رآها قدْ أضرَّ بها الكلال
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
رآها قدْ أضرَّ بها الكلال | وقد ساءت لها ياسعد حال |
فذكّرها شميمَ عَرارِ نَجْدٍ | ولا سيما إذا هبَّتْ شمال |
فحرّكها وأَيْنَ لها بنجد | لهيبُ الشوق والدمع المذالُ |
وقد كانت كأنَّ بها عقالاً | فأَطْلَقها وليس بها عقالُ |
ولولا النّازلون هضاب نجدٍ | تحاماها الضّنى والاختلال |
تخال الدَّمع سابقها عَلَيْهم | فكيفَ تسابق المزنَ الرؤال |
يحملها الهوى عِبئاً ثقيلاً | وللأشجان أعباءٌ ثقال |
ويقذفها النّوى في كلّ فجٍّ | لها فيه انسياب وانثيال |
تمدُّ به فيقصرُ في خطاها | من البَيْداء أبواعٌ طوال |
تشيم البرق يومئذٍ سناه | كعَضْب القين أرْهَقَه الصقال |
وما أدري أهاج النّوق منه | غرام حين أومضَ أمْ خيال |
شديدُ وجدها والوصلُ دانٍ | فكيف بها وقد منعَ الوصال |
ذكرنا عَهْدَ رَبعك يا سُلَيْمى | وعقد الدمع يوهيه کنحلال |
منازل للهوى ما لي أَراها | كطرفي لا يلمّ بها خيال |
مباديها المسَرَّة والتهاني | وغايتها التغابن والوبال |
وكانتْ بهجة َ الأبصار حتى | أحالتها من الحدثان حال |
سألتك أين عيشك بالأوالي | وما يغني التفحّص والسؤال |
غداة الشِّيحُ نبتُك والخزامى | حمتها البيض والأسل الطوال |
وتسنحُ في عِراصِك قبلَ هذا | من السّربِ الغزالة والغزال |
وتطلع ُ من خيامك مشرقات | بدورٌ من أسِرَّتها الكمالُ |
وكلُّ مهفهفٍ تُثني عليه | معاطفه ويَثْنيه دلال |
رماة من حواجبها قِسِيٌّ | تراشُ لها من الحدق النبال |
ومن لي أنْ تَرى عيني سناها | فتنعم أعينُ ويُراح بال |
تنافرتِ المها فوجدتُ قلبي | يجدُّ به للحيّ ارتحال |
وهاتيك الركايب أرقلتها | ظباءٌ قدْ أقلتها الجمال |
وكم صانت أكلَّتها وجوهاً | عَليها مهجتي أبداً تذال |
فمالوا بالأباعر لا إلَينا | ومال بنا الهوى من حيث مالوا |
أعيذك من حشاً تذكو لظاها | وهمٍّ داؤه الداء العضال |
أحبتك الذذين شقيتَ فيهم | أسالوا من دموعك ما أسالوا |
لنيران الجوى يا ناقُ عندي | على البعد اتقادٌ واشتعال |
أُعَلِلّ بالأماني، والأماني | أمورٌ من زخارفها المحال |
سرابٌ لا يُبَلُّ به غليل | ولا فيه لوارده بلال |
وحَسْبُك إنْ وَرَدْتَّ أبا جميل | جميلٌ ما يروقك أو جمال |
ردي من سَيْبه عَذباً زلالاً | فثمَّ الموردُ العذب الزلال |
تناخ ببابه الامال طرّاً | وتُمْلأ من مواهبه الرحال |
تعظّمه الخطوبُ ويزدريها | وليس له بمعظمها کحتفال |
وينهض من أُبْوَّته بعبء | قليل ما تنوءُ به الرجال |
من الشمِّ الشوامخ في المعالي | بطولُ الراسيات ولا يطال |
ويوقره إذا طاشتْ رجال | حلومُ لا تضاهيها الجبال |
صقيلُ مضارب العزمات ماضٍ | فلا فُلّت مضاربُه الصقال |
قوام الدينْ والدنيا جميعاً | شفاؤهما إذا كان کعتلال |
أَظَلَّتْنا غَمامَتُه بظلٍّ | إذا لفح الهجير به ظلال |
ويومٍ مشمس فيه مضيءٍ | فشمسٌ ما لمطلعها زوالُ |
وليلٍ فيه أقمرٌ مستنيراً | على وجنات هذا الدهر خال |
ينفّس كلَّ كاربة بكرٍّ | لدى يومٍ يضيق به المجال |
سماءٌ من سماوات المعالي | كواكبها المناقب والخصال |
فعال تسبق الأقوال منه | وأقوال تقدّمها الفعال |
يريك مداده في يوم جود | لأَحداق النوال به اكتحال |
ومن كلماته ما قيل فيها | هي السلسال والسِّحر الحلال |
لساني في مدائحه صدوق | بصدّق فيه منّي ما يقال |
إذا أسدى إليَّ المال أَمْسَتْ | تمالُ لي القلوب وتستمال |
فلي من ماله شرف وجاه | ولي من جاهِه عِزٌّ ومال |
قريبُ النِّيل ممتنع المعالي | ومدني النيل ما بعد المنال |
تحطّك رأفة ٌ شملَتْ ورقّتْ | وترفعك الأبوَّة والجلال |
عزيز النفس عزَّ على البرايا | نظيرك في الأماجد والمثال |
كأنَّك بين أقامٍ سراة ٍ | هدى ً ما بعده إلاّ الضلال |
وإنّي قد رأيت علاك منهم | مرامٌ قد يرامُ ولا ينال |
وليس لهم وإنْ دفعوا | مناقبك الشريفة والخلال |
خليقتك المروءة ُ حيث كانت | وشيمتك السماحة والنوال |
وهل أخشى من الحظّ انفصالاً | ولي من قرب حضرتك اتّصال |
تلذُّ لك المكارم والعطايا | وتطربك الشجاعة والنزال |
ولست من الكرام كبعض قوم | يجود بماله حتى يقالُ |
فيا جبلاً أَطَلَّ من المعالي | علينا لا تزول ولا تزال |
هباتٌ منك للعافين تترى | ولا وعدٌ لَدَيْكَ ولا مطال |