إياباً أيها المولى إيابا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إياباً أيها المولى إيابا | فعبدٌ إنْ أساءَ فقد أنابا |
أطاعَكَ والشَّبابُ له رِداءٌ | فكيف تراه إذ خلع الشّبابا؟ |
وكان على الهُدى حَدَثاً فَأنّى | تظنُّ به الضَّلالة َ حينَ شابا؟ |
أبَعْدَ نصيحة ٍ في الغيبِ غِشٌّ؟ | أحَوْراً بعد كَوْرٍ وانقلابا؟ |
ألا قلْ للأُلى زمّوا المطايا | وعالوها الهوادجَ والقِبابا |
وقادوا الخيلَ عارية َ الهوادي | وما أوْكَوْا من العَجَلِ العِيابا: |
خذوا منّا التحيّة واقرءوها | وإنْ لم تَسمعوا عنها جَوابا |
على ملكٍ تتزّه أن يحابِي | وأغنَتْهالمحامد أن يُحابى |
ولمّا أن تحجَّبَ بالمعالي | على أعدائهِ رفعَ الحجابا |
وقولوا للّذين رضُوا زَمانًا | فردّهم الوشاة ُ بنا غضابا |
عدَتْنا عن ديارِكُمُ العوادي | ورابَ منَ الزِّيارة ما أَرابا |
فلا جوٌّ نَشيمُ بهِ بُروقًا | ولا أرضٌ نشمّ لها ترابا |
وما كنّا نخافُ وإن جنينا | بأنَّ الهجرَ كان لنا عقابا |
أقيلونا الذّنوبَ؛ فإنَّ فيكُمْ | وعندكُمُ لمجرمكُمْ مَتابا |
ولا تَستبدعوا خطأ الموالي | فإنَّ العبدَ يُبدعُ إنْ أصابا |
بعُدْنا عنكُمُ ولنا أعادٍ | يزيدهُمُ تباعدنا اقترابا |
فَرَوْنا بالشّفارِ فما أكلّوا | لهم في فَرْيِنا ظُفْرًا ونابا |
وكنّا إذ أمنّاهُمْ علينا | رُعاة َ البَهْمِ إِذْ أمِنوا الذّئابا |
أيا ملك الملوك أصخْ لقولٍ | أُجِلُّكَ أن يكون لكمْ عتابا |
"تُسَكِّنُنِي" المهابة ُ عنه طوراً | ويؤمنني وفاؤكَ أنْ أَهابا |
ولولا أنّ حلمَك عِدلُ رَضْوى | فَرَقْتُكَ أن أُراجعك الخطابا |
خدمتُكَ حينَ أَسْلمك الأَداني | وخلّي الجارُ نُصرتنا وهابا |
وكنتُ أخوضُ فيما تَرتَضيهِ | على الأعداءِ أيّامًا صِعابا |
أخاف الموت قدّاماً وخلفاً | وأرقبُهُ مَجيئًا أو ذَهابا |
وأكرع من عدوِّك كلَّ يومٍ | وما استسقيتُه صَبراً وصابا |
وكم جذبَ السُّعاة ُ عليك ضَبْعي | فما أوسعتُهم إِلاّ جِذابا |
ألا لا تَغْبننَّ الحِلمَ رأيًا | صواباً في امرئٍ غَبِنَ الصّوابا |
وقلْ للمُجْلبين عليَّ: مهْلاً | فقد أدرَكْتُمُ فيه الطِّلابا |
أسُخطاً بعد سُخطٍ وازوراراً | ونأياً بعد نأيٍ واجتنابا؟! |
وأنتَ أَرَيْتَنا في كلِّ باغٍ | غفرتَ ذنوبه العَجَبَ العُجابا |
فم لي لا تُسوّيني بقومٍ | رَقَوْا في كيد دولتك الهضابا؟! |
ودَرَّوا بعدَ ما رشحوا فأضحَوا | وقد ملؤوا منَ الشرَّ الجِرابا |
هنيئاً يا ملوكَ بني بويهٍ | بأنّ بهاءَكُمْ ملك الرّقابا |
وحاز المُلكَ لا إرثاً ولكن | بحدِّ السيف قسْراً واغتصابا |
ولمّا أنْ عَوى بالسيفِ كَلبٌ | وجرَّ غلى ضلالته كلابا |
وظنّك لا هياً عنه ويُرمى | قَديمًا بالغَباوة ِ مَن تَغابى |
رأى لِينًا عليه فظنَّ خَيرًا | ويلقى اللّينَ من لمس الحُبابا |
دَلَفتَ إليه في عُصَب المنايا | إذا "أمّوا" طعاناً أو ضرابا |
وجوهاً في ندى ً تُلقى رقاقاً | وعند ردى ً تلاقيها صِلابا |
وأبصرَها على الأهوازِ شُعثًا | تخالُ بهنَّ من كَلَبٍ ذَآبا |
عليها كلّ أروعَ شمريٍّ | يهابُ منَ الحميَّة أنْ يَهابا |
فولَّى في رُهيطٍ كان دَهرًا | يمنّيهم فأوردهم شرابا |
وتَحْسَبُهم وقد زَحفوا لُيوثًا | فلما "أجفلوا" حسبوا ذئابا |
أعدّهمُ له صحباً فكانوا | هنالك في منيّته صِحابا |
فأصبحَ لا يَرى إلاّ ابتسامًا | وأمسى لا يرى إلاّ انتحابا |
وباتَ مُعلَّقًا في رأسِ جِذعٍ | إهابا لو تركتَ له إهابا |
وحلَّقَ شاحبَ الأَوصالِ حتّى | عُقابُ "الجوّ" تحسِبَهُ عُقابا |
تعافُ الطيرُ جيفتَه وتأبى | عراقَتَه وإن كانت " سِغابا |
وما تركَ انتقامُكَ فيه لمّا | سطوتَ به طعاماً أو شرابا |
فدُم ياتاج ملك بني بُيهٍ | تَخطَّاكَ المقادِرُ أنْ تُصابا |
ولا ملك الأنام سواك مولى ً | ولا قصدوا سوى نعماك بابا |
"وضلّتْ" نائبات الدّهر جَمْعاً | شِعابَك أن تلمّ بها شِعابا |
وطابتْ لي حياتُكَ ثمَّ طالتْ؛ | فَخيرُ العيش ما إنْ طال طابا |