أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا | وأصبو إليكم كلَما هبّتِ الصَّبا |
وأطوي على حرِّ الغرام جوانحاً | تلهَّبُ في نيران وجدي تلهُّبا |
يؤنّبني اللاّحون فيك ولم أكن | لأسمعَ في الحبّ العذولَ المؤنِّبا |
وأرّقني يا سعد برقٌ أشيمه | يزرّ على الأكناف برقاً مذهبا |
شجاني فأبكاني وأطربَ مَسْمَعي | حمامٌ بذات البان غنّى فأطربا |
وذكَّرني والدار منها قصيّة | على النأي سعدى والرباب وزينبا |
بحيث الهوى غضٌّ وبرد شبابنا | قشيب وعهد اللهو في زمن الصبا |
يدارُ علينا من دم الكرم قهوة | فنشرب ترياق الهموم المجرّبا |
وتُهدي إلينا في الكؤوس نوافجاً | من المسك أو أذكى أريجاً وأطيبا |
إذا زفّها الساقي لشربٍ تبسَّمتْ | به طرباً حتى يروح مقطّبا |
ويا رُبَّ ليلٍ رُحتُ فيه مع المها | بقصّة أشواق يكون لها نبا |
تلاعبُ أنفاس النسيم إذا سرى | على جلّنار الخدّ صدغاً معقربا |
أَلَمْ تنظر الأَيام كيف تبدَّلَتْ | بنا ورخاء العيش كيف تقلَّبا |
فلم أستطبْ يا سعد مرعى ً أروُدُه | مريعاً ولم أستعذِب اليوم مشربا |
بربّكما عوجا على الربع ساعة ً | وإنْ كان قد أقوى دروساً وأجدبا |
لئن لَعِبت فيه السوافي وبرّحت | فقد كان قبل اليوم للسِّرب ملعبا |
ويا طالما وافى على حين غفلة | وواهاً على الحيِّ الذي قد تجنَّبا |
وإنَّ وقوفي في المنازل بعدهم | لأَقضي لحقّ الوجد ما كان أَوْجَبا |
أثيرُ له الأشجان من وكناتها | وأُجري دموعاً صَوبُها قد تصبَّبا |
أَطعتُ الهوى ما إنْ دعاني له الهوى | ولما دعوتُ الصَّبر يومئذٍ أبى |
وما زالُ يوري زندًه لاعجَ الحشا | فما باله أَورى الفؤاد وما خبا |
أُعلِّلُ نفسي بالتلاقي وبيننا | حزونٌ إذا يجري بها خاطري كبا |
ولو أنَّ طيفَ المالكيّة زارني | لقُلْتُ له أهلاً وسهلاً ومرحبا |
وإنْ نَقَل الواشي لظمياءَ سلوة ً | فما صدقَ الواشي بذاك وكذّبا |
تؤاخذني الأيامُ والذنب ذنبها | على غير ما جُرمٍ وما كنت مذنبا |
فيا وَيحَ نفسي ضاع عمري ولم أَفُزْ | بِحُرٍّ ولا أَبْصَرْتُ خِلاًّ مهذبا |
ويقعدني حظّي عن النيل إنْ أرمْ | مراماً وإنْ أطلب من الدهر مطلبا |
ولم يُجْدِني إرهافيَ العزمَ في المنى | وما حيلتي بالصارم العضب إنْ نبا |
وما برحتْ تملى على الدهر قصَّتي | فتملأُ أفهام الرجال تعجُّبا |
وتزهو بأمداح النّقيب قصائدي | بأَحْسَنَ ما تزهو بأزهارها الرّبا |
بأبلجَ وَضّاح الجبين كإنَّه | إذا لاح في ضوء النهار تنقّبا |
كريمٌ براه الله أكرمَ من برا | |
لَقَدْ طابَ عرقاً في الكرام ومنبتاً | |
لتسمُ ينو السادات من آل هاشم | بأنجبهم أمّاً واشرفهم أبا |
وأحلاهمُ في وابل الجود صيّبا | وأعلاهمُ في قُلَّة المجد منصبا |
أتانا بأبكارِ المناقب سيدٌ | فأبدعَ فيما جاء فيه وأغربا |
وأَغْضَبَ أقواماً وأرضى بما أَتى | |
وخيِّر ما بين المذاهب في العلى | فما کختار إلاّ مذهب الفضل مذهبا |
تَحبَّبَ بالحسنى إلى الناس كُلِّهم | ومن جُملة الإحسان أَنْ يتحبَّبا |
لك الله من طار الفخارُ بصيته | فَشَرَّقَ في أقصى البلاد وغرّبا |
ومن راح يستهديك للجود والندى | رآك إلى الخيرات أهدى وأصوبا |
تقلَّبَ في نعمائك الدهر كلّه | وما زلتُ في نعمائك المتقلبا |
وجدّك لم أبصرْ سواك مؤمَّلاً | ولا من إذا ما استوهب المال أوهبا |
إذا لم أجد لي للثراء مسبّباً | وجدتك في نيل الثراء المسبّبا |
وقد شمت برقاً من سجابك ممطراً | وما شمت برقاً من سحابك خلّبا |
وإنّي لأستسقي نوالك ظامئاً | فلم أَرَ أَمْرى منه شيئاً وأعذبا |
ولي قلمٌ يملي عليك إذا جرى | وترجمَ عمّا في الضّمير وأعربا |
فيا قمراً في طالع السعد نيّراً | ويا فلكاً بالمكرمات مكوكبا |
لقد جاءني شهرُ الصيام بموكب | |
وشوَّشَني لما بدا بقدومِهِ | |
فلو أنَّ شهرَ الصَّوم طاف بمنزلي | تبسَّمَ مما راعه وتعجّبا |
وأَبْصرَ داراً لو ثوى الخير ساعة | بها لنأى عن أهلها وتغرَّبا |
ويا طالما وافى ععلى حين غفلة | فأَصْبَحْتُ منه خائفاً مترقبا |
وجرّبته في كل عام بغصّة | مثلي من ساس الأمور وجرّبا |
ولمّا رأيتُ الهمَّ جاز لي المدى | إلى أنْ رأيتُ السيل قد بلغ الزبى |
وقد أتعبتني ما هنالك فاقة ٌ | ومن كان مثلي أَتْعَبَتْه وأتعبا |
وقد حملتني حاجة لو كفيتها | غدوت له عن ثروة متأهبا |
ركبتُ بها الآمال وهي خطيرة ٌ | ولو لم يكن غيرُ الأسنّة مركبا |
وما خاب ظنّي في جميلك قبلها | وما كنتَ للظنِّ الجميل مخيّبا |