عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عفتِ المنازلُ رقّة ً ونحولا | فاحبس بها هذي المطيَّ قليلا |
وأرِق دموعك إنّما هي لوعة ٌ | بعثَتْ إليك من الدموع سيولا |
وابكِ المعالم ما استطعت فربّما | بلَّ البكاء من الفؤاد غليلا |
واستجدِ ما سمح لاسحاب بمائه | إنْ كان طرفك يا هذيم بخيلا |
يا ناق مالكِ كلّما ذكرَ الغضا | جاذبتِ أنفاس النسيم عليلا |
إنّ الذين عهدت في أجزاعها | أمست ظعوناً للنوى وحمولا |
جُمَلٌ من العبرات يوم وداعهم | فصَّلتها لفراقهم تفصيلا |
وكأنَّ دمعَ الصبّ صوبُ غمامة | يسقي رسوماً نُحَّلاً وطلولا |
يا منزلَ الأحباب أين أحبّة ٌ | سارت بهم قبّ البطون ذميلا؟ |
راحوا وراح رداء كل مفارق | تلك الوجوه بدمعه مبلولا |
ومضت ركائبهم تُقِلُّ جآذراً | يألَفْنَ من بيضِ الصوارم غيلا |
عرضت لنا والدمع يسبق بعضه | بعضاً كما شاء الغرام مسيلا |
ويلاه من فتكات أحداق المها | ملأت قلوبَ العاشقين نصولا |
لولا العيون النجل لم تلق آمرأً | يشكو الجراح ولا دماً مطلولا |
يا أخت أمِّ الخشف كيف تركته | يوم الغميم متيماً متبولا |
أورَدْتَه ماءَ العيون أصبابة ً | ومنعتَ خمرَ رضابكَ المعسولا |
هلاّ بعثتَ له الخيالَ لعلّه | يرتاح في سِنَة الكرى تخييلا |
وكّلت بالدّنف الضنى لك شاهدا | وكفى بذلك شاهداً ووكيلا |
ولقد علمت ولا إخالُك جاهلاً | أنّ العذولَ بهنّ كان جهولا |
ما لاح ذيّاك الجمال لعاذل | إلاّ وكان العاذل المعذولا |
ضلَّ العذولُ وما هدى فيما هذى | بلْ زادني بدعائه تضليلا |
كيف السبيل إلى التصابي بعدما | قد قاربَ الغصنُ الرطيبُ ذبولا |
أسفاً على أيام عمر تنقضي | كَدَراً وتذهب بالمنى تأميلا |
وبناتِ أفكارٍ لنا عربية ٍ | لا يرتضين سوى الكرام بعولا |
وإذا نهضتُ إلى التي أنا طالب | في الدّهر أقعدني الزمان خمولا |
سأروع بالبين المطيّ ولم أبلْ | أذهبنَ كدّاً أمْ فقدنَ قفولا |
وأغادر النجب الكرائم في السرى | تغري حزوناً أقفَرَتْ وسهولا |
لا تعذليني يا أميم على النوى | ألفيتَ ثمَّة َ نائلاً ومنيلا |
وتقاصرت همم الرجال وأصبحتْ | فيهم رياض الآملين محولا |
تأبى المروءة أن تراني واقفاً | في موقف يَدَعُ العزيز ذليلا |
أو أنني أرضى الهوان وأبتغي | بالعزْ -لا عاش الذليل- بديلا |
صبراً على هذا الزمان فإنّه | زمَن يُعَدُّ الفضل فيه فضولا |
لولا جميل أبي جميل ما رأت | عيناي وجه الصبر فيه جميلا |
أهدي إليه قلائداً بمديحه | كشفت قناع جمالها المسبولا |
فأخال ما يطربنه بنشيدها | كانت صليلاً في الوغى وصهيلا |
ويميل من كرم الطباع كأنّما | شربتْ شمائله المدام شمولا |
ذو همة بَعُدَتْ فكان كأنّه | يبغي بها فوق السماء حلولا |
لو مل يكنْ في الأرض من أعلامها | كادَتْ تميلِ بأهلها لتزولا |
الصادق العزمات إنْ ريعت به | الأخطار قطعَ حبلها الموصولا |
لا آمنَ الحدثان إلاّ أنْ أرى | بجوار ذيّاك الجناب نزولا |
إنّي اختبرت جنابه فوجدته | ظِلاً بهاجرة الخطوب ظليلا |
وإذا تغيَّرتِ الحوادث بامرئ | لا يقبل التغييرَ والتبديلا |
قصرت بنو العلياء عن عليائه | ولو کنها تحكي الشوامخ طولا |
كم شاهد الجبّار من سطواته | يوماً يروع به الزمان مهولا |
في موطن لم يتخذْ غير القنا | والمشرفّية صاحباً وخليلا |
إن شيَم شِيمَ الغيث أومضَ برقه | أو ريع كان الصارم المسلولا |
وإذا أتيتَ إلى مناهل فضله | لتنال من إحسانه ما نيلا |
تلقى قؤولاً ما هنالك فاعلاً | يا قلَّ ما كان القؤول فعولا |
وإذا قضى كرماً على أمواله | كان القضاء بأمره مفعولا |
ما زال بَرّاً بالعُفاة ومسعفاً | بلْ مسرعاً بالمكرمات عجولا |
وإذا سألتُ مكارماً من ماجد | ما كان غير نوالك المسؤولا |
ولقد هززتك للجميل فخلتني | أنّي أهزُّ مهَنَّداً مصقولا |
تالله ما عرف السبيل إلى الغنى | حتى وجَدْتُ إلى علاك سبيلا |
وإذا سألت سواك كنت كأنّني | أبغي لذاتك في الأنام مثيلا |
قسماً بمجدك وهو أعظم مقسم | يستخدم التعظيم والتبجيلا |
لو كنتَ في الأمم المواضي لم تكن | إلاّ نبياً فيهم ورسولا |
إنّ الذي أعطاك بين عباده | قدراً يجلُ عن النظير جليلا |
أعطاك من كرم الشمائل ما به | جُعِلَتْ ذكاء على النهار دليلا |
أطلعتَ من تلك المكارم أنجماً | لم تَرْضَ ما أفل النجوم أفولا |
علقت بك الآمال من دون الورى | يوماً فأدرك آملٌ مأمولا |
ورجوتُ ما ترجى لكلّ ملمَّة ٍ | فوجَدْتُ جودك بالعطاء كفيلا |
ولك اليد البيضاء حيث بسطتها | تهب العطاء الوفر منك جزيلا |
ولو أنّني استسقيت وابل ديمة ٍ | لم تُغنني عن راحتيك فتيلا |
هي موردٌ للآملين ومنهلٌ | دعني أفوز بلثمها تقبيلا |
فلأنشرنَّ عليك غرَّ قصائدي | ولأشكرنّك بكرة ً وأصيلا |
ومن الثناء عليك في أمثالها | لم يَبقَ قولٌ فيك إلاّ قيلا |