عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عجبتُ لقلبي كيفَ يَصْبو ويَكلَفُ | وبردُ شبابى بالمشيب مفوّفُ ؟ |
أحِنُّ إلى مَن لا يَحنُّ وليتَه | " لمنْ كان محنوناً محبّيهِ " يعرفُ |
يباعدُني عن كلِّ ماكنتُ أرتجي | ويُوسِعُني من كلِّ ما أتخوَّفُ |
ويُمطلُني بالوعدِ منهُ وإنَّما | يماطلُ بالميعادِ مَن ليس يُخلِفُ |
ويُصبحُ منِّي ساكنَ القلب والحَشا | وفى كلّ يومٍ منه قلبى َ يرجفُ |
وقد كنتُ أغريتُ الهوى يوم " غرّبوا " | فعاد به " داعٍ " على الغصنِ يهتفُ |
ينوح وقلبى للهوى دون قلبه | وعينيَ دمعاً دون عينيهِ تذرِفُ |
ألا قاتل اللهُ الهوى فطلابهُ | متاعٌ من الدّنيا قليلٌ وزخرفُ |
يرومُ الرِّضا مَن لا يدومُ على الرِّضا | ويطلب فيه النّصفَ من ليس ينصفُ |
أقولُ لمرتاحٍ إلى الفضلِ والعُلا | يخُبُّ على ظهرِ المطيِّ ويوجِفُ |
أنِخْ في ذُرا الشيخ الرئيسِ فإِنَّما | إلى مثله فى المجد كنتَ تشوّ فُ |
إلى الغمرِ معروفاً وعلماً وسؤدداً | وبأساً إذا هاب الرّجالُ ووقّفوا |
خلفتُ بما لفَّ الحَطيمُ وزَمْزَمٌ | وما ضمّهُ خيفا منًى والمعرّفُ |
وشعثٍ أتوا عارين من كلّ " لبسة ٍ " | فعاذوا بأركان الإلهِ وطوَّفوا |
لَهَنُّكَ أوْلانا بكلِّ فضيلة ٍ | وأعشقُ للمعروفِ فينا وأشعفُ |
وأنّكَ لمّا أنْ جرى النّاسُ فى مدًى | " تلقّيتَ " فيه سابقاً وتخلّفوا |
فيا أيّها القرمُ الرّئيسُ ومن له | على قِمَّة ِ النَّسْرَيْنِ في العزِّ موقفُ |
ليهنكَ أنّ اللهَ " فوّقك " العدا | وقد طالعوا فيك الرّجاء وأشرفوا |
وعاد إليهمْ " ناكياً فى جلودهمْ | من الكيد ماحدّوا ظباه وأرهفوا |
ولم يغنهمْ - واللهُ حصنك منهمُ - | منَ القولِ زُورٌ لفَّقوهُ وحرَّفوا |
وودّوا وقد طاشتْ إليك سهامهمْ | بأنَّهُمُ لم يفعلوا ما تَكلَّفوا |
أَلا فاغفرِ الأجرامَ رِفقاً بأهلها | فللعفوا أولى بالكرامِ وأشرفُ |
وحتّى يقولَ النّاسُ أسرف مفضلاً | عليهمْ كما قالوا أساءوا فأسرفوا |
فللهِ ما تغضى وأصبح آمناً | غداً من تراه يومه يتخوّفُ |
فلم يُعطَ مكنونَ الضَّمائرِ بيننا | من النّاس إلاّ المنعمُ المتألّفُ |
وأمّا أبو سفيان فاشدد به يداً | ففى الكفّ منه إن تأمّلتَ مرهفُ |
أليس الّذي واساك ودّاً بنفسهِ | ولم يثنهِ عنك العدوُّ المخوّفُ |
ولمّا تعسَّفْتَ الطَّريقَ وجدْتَهُ | وراءك " منقدّاً " من النّاس يعسفُ |
ومثلُكَ مَن يولي الحقوقَ رِعاية ً | وغيرُكَ لا يَرعَى ولا يتعطَّفُ |
وإنّى ممّنْ لا يواليك رغبة ً | وأينَ منَ الرغباتِ مَن ليس يُنْطَفُ |
وقد كنت لولا أنّ فضلك باهرٌ | أصدُّ إذا ماسيمَ مدحى وأصدفُ |
فدونَكَ نَظْماً ما تكلَّفَ ناظمٌ | معانيهُ والحقُّ لا يتكلّفُ |