يا عارضا متلفعا ببروده
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
يا عَارِضاً مُتَلَفّعاً بِبُرُودِهِ، | يَختَالُ بَينَ بُرُوقِهِ وَرُعُودِهِ |
لوْ شئتَ عُدتَ بلادَ نجدٍ عَوْدَةً، | فنَزَلْتَ بَينَ عَقيقِهِ، وَزَرُودِهِ |
لتَجودَ في رَبْعٍ بمُنعَرَجِ اللّوَى، | قَفْرٍ، تَبَدّلَ وَحشُهُ من غِيدِهِ |
رَفعَ الفِرَاقُ قِبابَهمْ، فتَحمّلوا | بِفُؤادِ مُخْتَبَلِ الفُؤادِ عَميدِهِ |
وَأنا الفِداءُ لمُرْهَفٍ غَضِّ الصّبَا، | يُوهيهِ حَملُ وِشاحِهِ وَعُقُودِهِ |
قَصُرَتْ تَحِيّتُهُ، فجادَ بخَدّهِ | يَوْمَ الفراقِ لَنا، وَضَنّ بجيدِهِ |
عيبَتْ بهِ عَينُ الرّقيبِ، فلَمْ تدَعْ | مِنْ نَيْلِهِ المَطلوبِ غيرَ زَهيدِهِ |
وَلَوِ استَطاعَ لكانَ يوْمُ وِصَالِهِ | للمُستَهامِ مَكانَ يَوْمِ صُدودِهِ |
ما تُنكِرُ الحَسناءُ مِنْ مُتَوَغِّلٍ | في اللّيلِ، يَخلِطُ أينَهُ بسُهودِهِ |
قد لَوّحَتْ منهُ السُّهوبُ وَأثّرَتْ | في يُمنَتَيهِ، وَعَنسِهِ، وَقُتودِهِ |
فلِفِضّةِ السّيفِ المُحَلّى حُسنُهُ | مُتَقَلِّداً، وَمَضاؤهُ لحَديدِهِ |
أعلى بَنُو خاقانَ مَجداً، لم تَزَلْ | أخلاقُهُمْ حَبْساً على تَشْييدِهِ |
وَإلى أبي الحَسَنِ انصَرَفتُ بهمّتي | عن كلّ مَنزُورِ النّوَالِ، زَهيدِهِ |
أُثْني بنِعمَتِهِ التي سَبَقَتْ لَهُ، | وَمَزِيدِهِ مِنْ قَبلُ حينَ مَزِيدِهِ |
وَعُلُوّهِ في المَكرُماتِ، فَجُودُهُ | فيها طَوَالَ الدّهرِ فوْقَ وُجودِهِ |
إنْ قَلّ حَمْدٌ عادَ في تَكثيرِهِ، | أوْ رَثّ مَجدٌ عادَ في تَجديدِهِ |
خَطّاً على مِنهاجِهِ المُفضِي إلى | أمَدِ العُلا، وَتَقيُّلاً لجُدودِهِ |
وإذا أشارَ إلى الأعاجِمِ أعرَبَتْ | عن طارِفِ الحسبِ الكَرِيمِ، تَليدِهِ |
عَن مُستَقَرٍّ في مَرَاتبِ مجْدهمْ، | في باذِخٍ، نائي المَحَلّ بَعيدِهِ |
تَجرِي خَلائقُهُ، إذا جَمَدَ الحَيا | بغَليلِ شانِئِهِ، وَغَيظِ حَسودِهِ |
يَفْدِي عُبَيدَ الله، مِن حُسّادِهِ، | مَنْ باتَ يَرْبَأُ عَنهُمُ بعَبيدِهِ |
أرَجُ النّدَى يَنبَثٌّ في مَعرُوفِهِ | مِنْ عُرْفِهِ، ويَزِيدُ في تَوْكيدِهِ |
وَمُبَجَّلٍ وَسطَ الرّجالِ، خفوفُهمْ | لقِيامِهِ، وَقِيامُهُمْ لقُعُودِهِ |
ألدّهرُ يَضْحَكُ عَن بَشاشةِ بِشرِه، | وَالعَيشُ يَرْطَبُ من نَضَارَةِ عُودِه |
وَنَصِيحَةُ السّلطانِ مَوْقعُ طَرْفِهِ، | وَنحيُّ فِكرَتِهِ، وَحُلمُ هُجودِهِ |
إنْ أوْقعَ الكُتّابَ أمرٌ مُشكِلٌ | في حَيرَةٍ، رَجَعوا إلى تَسديدِهِ |
وَالحَزْمُ يَذهَبُ غيرَ مُلتاثٍ إلى | تَصْوِيبِهِ في الرّأيِ، أوْ تَصْعيدِهِ |
أوْفَى على ظُلَمِ الشّكوكِ، فشقّها | كالصّبحِ يضرِبُ في الدّجى بعَمودِهِ |
نَعْتَدُّه ذُخْرَ العُلا وَعَتادَها، | وَنَرَاهُ من كَرَمِ الزّمانِ وَجُودِهِ |
فالله يُبْقيهِ لَنَا، وَيَحُوطُهُ، | وَيُعِزُّهُ، وَيَزِيدُ في تأييدِهِ |