قد كان طيفك مرة يغرى بي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قَدْ كَانَ طَيْفُكِ مَرّةً يُغرَى بي، | يَعتَادُ رَكْبي طارِقاً، وَرِكَابي |
فالآنَ، ما يَزْدارُ غَيرَ مَغَبّةٍ، | وَمنَ الصّدُودِ زِيَارَةُ الإغْبَابِ |
جِئْنَا نُحَيّي مِنْ أثِيلَةَ مَنْزِلاً | جُدُداً مَعَالِمُهُ، بذي الأنْصَابِ |
أدّى إليّ العَهْدَ مِنْ عِرْفَانِهِ | حتّى لَكَادَ يَرُدُّ رَجْعَ جَوَابي |
سَدِكُ النّساءِ بنا مَلامَةُ عانس | نَلحي على غَزَلٍ، وَصَدِّ كَعابِ |
مازَالَ صَرْفُ الدّهرِ يوكسُ صَفقَتي | حتّى رَهَنتُ على المَشِيبِ شَبابي |
أفَحَظَّ نَفسِي ظِلتُ أُنْقِصُ أُمْ عَلى | نَفسي، غَدَاتَئِذٍ، غَدَوْتُ أُحابي |
وَعَذَلتَني أنْ أدْرَكَتني صَبْوَةٌ | خَلُصَتْ إلى داودَ المِحرَابِ |
وَمُلَوَّمٍ في الحبّ قلتُ، وأرْسَلَتْ | عَيْنَاهُ وَاكِفَ أدْمُعٍ أسْرَابِ: |
لوْ كنتَ تُؤثِرُ بالصّبَابَةِ أهْلَها، | لَتَرَكتَ ما بكَ من جَوَاكَ لِما بي |
مَنْ مُخبِرِي بابنِ المُدَبِّرِ والوَغى | تُزْجِي أوَاخِرَ قَسطَلٍ مُنجابِ |
غَضْبَانَ تُجلى، عَن وَقائِعِ سَيفِهِ، | عَكَرَاتُ حُمسٍ في الجديدِ غِضَابِ |
خِرْقٌ تَغَيّبَ ناصرُوهُ، وأُحضرَتْ | أعداؤهُ، واليَوْمُ يَوْمُ غِلاَبِ |
آساهُ نِصْلُ السّيفِ، لا صَدرُ الفتى | حَرِجاً، ولا صَدرُ الحُسامِ بِنَابِ |
لَوْ أنّهُ استامَ النّجَاةَ لنَفْسِهِ، | وَجَدَ النّجاةَ رَخيصَةَ الأسْبَابِ |
لَوْ أسْعَدَتْهُ خَيْلُهُ لَتَتَابَعَتْ | آلافُ قَتْلى بَذّةِ الأسْلابِ |
إنّ المُشَيَّعَ لا يُبِيرُ عَدُوَّهُ، | حتّى يَكُونَ مُشَيَّعَ الأصْحَابِ |
نَصَبَتْ جَبينَكَ للسّيُوفِ حَفيظةٌ | جرت علَيكَ نَفَاسَةَ الهُرّابِ |
وأبَيْتَ إعْطَاءَ الديّنيَةِ دونَهُمْ، | إنّ الأبيّ لأنْ يُعَيَّرَ آبِ |
وَمُبينَةٍ شَهَرَ المَنَازِلَ وَسْمُهَا، | والخَيلُ تكبو في العَجاجِ الكابي |
كانتْ بوَجهكَ دونَ عِرْضِكَ إذا رأوْا | أنّ الوُجُوهَ تُصانُ بالأحسابِ |
وَلئن أُسرْتَ فما الإسارُ على امرِىءٍ، | نَصَرَ الإسَارَ على الفِرَارِ، بِعابِ |
لَوْ كانَ غيرُكَ كان مُنخزِلَ القوَى | عَمّا مضى بكَ، ضَيّقَ التِلبابِ |
نامَ المُضَلِّلُ عن سُراكَ وَلم يَخفْ | سِنَةَ الرّقيبِ، وَنَشوَةَ البَوّابِ |
وَرَأى بأنّ البابَ مَذهبُكَ الذي | يُخشَى، وَهَمُّكَ كانَ غَيرَ البابِ |
فرَكِبْتَها هَوْلاً، متى تُخْبِرْ بها | يَقُلِ الجَبَانُ: أتَيتَ غَيرَ صَوَابِ |
ما رَاعَهُمْ إلاّ امترَاقُكَ مُصْلَتاً | منْ مِثلِ بُرْدِ الأرْقَمِ المُنْسَابِ |
تَحمي أُغَيْلَمَةً، وطائشَةُ الخُطَى | تَصِلُ التّلَفّتَ خَشيَةَ الطّلاّبِ |
تَرْتَاعُ من وَهَلٍ، وتأنَسُ أن تَرَى | قَمَراً يَنُوءُ ببَاتِكٍ قَضّابِ |
شَهِدَتْهُ يَوْمَ الهِندُوانِ ولم تكن، | لتبيعه باليوم في دولاب |
ورأت جلاد محبب لم تخزه | يَوْماً، مَواقِفُهُ لدَى الأحبابِ |
قد كانَ يَوْمُ ندًى بطَوْلكَ راهنٌ | حتّى أضَفْتَ إلَيْهِ يَوْمَ ضِرَابِ |
ذِكْرٌ من البأسِ استَعَرْتَ إلى الذي | أُعطيتَ في الأخلاقِ، والآدابِ |
وَجَديدُ شُغْلٍ للقَوَافي زَائِدٍ، | فيمَا ابتَغيْتَ لها مِنَ الإسْهَابِ |
وَفَرِيضَةٌ أنْتَ استَنَنْتَ بَديئَها، | لَوْلاكَ ما كُتبَتْ على الكُتّابِ |