أرشيف المقالات

تفسير الربع الثاني من سورة البقرة بأسلوب بسيط

مدة قراءة المادة : 10 دقائق .
سلسلة كيف نفهم القرآن؟ [1]
تفسير الربع الثاني من سورة البقرة بأسلوب بسيط

• الآية 26، والآية 27: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي﴾ - مِن أجل إظهار الحق - ﴿أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا﴾ قَلَّ أو كَثُر، ولو كان ﴿بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾: يعني ولو كانَ تمثيلاً بأصغر شيء، كالبعوضة والذباب ونحو ذلك، مِمَّا ضربهُ اللهُ مَثلاً لِإظهار عَجْز كل ما يُعْبَد مِن دونِه، ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ أي يَعلمون حِكمة اللهِ تعالى في ذلك فيزدادوا بهِ إيماناً.

﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ﴾ على سبيل السُخرية: ﴿مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا﴾: يعني ماذا أراد اللهُ مِن ضَرْب المَثَل بهذه الحشرات؟، ويُجيبهم سبحانهُ بأنّ المُراد مِن ضرْب هذه الأمثال هو تمييز المؤمن من الكافر، فلذلك أخبر بأنه ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ أي يَصرف بهذا المَثَل كثيراً من الناس عن الحق لِسُخريتهم منه، ويُوَفِق به غيرهم إلى مَزيد من الإيمان والهداية، ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾: يعني واللهُ تعالى لا يَظلم أحدًا، لأنه لا يَصْرِف عن الحق إلا الخارجين عن طاعته.

♦ وهؤلاء الفاسقون هم ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ أي مِن بعد عَهْدِهِ الذي أخَذَهُ عليهم بتوحيدهِ وَهُم في ظَهر أبيهم آدم ﴿وقد أكَّدَ سبحانه هذا العهد بإرسال الرُسُل وإنزال الكُتب﴾، ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ كقطع الأرحام، ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ بالكُفر والمعاصي وغير ذلك من أنواع الفساد ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ في الدنيا والآخرة.

• الآية 28: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾: يعني كيف تُنكِرون - أيُّها المشركون - وحدانية اللهِ تعالى رغم الدليل القاطع عليها في أنفسكم؟ فلقد كنتم أمواتًا - وأنتم في العَدم - فأوجدكم سبحانه ونَفَخَ فيكم الحياة، ﴿ثُمَّ يُمِيتُكُمْ﴾ بعد انقضاء آجالكم التي حَدَّدَها لكم، ﴿ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ يوم البَعث، ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ للحساب والجزاء.

الآية 29: ﴿هُوَ﴾ سبحانه ﴿الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ مِن النِّعم التي تنتفعون بها، ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾: أي قصد إلى خلق السماوات ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ﴾ ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ فعِلْمُه سبحانه مُحيطٌ بجميعِ ما خلق.


• الآية 30: ﴿ وَإِذْ ﴾: أي واذكر حين ﴿ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خليفة ﴾: أي قومًا يَخلُفُ بعضُهم بعضًا لعمارة الأرض، ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾: (أي نُنَزِّهُكَ التنزيه اللائق بحمدك وجلالك، ﴿ وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾: أي ونُمَجِّدك بكل صفات الكمال والجلال، ﴿ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

• الآية 31: (﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾: أي أسماء المَوجودات كلها، ﴿ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ في أنكم أَوْلى بالاستخلاف في الأرض منهم).

الآية 32: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ﴾ أي نُنَزِّهُك يا ربَّنا عما لا يَليقُ بك، وإنه ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ﴾ بشئون خَلْقك، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيرك وصُنعِكَ، تَضَع الأشياءَ في مَواضعها.

الآية 33: ﴿قَالَ﴾ اللهُ تعالى: ﴿ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ أي بأسماء هذه الأشياء التي عَجَزوا عن مَعرفتها، ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ﴾ آدم ﴿بِأَسْمَائِهِمْ﴾ ﴿قَالَ﴾ اللهُ للملائكة: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أي ما خَفِيَ عنكم في السماوات والأرض، ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾: أي وأعلم ما تُظهِرونه، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ في صدوركم مِن أنكم أوْلَى مِن آدم بالاستخلاف في الأرض؟ إذاً فَسَلِّموا لأمْري وارضوا بحُكمي وقضائي، لأني أعلم ما لا تعلمون.

الآية 34: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ﴾ أي واذكر - أيها الرسول - حين قال اللهُ للملائكة: ﴿اسْجُدُوا لِآَدَمَ﴾ إكرامًا له وإظهارًا لفضله، ﴿فَسَجَدُوا﴾ جميعًا ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ الذي كان يَعبُدُ اللهَ معهم ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾: أي امتنع عن السجود تكَبُّرًا وحسدًا، ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ أي فصارَ بذلك من الجاحدين باللهِ تعالى، العاصينَ لأمره.

• الآية 35: (﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾: أي وتمتعا بثمارها تمتعًا هنيئًا واسعًا في أي مكانٍ تشاءان فيها، ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾).

• الآية 36: (﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا ﴾: أي فأوقعهما الشيطان في الخطيئة فأبعدهما عن الجنة،﴿ فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾: أي (آدم وحواء) يُعادون الشيطان، والشيطان يُعادِيهِما، ﴿ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ﴾: أي وانتفاعٌ بما في الأرض إلى وقت انتهاء آجالكم).

• الآية 37: (﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ﴾ ألهَمَهُ اللهُ إياها توبةً واستغفارًا، وهي قوله تعالى: (ربَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِن الخَاسِرِينَ)، ﴿ فَتَابَ عَلَيْهِ ﴾: أي فقبِلَ توبته وَغفرَ له ذنبه، ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾).

• الآية 38: (﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى ﴾: أي وسيأتيكم أنتم وذرياتكم المتعاقبة ما فيه هدايتكم إلى الحق، ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ فيما يستقبلونه مِن أمر الآخرة،﴿ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم من أمور الدنيا).

الآية 39:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بأدلة توحيدنا ﴿وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا﴾ الواضحة ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ أي الذين يُلازِمونالنار ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

• الآية 40: (﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾: - وإسرائيل هو يعقوب عليه السلام - ﴿ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾: وهذا العهد الذي أخذه اللهُ عليهم هو المذكور في قوله تعالى: ﴿ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [المائدة: 12]، ﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾: أي وإيَّايَ - وحدي - فخافوني، واحذروا نقمتي إن نقضتم العهد).

• الآية 41: (﴿ وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ ﴾ - وهو القرآن -﴿ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ ﴾: أي مُوافِقًا لما تعلمونه من صحيح التوراة، ﴿ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ﴾ من أهل الكتاب، ﴿ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ﴾: أي ولا تستبدلوا بآياتي ﴿ ثَمَنًا قَلِيلًا ﴾ مِن مَتاع الدنيا، ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾).

• الآية 42: (﴿ وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ ﴾: أي ولا تخلِطوا الحق الذي بيَّنتُهُ لكم بالباطل الذي افتريتموه، ﴿ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ ﴾: أي ولا تكتموا الحق الصريح من صفة نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم التي في كتبكم، ﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ أنها موجودة في الكتب التي بأيديكم).

• الآية 43: (﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوامَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾: أي وادخلوا في دين الإسلام: بأن تقيموا الصلاة على الوجه الصحيح، كما جاء بها نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وتؤدوا الزكاة المفروضة على الوجه المشروع، وتكونوا مع الراكعين مِن أُمَتِهِ صلى الله عليه وسلم).


[1] وهي سلسلة تفسير للآيات التي يَصعُبُ فهمُها في القرآن الكريم بأسلوب بسيط جداً، وهي مختصَرة من كتاب: التفسير المُيَسَّر (بإشراف التركي)، وأيضاً من تفسير السَعدي)
(بتصرف)، عِلماً بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو شرحُ الكلمة الصعبة في الآية.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢