عهدي بربعك مأنوسا ملاعبه
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عَهْدي بِرَبْعِكَ مَأنوساً مَلاعِبُهُ، | أشْبَاهُ آرامِهِ، حُسْناً، كوَاعِبُهُ |
يَشُبْنَ للصّبِ في صَفْوِ الهَوى كَدَراً، | إنْ وَخْطُ شَيْبٍ أُعِيرَتْهُ ذَوَائِبُهُ |
أمَا رَدَدْتَ عن الحاجاتِ مُفْتَقِداً، | جاهَ الشّبابُ الذي قدْ فاتَ ذاهِبُهُ |
فكَمْ غنيت أخَا لهْوٍ يُطالِبُني | بِهِ أنَاسِيُّ، مِمّنْ لا أُطَالِبُهُ |
قدْ نَقّلَتْ نُوَبُ الأيّامِ منْ شِيَمي، | لِكُلّ نَائِبَةٍ رَأيٌ أُجَانِبُهُ |
تَجَارِبٌ أبْدَلَتْني غَيرَ ما خُلُقي، | وتُوسِعُ المَرْءَ إبْدالاً تَجارِبُهُ |
إذا اقتصَرْتُ على حُكْمِ الزّمانِ فقدْ | أرَاكَ شَاهِدُ أمْرٍ كيْفَ غائِبُهُ |
كلّفْتَني قَدَراً غَلّتْ ضَرُورَتُهُ | عَزِيمَتي، وَقَضَاءً ما أُغالِبُهُ |
وَظِلْتَ تَحْسِبُ رَبّ المالِ مالِكَهُ | على الحُقوقِ، وَرَبُّ المالِ وَاهِبُهُ |
وَما جَهِلْتَ، فلا تجْهَلْ مُحاجَزَتي | لِصاحِبِ البابِ يُرْمَى عنْهُ حاجِبُهُ |
الأرْضُ أوْسَعُ مِن دارٍ أُلِطُّ بِهَا، | وَالنّاسُ أكثر مِنْ خِل أُجَاذِبُهُ |
أُعَاتِبُ المَرْءَ فِيما جاءَ وَاحِدَةً، | ثُمّ السّلامُ عليْهِ لا أُعاتِبُهُ |
وَلَوْ أخَفْتُ لَئِيمَ القَوْمِ جَنّبَني | أذاتَهُ، وَصَديقُ الكلْبِ ضَارِبُهُ |
وَلنْ تُعِينَ امْرَأً يوْماً وَسَائِلُهُ، | إنْ لمْ تُعِنْهُ على حُرٍّ ضَرَائِبُهُ |
ألا فَتىً كَأبي العَبّاس يُسْعِدُهُ | عَلى النّوَالِ، فَلا تُكْدي مَطالِبُهُ |
وَالبَحْرُ لَوْ زِيدَ مِثْلاً يَستعِينُ بهِ، | لَطَبّقَ الأرْضَ بَادِيهِ وَثَائِبُهُ |
مُكَثِّرٌ هِمّةً في المُكرماتِ، فَما | تُقْضَى مِنَ الشّرَفِ الأعْلى مَآرِبُهُ |
يَضِيقُ أرْضاً، إذا فاتَتْهُ مكَرمَةٌ، | وَلمْ يَبِتْ ذِكْرُهَا غُنْماً يُناهِبُهُ |
ولنْ تَرَى مثْلَ كنزِ المَجدِ مُكتَسَباً، | يَرْعاهُ صَوْناً، من الإنْفاقِ، كاسبُهُ |
باتَ ابْنُ بَدْرٍ لَنَا بَدْراً نَهُدُّ بِهِ | سُدّ الظّلامِ، إذا امتدّتْ غَياهِبُهُ |
مُناكِبٌ لِدَنِيئَاتِ الأمورِ تُقىً، | يَزْوَرُّ عَنْ جانِبِ الفحْشاءِ جانِبُهُ |
يُحِبُّ أنْ يَترَاءى مِنْ طَلاقتِهِ، | إذا اللَئِيمٌ كَرِيهُ الوَجْهِ، قاطِبُهُ |
وعِندَ إشْرَاقِ ذاكَ البشرِ دَرْءُ شذاً، | كمُنتَضي السيْفِ آجالٌ مَضَارِبُهُ |
جَدٌّ يُطارُ فُضَاضُ الهَزْل عِنهُ إلى | حِلْمٍ مُقِيمٍ، وَبعضُ الحِلْمِ عازِبُهُ |
شديدُ إحصَادِ فَتْلِ الرّأي، يَنكُلُ عنْ | جَرْي إلى الغايَةِ القُصْوَى مُخاطِبُهُ |
جَنى عَلى نَفْسِهِ، أو زَادَهَا سَفَهاً، | إلى الجَهَالَةِ مَغْرُورٌ يُوَارِبُهُ |
مُطالِبٌ بُغْيَةً في كلّ مَكرُمَةٍ، | مَرْحُولَةٌ لِتَقَصّيها رَكائِبُهُ |
عَبدُ المَدانِ لَهُ جَيْشٌ يُسانِدُهُ، | بِابْنَيْ جَوَانَ، إذا جاشَتْ جَلائِبُهُ |
فَفِي العُمومةِ سعْدٌ، أوْ عشيرَتُهُ، | وَفي الخؤولَةِ كِسْرَى، أوْ مَرَازِبُهُ |
قَوْمٌ، إذا أخذوا للحرْبِ أُهْبَتَهَا، | رَأيْتَ أمْراً قدِ احمرّتْ عَوَاقبُهُ |
يُرَنِّقُ النّسْرُ في جَوّ السّماءِ، وَقَدْ | أوْمَا إليْهِ شُعَاعُ الشّمسِ يَأدِبُهُ |
إنْ كان عِندَكَ خيْرُ القوْل صَادِقُهُ، | فَوَاجِبٌ أنّ شَرّ القَوْلِ كَاذِبُهُ |
ومَا حَبَوْتُ أبَا العبّاسِ مَنْقَبَةً | في المَدْحِ، حتى استحقّتْها مَناقِبُهُ |
وَما تَبَرّعْتُ بِالتقْرِيظِ مُبْتَدِئاً، | حتى اقتضَتْني، فأحْفَتني موَاهِبُهُ |
دُرٌّ منَ الشِّعْرِ لمْ يَظْلِمْهُ ناظِمُهُ، | وَلمْ يزغ مُخطىء التّوْسيطِ ثاقِبُهُ |
فِيهِ إذا ما أضَلْتْهُ العقولُ هُدىً، | هُدى أخي اللّيْلِ أدّتْهُ كواكِبُهُ |
ألله جَارُكَ جَاراً للحَرِيبِ، وَإنْ | غَدا وَرَاحَ لَنَا، وَالجُودُ حَارِبُهُ |
أزائِدي أنْتَ في جَدْوَاكَ مُنْتَسِباً | إلى الوَجِيهِ، وَجِيهَاتٍ مَنَاسِبُهُ |
يخْتَالُ في مَشْيِهِ حتَّى يُزَايِدَهُ | إلى المَخِيلَةِ دون الرّكبِ راكِبُهُ |
وَلَنْ تفُوتَ المُغالي في المَديحِ بهِ، | حَتى أفُوتَ عَلَيْهِ مَن أُوَاكِبُهُ |