يفندون وهم أدنى إلى الفند
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يُفَنِّدونَ وَهُمْ أدْنَى إلى الفَنَدِ، | وَيُرْشِدُونَ وَما التَّعذالُ من رَشَدِي |
وَكَيفَ يُصْغي إلَيهمْ، أو يُصِيخُ لهمْ | مُستَغلِقُ القَلبِ عَنهُمْ واهنُ الكبِدِ |
هلْ أنتَ من حُبّ لَيلى آخِذٌ بيَدي، | أوْ ناصِرٌ لي على التّعذيبِ والسَّهَدِ |
وَهَلْ دُمُوعٌ أفَاضَ النّهيُ رَيّقَهَا، | تُدني من البُعدِ أو تَشفي من الكَمَدِ |
فَما يَزَالُ جَوًى في الصّدرِ يُضرِمُهُ | وَشْكُ النّوَى وَصُدُودُ الأُنَّسِ الخُرُدِ |
قَد بَاتَ مُسْتَعْبِراً مَنْ كَانَ مُصْطَبِراً، | وَعَادَ ذا جَزَعٍ مَنْ كَانَ ذا جَلَدِ |
إنْ أسْخَطَ الهَجْرُ لا أرْجِعْ إلى بَدلٍ | منهُ، وإنْ أطلُبِ السُّلْوَانَ لا أجِدِ |
وَقَدْ تَجَاذَبَني شَوْقانِ عن عَرَضٍ، | مِنْ بَيْنِ مُطّرَفٍ عِندي، وَمُتّلَدِ |
لا عَيْشُ وَجْرَةَ يُنْسِي عَهْدَ ذي سَلَمٍ، | وَلاَ هَوَى القُرْبِ يُسْلي عن هَوَى البُعُدِ |
تَنَصّبَ البَرْقُ مُخْتَالاً، فقُلْتُ له: | لوْ جُدتَ جُودَ بني يَزْدَادَ لم تَزِدِ |
فلَسَت نَنْفَكُّ من شُكْرٍ وَمن أمَلٍ، | مُكَرِّرِينَ بيَوْمٍ مِنْهُمُ، وَغَدِ |
تَيَمّمُوا الخِطّةَ المُثْلَى على سَنَنٍ، | لمْ يَظْلِمُوهُ، وَبَاعُوا الغَيّ بالرّشَدِ |
بَنُوا أغَرَّ مِنَ الأقْوَامِ شَادَ لَهُمْ | مَجدَ الحَيَاةِ وأقْنَاهُمْ على الأبَدِ |
يَقْفُونَ مِنهُ خِلالاً، كُلُّهَا حَسَنٌ، | إنْ عُدّدَتْ غادَرَتْ فَضْلاً على العَدَدِ |
وما تَزَالُ أواخِي المُلْكِ ثَابِتَةً | مِنْهُمْ بكُلّ رَحِيبِ البَاعِ والبَلَدِ |
بنُصحِ مُجتَهدٍ، صحتْ عزيمَتُهُ، | أوْ عَزْمِ مُنجَرِدٍ، أوْ حَزْمِ مُتّئِدِ |
فالله يَكْلأُ عَبْد الله إنّ لَهُ | مَكَارِماً مَنْ يُخَوَّلْ بَعضَها يَسُدِ |
بحرٌ، متى نَستَمِحْ أموَاجَ جَمّتِهِ، | تَفِضْ، وَغَيْثٌ متى ما يَستَجدْ يَجُدِ |
تَفَرّجتْ حَلْبَةُ الكُتّابِ حينَ جَرَوْا | عَن سابقٍ بخِصَالِ السّبقِ مُنفَرِدِ |
إنْ يُعمِلُوا الجَوْرَ يَقصِدْ في تَصرّفِهْ، | أو يُسرِفُوا في فُنُونِ الأمرِ يَقتَصِدِ |
أدى الأمانة لم تعجز كفايته | عنها، ولم يستنم فيها إلى أحد |
مشارفاً لأقاصي الأمر يكلأها | برأي محتفل للأمر محتشد |
إنّ السّياسةَ قد آلَتْ إلى يَقِظٍ، | مُوَفَّقٍ لسَبِيلِ الحَقّ مُعْتَمَدِ |
لمْ يَرْجُها بأكاذيبِ الظّنُونِ، ولمْ | يَمتُتْ إلى نَيلِهَا، إذْ مَتّ، مِن بُعُدِ |
ألْفَى أبَاهُ على نَهْجٍ، فَطَاوَلَهُ | إلى السِّوَاءِ، وَجَارَاهُ إلى الأمَدِ |
بمَذهَبٍ، غَيرِ مَدخُولٍ وَلاَ طَبِعٍ، | وَنَائِلٍ غَيرِ مَنْزُورٍ، ولاَ ثَمِدِ |
تِلكَ الخِلاَفَةُ قد دَارَتْ على قُطُبٍ | من رأيِهِ الثّبتِ واستَذرَتْ إلى سَنَدِ |
تهاب عدوته من دون حوزتها | كما تهاب وتخشى عدوة الأسد |
يَرُدُّ أيَّ يَدٍ مُدّتْ لِتُنْقِصَهَا | مَجذوذَةَ الزّندِ أوْ مَهذوذَةَ العَضُدِ |
أسلَمْ أبَا صَالحٍ للمَكرُمَاتِ، فقَدْ | أحْيَيْتَها وَهيَ من مَوْتٍ على صَدَدِ |
عَمّتْ صَنَائعُكَ الرّاجينَ،وابتَعَثَتْ | آمَالَ مَنْ لَمْ يَرُمْ سَعْياً، وَلَمْ يُرِدِ |
وَرَدَّ تَدبيرُكَ الدّنيا، وَقَد صَلُحتْ | عَفواً وَلَوْلاكَ لم تَصْلُحْ وَلَمْ تَكَدِ |
مَا في الخِلاَفةِ من وَهْيٍ، فيَجبِرَهُ | آسٍ، وَلا في قَنَاةِ المُلكِ منْ أوَدِ |
وَلا الكَوَاكبُ في لَيْلِ الرّبيعِ تَلَتْ | غَيثاً، بأبْهَجَ مِنْ أيّامِكَ الجُدُدِ |