هاتها حمراءَ تحكي العندما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هاتها حمراءَ تحكي العندما | واسقنيها من يديْ عذبِ اللّمى |
وانتهزها فرصة ً قد أمكنتْ | فاغتنمها واتخذها مغنما |
وانتهبها لذة ً إنْ تنقضِ | يا نديمي أعقبتك الندما |
وأعِدْ لي من شبابي ما مضى | بعجوز لم تلاق الهرما |
حبّذا أختُ عروس زوّجتْ | وهي بكرُ الدَّن من ماءِ السما |
أخبرت عن نار كسرى ما روت | من أعاصير الأُلى ما قدما |
لطفتْ حتى كأن لم نرها | فتخيَّلنا الوجود العدما |
في رياض أخَذَتْ زُخْرُفها | وبكى الغيث لها وابتسما |
يوم أنسٍ نشر السحب به | في نواحي الجوّ بُرداً معلما |
حجب الشمس فأبرزنا لنا | شمسَ راح والحباب الأنجما |
معْ مليح قد قضى الحسن له | أنْ يرى الظلم إذا ما حكما |
لو رآه عاذل يعذلني | في هواه عاد فيه مغرما |
أشتكي الظلمَ وهذا ظالمي | يا لقومي من حبيبٍ ظلما |
ورماني عامداً من لحظه | أيَّ سهم ذلك اللحظ رمى |
ما اتقى الله بأحشائي ولا | راقبَ المأثم فيما أثما |
حرَّمَ الوَصْلَ على مغرمه | ليتَه حَلَّلَ ما قد حرّما |
يا مليحاً أنا في طاعته | وأعاصي في هواه الَّلوَّما |
منك أشكو ما أقاسيه ومن | سُقم أجفانك أشكو السقما |
وسواء فيك مسلوب الحشا | باح أسرار الهوى أو كتما |
يا لقومي من مشيرٍ بدمي | من دم طلّ بألحاظ الدُّمى |
كم وكم في الحبّ لا في معرك | صرع الظبيُ الأغنُّ الضيغما |
وفنون لشجون أطلقتْ | عَبرة الصّبّ من الوجد دما |
لست أنسى ليلة باتت بها | أعينُ الواشين عنا نوّما |
وسهرناها كما شاء الهوى | نتعاطى الكأس من خمر اللمى |
تلك أعراسُ زمان سلفتْ | فأقِم يوماً عليها مأتما |
لم أزل من بعدها أرجو لها | عودة تبري بقلبي الألما |
مقرناً قولي عسى في ربما | وعسى تُغني عسى أو ربّما |
ينعم الدهر علينا مَرَّة | فنرى شمل المنى منتظما |
ما رأتَ عَيني امرأً حيث رأت | مثل إبراهيم بَرّاً منعما |
علويٌ قد علا أعلى العلى | وعلى أسمى السّماكين سما |
مذ رأيناه رأينا ماجداً | وعرفناه وعرفنا الكرما |
فهو كالغيث إذا الغيث همى | وهو كالبحر إذا البحر طمى |
باسطٌ للجود منه راحة ً | ساجلتْ يومَ العطاءِ الدِّيما |
أشرف العالم أُمّاً وأباً | ثُمَّ أوفاهم وأندى كرما |
سيّد إنْ يعتزِ أو ينتمِ | فإلى خير النبيّين انتمى |
لو دعيٌّ لم تدع آراؤه | من أمور الرأي أمراً مبهما |
قسماً بالفخر في عليائه | أوَتبغي فوق هذا قسما؟ |
إنّه للفردُ في أقرانه | كان والمجد تليد التوأما |
سالكٌ ما سلكت آباؤه | بمعاليه السبيلَ الأقوما |
نشَرَتْ أيمانه ما ملكت | لنظام الحمد حتى نظما |
أنا في مدحي له خادمه | إنَّ مَن يخدم علاه خدما |
وقليلٌ ولو أني ناظم | لعلاه في القريض الأنجما |
شِيَمٌ ممدوحة في ذاته | فتأمَّل فيه تلك الثيما |
فتراه للندى حينئذٍ | مُسْبَغاً في كلّ يوم نعما |
هو ترياق من الهر الذي | كان في اللأواء صِلاًّ صَيْلما |
فإذا ما حارَبَتْ أيامه | حادث الأيام ألقى السلما |
نتَّقي ما نتَّقي من بأسه | وإذ أقدمَ خطبٌ حجما |
لا بلغتُ إرباً إنْ لم أكنْ | ناقلاً إلاّ إليه قدما |
إنّما البَصرة في أيامه | ابْصَرَتْ أعْيُنُها بعدَ العَمى |
جعل الله لها في ظلِّه | خيرَ ظلٍّ منه بل خير حمى |
مكرماً من أمَّهُ مسترفداً | راحماً من جاءه مسترحما |
فجزاه الله عنها خير ما | جُوزي المنعم عما أنعما |