | وأُخدَعُ بالبارقِ الخُلَّبِ |
وأُعدى بأدواء هذا الزّمانِ | عَدْوَى المُصحِّ من المُجرَبِ |
ولو كنتُ أعجبُ من حادثٍ | عجبتُ من الحادث الأقربِ |
أتانيَ على عُدَواءِ الدّيارِ | لواذعُ من نبإٍ مُنصِبِ |
فإنّ نجيع فخار الملو | كِ سِيطَ هنالك بالأثْلَبِ |
وإنّ أُسامة َ ذا اللِّبدَتيْـ | ـنِ صُرِّعَ عن خُدَعِ الأذْؤُبِ |
غُلبتمْ بنقضِكُمُ عهدَهُ | ومن غلّبَ الغَدْرَ لم يغلِبِ |
بأيِّ يدٍ قُدتمُ غِرَّة ً | ولا تَرقبوا غيرَ وَدْقِ الحِمامِ |
وكيفَ ظفِرتُمْ وبُعدُ المنا | لِ بينكُمُ بسنا الكَوكبِ؟ |
وكيف عَلِقْتُمْ على ما بكمْ | من العَجْزِ بالحُوَّلِ القُلَّبِ |
وأينَ يمينكُمُ والعُهو | دُ تطايحن في نَفْنفٍ سَبْسَبِ |
وأصبح ملكُكُمُ بعدَه | بغير ذراعٍ ولا مَنكِبِ |
وما كنتُ أخشى على الأُفْعوا | مدى الدَّهر من حُمَة ِ العقربِ |
أمنْ بعد أن قادها نحوَكم | نَفوراً مُحَرَّمَة َ المركبِ |
وأولجها بين أبياتكمْ | وليس لها ثَمَّ مِن مرغَبِ؟ |
ودافع عنها لغير القويّ | يِ كلَّ شديدِ القُوى مُحرِبِ |
تُجازونَهُ بجزاءِ العدوِّ | وتَجْزونَه أُسْوَة َ المُذنِبِ؟ |
شآكُمْ ولكنَّ لم يَرْتَبِ | |
خذوها تَلذُّ لكمْ عاجلاً | وآجَلُها غيرُ مُسْتَعذَبِ |
ولا ترقبوا غير ودْقِ الحِما | مِ وشيكاً من العارِضِ الصَّيِّبِ |
ففي الغيبِ من ثارهِ فيكُمُ | شفاءٌ لأفئدة ٍ وُجَّبِ |
ألا غَنِّياني بقرعِ السُّيوفِ | ف فما غيرُها أبداً مُطربي |
وحُثّا عليَّ كؤوسَ النَّجيعِ | سَواءً شربتُ ولم أشربِ |
ولا تَمْطُلا ثارَهُ إنّه | فتى ً حرّم المَطْلَ في مَطلبِ |
كأنّي بها كجبالِ الحجا | زِ يُقبلنَ أو قِطَعِ الغَيْهَبِ |
عليهنَّ كلُّ شُجاعِ الجَنانِ | إذا رُهبَ الهولُ لم يَرهَبِ |
لأسيافهم في رءوس الكُما | مُصمَّمة ُ القُضُب اللُّهَّبِ |
ولمّا مرَرْنا على رَبْعِهِ | خرابِ الأنيسِ ولم يَخرِبِ |
تبدّل بعد عجيج الوفو | بحاجاتِهم صَرَّة َ الجُندُبِ |
ومن سابغاتٍ ملأن الفِناءَ | من القَزّ أردية العنكبِ |
بكينا على غَفَلاتٍ بِهِ | سُرِقْنَ وعيشٍ مضَى طيِّبِ |
وقلنا لما كان صعبَ المَذالِ | من سَبَلِ العين لا تَصْعبِ |
أيا دارُ كيف لبستِ العَفاءَ | وماءُ النَّضارة ِ لم ينضُبِ؟ |
وكيف نَسيتِ الذي كان فيكِ | منَ العزِّ والكرمِ الأرحبِ؟ |
وكيف خلوتِ من القاطنين | وغربانُ بينك لم يَنعَبِ؟ |
وأينَ مكامنُ ذاك الشجاعِ | ومريضة ُ الأسدِ الأغلبِ؟ |
وأينَ مواقفُ وِلْدانِهِ | ومُزدَحَمِ الجُندِ في الموكبِ؟ |
ومَجرى سوابَقِهِ كالصُّقورِ | جلبنَ صباحًا على مَرْقَبِ |
أيمضي وأسيافُهُ ما فَتِئـ | ـنَ بالضَّرب والسُّمْرُ لم تُخضَبِ؟ |
ولم تُعجل الخيلُ مذعورة ً | إلى مَرغبٍ وإلى مَرْهبِ؟ |
ولم يُستلبْ بالرّماح الطّوا | لِ في الرّوع واسطة ُ المِقْنَبِ |
ولو علم السيف لمّا علا | كَ حالَ كليلاً بلا مَضرِبِ |
وبُدّل من ساعدٍ هزّه | لحتفك بالسّاعد الأعضبِ |
تَعامَه قومٌ سَقَوك الحِمامَ | فما فيهُمُ عنك مِن مُعرِب |
فلو عَن رَداكَ سألناهُمُ | أحالَ الحضور على الغُيَّبِ |
ألِفْتَ التكَرُّمَ حتَّى غفلـ | ـتَ عن جانبِ الحاسدِ المُجلِب |
ولم تَعتد المنعَ للطّالبين | فجدْتَ بنفسك للطُّلَّبِ |
فإن تكُ يا واحداً في الزّمانِ | ذهبتَ ففضلُك لم يَذهبِ |
وإنْ حجّبوك بنسْجِ الصّفيحِ | فغرُّ مساعيك لم يُحجَبِ |
سلامٌ عليك وإن كنتَ ما | سلمتَ من الزّمن الأخيبِ |
وواهًا لأيّامك المَاضياتِ | مُضِيَّ السَّحابة ِ عن مُجدبِ |
فما بِنْتَ إلاّ كبين الحياة ِ | وشرخِ الشّبابِ عن الأشيبِ |
ولا خير بعدك في الطيّباتِ | فما العيشُ بعدك بالطيِّبِ |
حرامٌ عليّ اكتسابُ الإخاءِ | فمثلَ إخائك لم أكسِبِ |
ولستَ ترانيَ فيمنّ ترا | هُ إلاّ على نجوَة ِ الأجْنَبِ |
ولستُ بهِ طالبًا غيرَهُ | فقِدْمًا وجدتُ ولم أطلُبِ |