يا نسيمَ الصَبا وريحَ الجنوبِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا نسيمَ الصَبا وريحَ الجنوبِ | روّحا مُهجتي بنشر الحبيبِ |
إنَّ روحَ المحبوب رَوحٌ لقلبي | ما لقلبي آسٍ سوى المحبوبِ |
وَعلى البعد منه إن تحملاه | فعليَّ انفحا به من قريبِ |
لو سوى نشر يوسفٍ شمَّ يعـ | ـقوبُ إذاً لم يَزل جوى يعقوبِ |
وعجيبٌ بميتّة ٍ ذاب قلبي | ويرى طبَّه بنشر المذيبِ |
ليت يا عذبة َ اللمى من فؤادي | فيه أطفأتِ بعضَ هذا اللهيبِ |
أو على السفح للوداع حبست الـ | ـركبَ مقدار لفتة من مُريبِ |
منكِ لو نال ساعدي ضمَّة َ التو | ديع أدركتُ غاية المطلوبِ |
وعلى المتن كان منكِ هلالاً | حين شرّقتِ جانحاً للغروبِ |
ما لطيف الخَيال ضاعفَ شوقي | حين وافى بوعده المكذوبِ |
فيه جاءت من بعد توهيمة الركـ | ـب حذاراً من عاذل ورقيبِ |
قلتُ أنّى وفت فعاد نصيبي | وصلُها والمطال كانَ نصيبي |
بينما في العناق قد لفّنا الشو | قُ ضجيعين في رداء قشيبِ |
وإذا الوصل في انتباهي أراه | سرق الإفكَ من سرابٍ كذوبِ |
أين منيّ ميّ وقد عوّذَتها | غلمة ُ الحي بالقنا المذرُوبِ |
شمس خدرٍ حجابُها حين تبدو | جُنحُ ليلٍ من فرعها الغربيبِ |
وهي عن بانة ٍ تميسُ دلالاً | وهي ترنو عن طرف ظبي ربيبِ |
وسوى البدر في الأنارة لولا | كُلفة ُ البدر مالها من ضَريبِ |
حسدتني حتّى عيوني عليها | لو تذكّرتها لأضحت تشي بي |
أو سرت مُوهناً إليَّ لظنّت | كلَّ نجمٍ في الأُفق عين رقيب |
بُوركت ليلة ٌ تخيّلت من أر | دانها عُطّرت بنشر الطِيبِ |
قلتُ ذا الطيبُ من كثيب حماها | حَملته لنا الصَبا في الهبوبِ |
قال لي الصحب من بشير أتانا | من حِمى الكرخ لا الحِمى والكثيب |
مُخبراً عن محمدٍ كوكبِ المجد | سرى الدّاءُ للحسود المريبِ |
أيّهذا البشير لي حبّذا أنت | بشيراً ببرءِ داءِ الحبيبِ |
لو سواهُ روحٌ لجسمي لأَتحفـ | ـتك فيه وقلّ من موهوب |
لي أهديتَ فرحة َ ما سرتِ قبلُ | ولا بعدُ مثلها في القلوبِ |
غرس الدهرُ قبلها الذنبَ عندي | فغدا مثمراً بعفوٍ قريب |
وغريبٌ من الزمان وما زال | لديه اختراع كلِّ غريبِ |
أن أراني وما أراني سواه | حسناتٍ يُجنى بغرس الذنوبِ |
عجباً كيف أَولد النحسُ سعداً | شقَّ في نوره ظلامَ الخطوبِ |
فمحيا الدنيا غدا وهو طليقٌ | ما بصافى بياضه من شحوبِ |
ضاحكٌ من غضارة البشر أُنساً | وهو بالأمس موحشُ التقطيب |
أيها الواخدُ المفلّس في عز | مٍ على الهول ليس بالمغلوبِ |
صِل على الأمن ناجياً لمحلٍ | في ذرى الكرخ بالندى مهضوب |
مستجارٌ بالعزّ يحرس أَو با | لحافِظَينِ الترغيبِ والترهيب |
وبه حيّ صفوة َ الشرف المحضِ | ربيعَ العُفاة عند الجُدوبِ |
طيبُ الأصل فرعه في صريح الـ | ـمجد يُنمى إلى نجيب نجيبِ |
وافرُ البشر والسماح إذ المحلُ | بدا عامُه بوجهٍ قطوبِ |
جاد حتى مسَّ الوفود من الأخـ | ـذ لُغوبٌ وما به من لغوبِ |
في زمانٍ لو الخصيب به ينـ | ـشره الله لم يكن بالخصيبِ |
قل له يا محمدٌ صالحٌ أَنت | لإِحراز كلِّ فضل غريبِ |
ليس تنفكّ أنت واليمن في ظلّ | رواقٍ من العُلى مضروبِ |
ولك السعدُ حيث كنت قرينٌ | لم يمل عنك نجمه لغروبِ |
كمل الأُنس حين صرت تهنّى | بشفى أُنسك الأعز الحبيبِ |
وأَخوك الذي قِداحُ المعالي | للمعلّى منها حوى والرقيبِ |
ماجد هُذّبت خلائقه في الـ | ـمجد والفخرِ غاية َ التهذيبِ |
ذو بنانٍ ندٍ ووجهٍ جميل | ولسانٍ طلقٍ وصدر رحيبِ |
فابقيا للعلاءِ ما بدت الشمـ | ـسُ ومالت في أُفقها للغروبِ |
في سرورٍ صافٍ وطرف قريرٍ | ونعيم باقٍ وعيشٍ رطيبِ |