مالها تطوي فيافي الأرض سيرا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مالها تطوي فيافي الأرض سيرا | وتخدُّ البِيدَ قَفْرأ ثم قَفْرا |
أتراها ذَكَرَت أحبابها | فطوى فيها المغارَ الشوقُ قَسرا |
فلهذا لعبَ الوجدُ بها | فترى أعينها بالدَّمع عبرى |
كلّما علَّلها الحادي بمن | سكنوا سلعاً أحبَّت منه ذكرا |
وعلامات الهوى بيّنَة ٌ | ليس يخفي الشوقُ من ذي العشق سترا |
ذكرتْ من خيَّموا بالمنحنى | فجرَت أَدْمُعُها شفعاً ووترا |
كلُّ غصنٍ ما بدا إلاّ أرى | حاملاً من صَنْعَة الخلاّق بدرا |
وإذا يرنو إلى مشتاقِهِ | سلَّ سيفَ اللّحظ عنواناً وكرّا |
شربتْ من ريقه قامته | فانثنَتْ من ذلك السلسال سكرى |
وبقلبي ذلك القدّ الذي | بقناه طعنَ القلب وأفرى |
وعلى عارضه من حطّهِ | كَتَبَ الرَّيحانُ فوق الخد سطرا |
أيها الممزجُ دمعي بدمي | إنّني لم أستطِع بالهجر صبرا |
إنْ تكنْ عيناك أنكرنَ دمي | فبه خدّاك عمداً قد أقرّا |
عسليُّ اللّون حلويُّ اللمى | لم جرَّعتَ أخا الأشجان مرّا |
وأمينأ كنْ إذا ما لامني | إنَّ في أُذْني عن الّلوام وقرا |
ما يفيد الّلوم في مستغرم | عدَّما يأسره العذّال كفرا |
كيفَ أنسيت ليالينا التي | قد تقضّت فَرَحاً منّا وبشرى |
إذ أمنّا ساحة َ الواشي بنا | حيثُ لمْ نشربْ سوى ريقك خمرا |
وزمانٍ قَدْ نَهَبْنا شَطْرَه | ما حسبنا غيره في الدّهر عمرا |
لا أبالي بزمانٍ جائرٍ | كان عسراً كلُّه أمْ كان يسرا |
إنَّ محمود السجايا قد غدا | في صروف الدهر لي عوناً وذخرا |
لو أُفِيضَت أَبْحرٌ من علمِه | ونداه صار هذا البر بحرا |
إنّه لوْ لم يكن بحراً لما | قذفتْ ألفاظه للناس درا |
لو تفكَّرتَ به قلتَ له | في علاك الله قد أودعَ سرّا |
أيُّ معنى غامضٍ تَسأَلُه | وهو لم يكشف عن المضمون سترا |
وعويصاتِ علومٍ أشكلن | زَحْزَحَتْ عنها له الآراء خدرا |
هبة الله الذي أَوْهَبَه | من علومٍ جاوزت حداً وحصرا |
ما سمعنا خبراً عمّن مضى | لم يحطْ فيه على الترتيب خبرا |
ركنُ هذا الدّين فيه قائم | ولكسر العلم قد أصبح جبرا |
يَرِدُ العافون من تيّارِهِ | شرحَ الله له بالدين صدرا |
يُوضِحُ المبهم في آرائه | ويرى الأشياء قبل العين فكرا |
بذكاء كحسامٍ باترٍ | أوْ كزند حيثما يقدح أورى |
رزنٌ لو لم يكن إحلاله | فوقَ هذي الأرض فينا ما استقرا |
ولطيف لو معاني خلقه | عصرت كانت لنا شهداً وخمرا |
وإذا تصغي إلى ما عنده | من بيان خلته للذهن سحرا |
وهَدى الله به الناس إلى | طرق الحقّ وأبدي فيه أمرا |
وإذا ما ذكر الله لنا | وجلَ القلبُ به لو كان صخرا |
بلسانٍ كان بقراط النهى | عِلَلَ النَّفْسِ بذاك الوعظ أبرا |
وكريمٍ من مَعالي ذاتِهِ | |
وإذا يمَّمْتَه في حاجة | زاد في ملقاك إكراماً وبشرا |
أيّها النحرير في هذا الورى | والذي فاق بني ذا العصر طرا |
منذُ شاهَدْتُك شاهَدْتُ المنى | وأياديك مدى الأيام تترى |
وبإحسانِكَ رِقي مالكٌ | قبلَ عرفاتك لي قد كنت حرّا |
هاكَ منّي بنتَ فكر أُبْرِزَتْ | ليس تبغي غير مرضاتك مهرا |
هاكَها عَذراء في أوصافكم | سيّدي وکقبل من المسكين عذرا |
وکعذُرِ العبدَ على تقصيره | ـ إنها في مَدْحكم ـ حمداً وشكرا |
وکرغم الحاسد في نيل العلى | وَلْيَمُتْ خَصْمُك إرغاماً وقهرا |