ما لهم يا قبرُ قد جدُّوا انصرافا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما لهم يا قبرُ قد جدُّوا انصرافا | بعدما قد دفنوا فيك العفافا |
وحثوا منك على عين العُلى | تربة ً تستافها الحورُ استيافا |
نفضوا تربك والصبرَ معاً | عن يدٍ تمسكُ أكباداً لهافا |
وردوا أمس ثقالاً بالجوى | فبماذا صدروا اليوم خفافا؟ |
هل أعادوا معهم ما أخذوا | من حشاشات تبقّوها لهافا |
لا ومَن قد طهَّر الماءَ بها | مذ لها مطلقه كان مضافا |
والتي راحَ الحيا ملتحفاً | معها طاهرَ برديها التحافا |
بل أعادوا جمرة الوجد إلى | أضلع باتت عليها تتجافى |
حجب القبرُ ابنة الوحيِ التي | شرفُ الذكر بعلياها أنافا |
من كريماتٍ على الله لها | ضرب العصمة خدراً وسجافا |
لم تلد إلا الذي يسقي كلا | ما نحى سجليه شهداً وذعافا |
والتي ما مدَّت العليا على | مثلها يوماً لتخدير طرافا |
صاح هل تعلمُ لمّا أفردت | وامتلى القبرُ ضجيجاً وهتافا |
أبذاك الترب وأروا فاطماً | أم إليها العالمُ القدسيُ وافى |
ونعم فيه توارت شعبة ٌ | من حشاها اختطفت منها اختطافا |
ساقها الحتفُ ولكن بعدما | شق من صدر الهدى عنها الشغافا |
وعليها مسح الوجدُ ضحى ً | مقلة ً عمياء لا تدري الجفافا |
أوحشت من أمّ شبلٍ غابة ً | لو بها مرَّ أبو شبلٍ لخافا |
كعبة التخدير إلا أنها | خلقت للملأ الأعلى مطافا |
دارُ قدسٍ أودع الله بها | خيرَ أهل الأرض نسكاً وعفافا |
قل لمن رام انحرافاً عنهم | ضلَّ من يبغي عن الحق انحرافا |
سادة ٌ للرشد في مهدِّيهم | جعل اللهُ من الغيِّ انتصافا |
كلُّهم أبحرُ علمٍ طفحت | فاغترف من أبِّهم شئتَ اغترافا |
فضلوا الخلقَ أكفاً سحباً | رفع المحلَ وأخلاقاً سلافا |
أسكرتْ في حبهم حتى العدى | فهي الصهباء لطفاً وارتشافا |
كرماءٌ لِقرى أضيافهم | ينحرون البدرَ لا البدنَ العجافا |
آمنوا في الله من آمنه | وأخافوا من له الله أخافا |
يا ذوي الحلم وفيكم رقة ٌ | فقتم فيها حنوَّاً وانعطافا |
إنما هزَّت قنا صبركُم | نكبة ُ الدهر فزادتها ثقافا |
وعلى زحف الليالي لاشكت | أبداً أبيات علياكم زحافا |