أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا | ولعتَ بها والصبّ لا زال مولعا |
تعاورها صرف الزمان فأصبحت | معالمها بعد الأوانس بلقعا |
تخال قلوب العاشقين بأرضها | طيوراً على نهلٍ من الماء وقّعا |
معالم تستقي السحاب رسومها | فتسقى حيا وبلين قطراً وأدمعا |
منازلنا من دار سلع ولعلع | سقى الله صوب المزن سلعاً ولعلعا |
لئن كنت قد أصبحت مبكى ً ومجزعاً | فقد كنت باللذات مرأى ومسمعا |
تذكّرت أيامي بمنعرج اللوى | وقولي هات الكأس يا سعد مترعا |
تدور الغواني بيننا بمدامة | تخيّلتها في الكأس نوراً مشعشعا |
لقد أقلعت أيّامنا بعد رامة | كما أجفل الغيث المُلِثُّ وأقلعا |
وما أَخْلَفَتْ إلا فؤاداً ولوعة | هما أسقما هذا الفؤاد وأوجعا |
وذا عبرة ٍ نوصولة ٍ وحشاشة ٍ | تكاد من الأشواق أنْ تتقطَّعا |
رعى الله من لم يرع عهداً لمغرم | رعيت له الودّ القديم كما رعى |
تناءى فشيعت اصطباراً ومهجة | ولولا النوى تنأى به ما تشيَّعا |
ولم تر من صبٍّ فؤاداً مودّعاً | إلى أنْ ترى يوماً حبيباً مودّعا |
خليليّ إنْ لم تسعداني فهاتيا | ملامكما لي في الصبابة أو دعا |
بعثتم إلى جسمي الضّنى يوم بنتم | وزدتم إلى قلبي حنيناً مرجّعا |
وفَتَّشْتُ قلبي في هواكم فلم أجد | لغير هواكم في الحشاشة موضعا |
رأيت به سرّ النبوّة مودَعا | ولكّنني لم أبقِ في القوس منزعا |
متى تنظر العينان من بعد فقدها | بذات الغضا ذاك الغزال المقنعا |
فيا ليتَ شعري في الأبيرق بارقٌ | فأغدو به العيش صفواً ممتِّعا |
ويا ليت من أهواه في الحبّ حافظ | من العهد ما قد كان بالأمس ضيّعا |
إلى كم أُعاني دمع جفنٍ مقرحٍ | وقلباً بأعباء الهموم مروّعا |
وأصبر في اللأواء حتى كأَنَّني | وَجَدْتُ کصطباري في الحوادث أنفعا |
رُميت بأرزاء من الدهر تسوؤني | مخافة يا لمياءُ أنْ يتوجَّعا |
ومن مضض الأيام مدحي عصابة | بذلت يداً فيهم وما نلت إصبعا |
كأنّي إذا أدعوهمُ لملمة | أخاطب موتى راقدين وهجّعا |
وهل تسمع الصمُّ الدعاءَ وترتجى | موارد لا تَفنى من الآل لُمَّعا |
وحسبي شهاب الدين وهو أبو الثنا | ملاذاً إذا ناب الزمان ومرجعا |
متى ما دعا الداعي معاليه للندى | أجابض إلى الحسنى بداراً وأسرعا |
وابلجَ وضاحِ الجبين تخاله | تَبَلُّجَ صبحٍ أو بصبحٍ تبرقعا |
ولما بدا نور النبيّ بوجهه | رأيت به سرّ النبوّة نودعا |
له الكلمات الجامعات تخالها | نجوماً بآفاق البلاغة طُلَّعا |
وإنْ كَتَبَتْ أقلامه فحمائم | ثبت إلى السمع الكلام المسجّعا |
وكتبٌ لدين االله أضحتْ مطالعاً | كما كانت الأفلاك للشمس مطلعا |
إذا ضَلَّتِ الأفهام عن فهم مشكل | هدى وعليه في الحقيقة أطلعا |
وإنْ قال قولاً فهو لا شك فاعل | قؤولٌ من الأمجاد إنْ قال أبدعا |
كلام ترى الأقلام في الطّرس سجّداً | له وترى أهل الفصاحة ركّعا |
يحيّر ألباب الرّجال كأَنَّما | أتانا بإعجاز من القول مصقعا |
سعى طالباً بالعلم أبعد مطلب | وفي الله مسعاه ولله ما سعى |
دعا فأتى ولو أنَّ غيره | دَعاه إليه مرّة ً لتمنَّعا |
وأدرعَ لم يتفذ به سهم قادح | كأَنَّ عليه سابغاتٍ وأدْرُعا |
إذا باحث الخصم الأَلَدَّ أعاده | بعرنين مخذول من الذل أجدعا |
وذي همم تفري الخطوب كأنَّما | يجرّدُها بيضاً على الخطب قُطَّعا |
حريص على أن يقتنيها محامداً | أحاديثها تبقى حساناً لمن وعى |
سبقت جميع الطالبين إلى التي | غدت دونها الآمال حسرى وظلّعا |
لقد ملأَ الأقطار فضلُك كلَّها | ونادى إليه المادحين فأسمعا |
ومهما کدَعى ذو النقد أنَّك واحدٌ | فما أنتَ إلاّ في الأنام كما ادعى |
وإن مُدَّتِ الأَبواع في طلب العلى | مددتَ إلى العلياء بوعاً وأذرعا |
فإنّك في هذا الطريق الذي به | سلكَت طريقاً أعجز الناس مسبعا |
أرى مدحك العالي عَلَيّ فريضة ً | وغيرك لم أمدحه إلاّ تطوّعا |
عليَّ لك الفضل الذي هو شاملي | وإنك قد حزتَ الفضائل أجمعا |
وما ظفِرت كفُّ الليالي من الورى | بأرغبَ منّي في نداك وأطمعا |
وإنّي إذا ضاق الخناق لحادث | ترفَّعتُ إلاّ عن نداك ترفعا |
ولم أر أندى منك في الناس راحة ً | وأمرى نوالاً من يديك وأمرعا |