سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سنا برقٍ تبلَّجَ واستنارا | أثارَ من الصَّبابة ما أثارا |
وهاج لي الغرام وهيّجت بي | فؤاداً يا أميمة مستطارا |
فبرقاً شمته والليل داج | كما أَوْقَدْتَ في الظلماء نارا |
كأنَّ وميضَه لمعانُ عَضبٍ | يشقّ من الدّجى نقهاً مثار |
ذكرتُ به کبتسامك يا سُليمى | فأبكاني کشتياقاً وادّكارا |
فما مرَّ الخيال إذنْ بطرفي | ولمْ أذقِ الكرى إلاّ غرارا |
وذكرى ما مضى من طيب عيشٍ | سحبت من الشباب به إزارا |
وعهد هوى ً لأيام التصابي | وإنْ كانَتْ لياليه قصارا |
أخَذْتُ بجانب اللّذات منها | على طربي وعاقرتُ العقارا |
وكم من لذّة ٍ بكُمَيْت راحٍ | أَغَرْناها فأَبْعَدْنا المغارا |
منظمة الحباب كأنّ كسرى | أماطَ الطَّوق فيها والسّوارا |
فلو طار السرور بمجتليها | على الندمان يومئذٍ لطارا |
وقد كان الشباب لنا لبوساً | يَلَذُّ بُخَلْعِنا فيه العذارا |
فواهاً للشبيبة كيف ولّتْ | وما استرجعتُ حليا مستعارا |
تنافرتِ الظباء وبان سربٌ | ولم أنكرْ من الظبي النفارا |
وشطّ مزارُ من أهواه عنّي | ومن لي أن أزورَ وَأَنْ أُزارا |
إلام أسائل الرُّكبان عنهمْ | وأستقري المنازل والديارا |
وقوفاً بالمطيِّ على رسومٍ | أُعاني ما تُعانيه البوارا |
أرقرقُ عبرة وأذوبُ شوقاً | ويعدمني بها الشَّوقُ القرارا |
وحنَّتْ أنيقي وبكَتْ رفاقي | وأَرسَلَتِ الدموع لها غزارا |
أشوّقك العرارُ لأرض نجدٍ | ولا شيحاً شممتَ ولا عرارا |
أضرَّ بك الهوى لا باختيار | وما كانَ الهوى إلاّ اضطرارا |
سقتها المزنُ سّحاً من نياقٍ | وصبَّ على معالمها القطارا |
وصَلْتُ بها المهامه والفيافي | وَجُبْتُ بها الفادفدَ والقفارا |
معلَّلتي بممرضتي حديثاً | لقَد داويتِ بالخمرِ الخمارا |
بمن لا زلت تحييني التفاتاً | وتقتلني صدوداً وازوارا |
هي الحدق المراض فتكْنَ فينا | وألطف من ظبا البيض احورارا |
فلولا فتكها ما بتُّ أشكو | بأحشائي لها جرحاً جُبارًا |
كأنَّ جفونها بالسِّحر منها | سكارى والنفوس بها سكارى |
بَلَوْتُ بني الزمان وعرفَتْني | تجاريبي سرائرهم جهارا |
وإنَّك إنْ بلوت الناس مثلي | وَجَدْتَ الناس أكثرهم شرارا |
وإنْ قِسْتَ الرجال وهم كبار | بمجد محمد كانت صغاراً |
بأهداهم إلى المعروف برّاً | وأسرعهم إلى الحسنى بدارا |
وكم لحقته في ميدان فضل | فما شقَّتْ له فيه غبارا |
بروحي من إذا ما جار خطبٌ | فَرَرْتُ إليه يومئذٍ فرارا |
يرى في ظلّه العافون عيشاً | يروقُ العينَ بهجته اخضرارا |
ويُنفِقُ في سبيل الله مالاً | بهِ أدَّخر الثوابَ له ادخارا |
ويرعى في صنائعهِ ذماراً | بجيلٍ قلَّ منْ يرعى الذّمارا |
تبصَّر في الأمور وحنكته | التجاريب اختباراً واعتبارا |
وحلَّته فضائله بحليٍ | لعمرك لن يباعَ ولنْ يعارا |
وأبدْعَ بالمكارم والأيادي | فما يأتي بها إلاّ ابتكارا |
وما زالت كرام بني زهير | خياراً تنتجُ القوم الخيارا |
نجارُ أبوَّة ٍ ونتاج فخرٍ | فحيّا الله ذياك النجارا |
هم الجبل المنيع من المعالي | يُجيرُ من الخطوب من کستجارا |
وإنَّ محمداً أندى يميناً | وأوفرُ نائلاً وأعزُّ جارا |
أبا عبد الحميد رفعتَ قدراً | وقد أوتيتَ حلماً واقتدارا |
سَبَقْتَ الأوّلين فلا تُجارى | إلى أمدٍ العلاء ولا تبارى |
فسبحان الذي أعطاك حلماً | فوازَنْتَ الجبالَ به وقارا |
وألهمكَ الصوابَ بكلّ رأيٍ | يريك ظلامَ حندسهِ نهارا |
عليك الناس ما برحتْ عيالاً | ولم تبرح لدائرها مدارا |
تُشَيّدُ من عُلاك لهم مقاماً | وتوصحُ من سناك لهم منارا |
لك النظر الدّقيق يلوح منهم | هُدى قومٍ به كانتْ حيارى |
وفيك فطانة وثقوب ذهنٍ | يراكَ به المشيرُ المستشارا |
لقد سارَتْ مناقبك السواري | فما کتخذت لها في الأرض دارا |
تقلَّدتَ القوافي الغرَّ منها | بأحسن ما تقلَّدتِ العذارى |
وما استقصتْ مدائحك القوافي | نظاماً في علاك ولا نثارا |
لئن قصَّرتُ فيما جئتُ منها | فقد تتلى کقتصاراً واختصارا |