كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كُنْ بالمدامة للسُّرور مُتَمِّما | صفراءَ قبلَ المزج تحكي العَنْدَما |
شمسٌ إذا جليتْ بكفٍّ أطلعتْ | منها الحباب على الندامى أنجما |
هذي أُوَيْقات السرور فلا تَدَعْ | فُرَصَ السرور من الزمان فربّما |
أو ما ترى فصل الربيع وطيبه | والزهر في الأكمام كيف تبسَّما |
وکمزج معتقة َ الدنان فإنّني | أهوى المزاج بريق معسول اللمى |
ومهفهف الأعطاف يرنو لحظُه | فإخاله يَسْتَلُّ سيفاً مخذما |
لولا محاسن جَنَّة ٍ في وجهه | ما شاهد المشتاقُ فيه جهنّما |
أو كان يمنحني زلال رضابه | ما بتُّ أشكو من صبابته الظما |
ويلاه من شرع الغرام من الذي | جعلَ الوصالَ من الحبيب محرَّما |
ولرب ليل زارني في جنحه | وعصى الوشاة به وخالف لوّما |
قصّيت أهنأ عيشة من وصلهِ | حتى أنارَ صباحهُ وتصرَّما |
إنَّ العيون النُّجل أَوْرَثْنَ الرَّدى | قَلْبي وأرشَقْنَ الخواطر أسْهُما |
وتوقُّد النيران في وجناته | أوقدنَ في الأحشاء شوقاً مضرما |
أمعنِّفَ المشتاق في أشجانه | إيّاك تعذل بالهوى مستغرما |
قد كان لي قلبٌ يطيعك بالهوى | لكنّما سلبوه غزلان الحمى |
وبمهجتي الظبي الغرير فإنّني | حكّمته في مهجتي فتحكّما |
أهوى التشبب بالملاح ولم يزل | قلبي بمحمود الفعال متيَّما |
العالمُ المبدي العجاب بعلمه | والمبهر الأفهام حيث تكلّما |
تلقى الأنام عيال بيت علومه | فترى قعوداً ترتجيه وقوّما |
هذا تراه مؤمِّلا يرجو الندى | من راحتيه وذا أتى متعلّما |
فيرد هذا فائزاً من فضله | فيما يروم وذاك عنه معلما |
لم ألقَ أغزرَ نائلاً من كفِّهِ | وأُرَقَّ قلباً بالضعيف وأرحما |
إنْ جئته بمسائلٍ ووسائلٍ | أضحى لقصدك مكرماً أو مفهما |
جمع المفاخر والمحامد كلها | وأباد بالكرم المشرفَ المعلما |
ولكم أتيتُ لبابه في جاحة | فوجَدْتُ ساحته الغنى والمغنما |
فقصدت أفودَ من قصدتُ من الورى | وأتيتُ أبركَ من أتيت ميمما |
وأتيتُه فوجَدْت حصناً مانعاً | ووردته فرأيت بحراً قد طمى |
كم قد أنال مُؤَمِّلاً من رِفْدِه | وأغاثَ ملهوفاً، وأغنى معدما |
وشهدْت قرماً بالكمال متَوَّجاً | ورأيت ليثاً بالفخار معمّما |
بطلٌ أعزَّ الجارَ في إكرامه | وأهان في كرمِ اليمين الدرهما |
بأبي فتى ً مذ كان طفلاً راضعاً | فاضت أناملُ راحتيه تكرُّما |
شادت فضائله مقاماً في العلى | سامٍ على طول المدى لن يهدما |
متبسمٌ للوافدين لبابه | والغيث إنْ قَصَدَ الهُطَولَ تَبَسَّما |
ما فاض نائله وفاض بعلمه | إلاّ التقطْتَ الدُّرَّ منه توأما |
كم مشكلات أُوضِحَتْ بذكائه | وأبانَ في تقريره ما أبهما |
ما زال مذ شم النسيم حلاحلاً | أمسى بحب الفضل صباً مغرما |
يعزى إلى بيت الرسول محمد | وإ لى النبيّ الهاشميّ إذا انتمى |
يوم النوال يكون بحراً زاخراً | ولدى العلوم تراه حبراً مفعما |
قسراً على كيد المعاند قد علا | وبرغم أنفِ الحاسدين لقد سما |
الله أَوْدَعَ في سريرة ذاته | من قبل هذا جوهراً لن يقسما |
قل للذي يبغي وصول كماله | هيهات إنَّكَ لست من يصل السما |
أحلى من العسل الجنيّ فكاهة | وتراه يوم الجد مرّاً علقما |
مثل الأُسود الضاريات إذا سطا | والمرسلات الذاريات إذا همى |
كم راح زنديق يروم نزاله | فرآى سيوف الحق عنه فأحجما |
وأتى عليه بكلّ برهان بدا | لو كان في جنح الدجى ما أظلما |
فهو الذي نهدى به في ديننا | ونرى طريق الرشد فيه من العمى |
يا سيّداً حاز العلوم بأسرها | حتى غدا علمَ الأنام وأعلما |
فليهنك المجدُ الذي بُلِّغْتَه | لو أنصفوك لكنتَ فيه مقدّما |
فلقد بلغت اليوم أرفع منصب | أضحى على أعداك فيه مأتما |
ما نلت إلاّ ما جنابك أهلهُ | فابق على أبدِ الزمان مكرَّما |
وکسأل ودادَك من جوانح أخرس | لو كان يستطيع الكلام تكلَّما |