أقوال السلف عن الصبر
مدة
قراءة المادة :
12 دقائق
.
أقوال السلف عن الصبر• قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أدركنا خيرَ عيشنا الصبر"؛ (الزهد لابن المبارك 1/ 222) (الدر المنثور للسيوطي:1/ 163) (أبو نعيم في الحلية:1/ 50).
يعني ما طابت الحياة إلا بالصبر، مع ما فيها من المنغصات والشدائد، فالصبر هو العمل القلبي الذي تطيب معه الحياة ولا تطيب بغيره.
وفي رواية له أنه قال رضي الله عنه: "أفضلُ عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريمًا"؛ (عدة الصابرين ص 111) (ابن أبي الدنيا في "الصبر" رقم47) (سنده ضعيف).
• وقال علي رضي الله عنه: "ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قُطع الرأس بار الجسد، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له"؛ (عدة الصابرين ص 111) (سنده ضعيف).
وقال أيضًا: "الصبر مطية لا تكبو"؛ (المصدر السابق) (سنده ضعيف).
وروي عنه رضي الله عنه أنه لما بلغه وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: "رضينا عن الله قضاه، وسلمنا له أمره، إنا لله وإنا إليه راجعون".
• وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "الصبر نصف الإيمان، والإيمان اليقين كله"؛ (المعجم الكبير للطبراني: 9/ 107) (الزهد لوكيع بن الجراح:2/ 456) (صحيح الترغيب والترهيب:3397).
وقال أيضًا: "الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر"؛ (عدة الصابرين ص 128).
• وقال الحسن رحمه الله: الصبر كنزٌ من كنوز الخير، لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده"؛ (المصدر السابق) (تسلية أهل المصائب ص151).
وقال أيضًا: "ما جرعتين أحب إلى الله من جرعة مصيبة موجعة محزنة، ردها صاحبها بحسن عزاء وصبر، وجرعة غيظ ردها بحلم"؛ (عدة الصابرين ص 114).
• وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه، فعاضه مكانها الصبر، إلا كان ما عوضه خيرًا مما انتزعه"؛ (المصدر السابق).
• مر بنا قول سفيان بن عيينة - رحمه الله - عند قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة:24]، لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسًا.
• وقال عمرو بن بكير رحمه الله:
صبرت فكان الصبر خير مغبة
وهل جزع يجدي علي فأجزع
ملكت دموع العين حتى رددتها
إلى ناظري فالعين في القلب تدمع
(عدة الصابرين ص115).
• قال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن جعفر بن مهران قال: قالت امرأة من قريش:
أما والذي لا خلد إلا لوجهه
ومن ليس في العز المنيع له كفو
لئن كان بدء الصبر مرًا مذاقه
لقد يجني من غبه الثمر الحلو
• قال عون بن عبد الله -رحمه الله -: "الخير الذي لا شر معه: الشكر مع العافية، والصبر مع المصيبة".
• قال يونس بن زيد - رحمه الله -: "سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ما منتهي الصبر؟ قال: أن يكون يوم تصيبه المصيبة، مثل قبل أن تصيبه"؛ (الدر المنثور للسيوطي:1/ 378).
• وسئل الجنيد - رحمه الله - عن الصبر، فقال: "هو تجرُّع المرارة من غير تعبُّس".
• قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - في قوله تعالى: ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: ٢٤]، قال: صبروا عما أمروا به، وصبروا عما نُهوا عنه.
• قال الثوري - رحمه الله - عن بعض أصحابه: "ثلاث من الصبر: ألا تَحدِّث بوجعك، ولا بمصيبتك، ولا تزكي نفسك"؛ (تفسير ابن كثير:3/ 489).
• قال مجاهد - رحمه الله - في قوله تعالى: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ (يوسف: 18)؛ أي في غير جزع".
• وقال حبان بن أبي جبلة - رحمه الله - وقوله: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾؛ أي لا شكوى فيه".
قال ميمون بن مهران - رحمه الله -: "الصبر صبران: فالصبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصبر عن المصيبة".
وقال أيضًا: "ما نال أحد شيئًا من ختْم الخير فما دونه إلا بالصبر".
• وقال بعضهم: "اقدعوا هذه النفوس فإنها متطلعة إلى كل سوء، فرحم الله امرأً جعل لنفسه خطامًا وزمامًا، فقادها بخطامها إلى طاعة الله، وصرفها بزمامها عن معاصي الله، فإن الصبر عن محارم الله أيسر من الصبر على عذابه".
• قال ذو النون - رحمه الله - عن الصبر: "هو التباعد عن المخالفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة"؛ (بصائر ذوي التمييز:3/ 377).
• وكان محمد بن شبرمة - رحمه الله - من الصابرين، وكان إذا نزل به بلاء قال: "سحابة صيف ثم تنقشع"؛ (عدة الصابرين ص115).
• وكان بعض العارفين في جيبه رقعة يخرجها كل وقت ينظر فيها؛ وكان مكتوب فيها:﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾؛ [الطور:48] (عدة الصابرين ص 115).
• قيل للأحنف بن قيس - رحمه الله -: ما الحلم؟ قال:" أن تصبر على ما تكره قليلًا"؛ (المصدر السابق).
• قال أحدهم: "إن الصبر لله غناء، والصبر بالله بقاء، والصبر مع الله وفاء، والصبر عن الله جفاء، والصبر على الطلب عنوان الظفر، وفي المحن عنوان الفرح".
• قال بعض الحكماء: "من لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم".
• قال الفيروز آبادي - رحمه الله -: "والصبر: هو الوقوف مع البلاءِ بُحسن الأدب، وقيل: هو الفناء في البلوى، بلا ظهور شكوى، وقيل: المقام مع البلاء بحسن الصحبة، كالمقام مع العافية"؛ (بصائر ذوي التمييز:3/ 378).
• قال الحريري - رحمه الله -: والصبر ألا تفرق بين حال النعمة وحال المحنة مع سكون الخاطر فيهما، والتصبر: السكون مع البلاء مع وجدان أثقال المحنة"؛ (المصدر السابق).
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "صُبَّ في القنديل ماء ثم صُبَّ عليه زيت، فصعد الزيت على سطح الماء، فقال الماء: أنا الذي سقيت شجرتك، فأين الأدب؟ لِمَ ترتفع عليَّ؟ فقال الزيت: لأنك بينما كنت في باطن الأرض تجري على طريق السلامة، صبرتُ أنا على العصر وطحن الرحا، وبالصبر يرتفع القدر، فقال الماء: ألا إني أنا الأصل، فقال الزيت: استُر عيبك؛ فإنك لو لامست شعلة المصباح انطفأ"؛ (المدهش ص 196).
• قال ابن القيم -رحمه الله-: سمعتُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة - قدس الله روحه ونوَّر ضريحه - مرارًا يقول: ذكر الله الصبرَ الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل، فالصبرُ الجميل الذي لا شكوى معه، والهجر الجميل الذي لا أذى معه، والصفح الجميل الذي لا عتاب معه"؛ (عدة الصابرين ص 115) (مدارج السالكين:2/ 167).
صبر يُلحقُكَ بالملائكة...
قال الإمام ابن القيم رحمه الله كما في" عدة الصابرين ص18":
"الإنسان منا إذا غلب صبره باعث الهوى والشهوة، التحق بالملائكة، وإن غلب باعث الهوى والشهوة صبره، التحق بالشياطين، وإن غلب باعث طبعه – من الأكل والشرب والجماع – صبره، التحق بالبهائم، قال قتادة: خلق الله سبحانه الملائكة عقولًا بلا شهوات، وخلق البهائم شهوات بلا عقول، وخلق الإنسان وجعل له عقلًا وشهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو مع الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو كالبهائم".
وقال أيضًا في نفس المصدر ص 49: "وأمَّا اللَّئيم فإنَّه يصبر اضطرارًا؛ فإنَّه يحوم حول ساحة الجزع، فلا يراها تُجْدِي عليه شيئًا، فيصبر صبر الموثَق للضَّرب، وأيضًا فالكريم يصبر في طاعة الرَّحمن، واللَّئيم يصبر في طاعة الشَّيطان، فاللِّئام أصبر النَّاس في طاعة أهوائهم وشهواتهم، وأقلُّ النَّاس صبرًا في طاعة ربِّهم، فيصبر على البذل في طاعة الشَّيطان أتمَّ صبرٍ، ولا يصبر على البذل في طاعة الله في أيسر شيء، ويصبر في تحمُّل المشاق لهوى نفسه في مرضاة عدوِّه، ولا يصبر على أدنى المشاق في مرضاة ربِّه، ويصبر على ما يُقَال في عرضه في المعصية، ولا يصبر على ما يُقَال في عرضه إذا أُوذِي في الله، بل يفرُّ مِن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، خشية أن يتكلَّم في عرضه في ذات الله، ويبذل عرضه في هوى نفسه ومرضاته، صابرًا على ما يُقَال فيه، وكذلك يصبر على التَّبذُّل بنفسه وجاهه في هوى نفسه ومراده، ولا يصبر على التَّبذُّل لله في مرضاته وطاعته، فهو أصبر شيء على التَّبذُّل في طاعة الشَّيطان ومراد النَّفس، وأعجز شيء عن الصَّبر على ذلك في الله، وهذا أعظم اللُّؤْم، ولا يكون صاحبه كريمًا عند الله ولا يقوم مع أهل الكَرَم إذا نُودِي بهم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ليَعلم أهل الجمع مَن أَوْلَى بالكرم.."؛ اهـ.
وقال أيضًا في" نفس المصدر ص 32: "وقيل: الصبر ثبات القلب عند موارد الاضطراب، والصبر والجزع ضدان، ولهذا يقابل أحدهما بالآخر، قال تعالى عن أهل النار: ﴿ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: ٢١] والجزع قرين العجز وشقيقه، والصبر قرين الكيس (العقل) ومادته، فلو سُئل الجزع من أبوك؟ لقال: العجز، ولو سُئل الكيس من أبوك؟ لقال: الصبر، والنفس مطية العبد التي يسير عليها إلى الجنة أو النار، والصبر لها بمنزلة الخطام والزمام للمطية، فإن لم يكُ للمطية خطام ولا زمام شردت في كل مذهب؛ اهـ.
يا صاحب الهم إن الهم منفرج
أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه
لا تيئَسن فإن الكافي الله
إذا بُليت فثق بالله وارضَ به
فإن الذي يكشف البلوى هو الله
الله يُحدث بعد العسر ميسرة
لا تَجزعن فإن الصانع الله
والله ما لك غير الله من أحدٍ
فحسبك الله في كلٍّ لك الله