أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أعد اللَّهو فإنَّ اللّهوَ أحْمَدْ | وأدِرْها في لُجَين الكأس عَسْجَد |
واسقنيها قهوة عاديّة ً | أخبرت عمّا مضى في ذلك العهد |
لو رأى كسرى سنا أنوارها | ظنّها النار التي في الفرس تعبد |
لبست من حبب المزج لها | تاج إسكندر ذي القرنين والسد |
فاسقني اليوم أفاويق الطلا | وأعدها يا نديمي لي في غد |
قَدُمت لكننا في شربها | كل يوم سرور يتجدد |
في رياض لعبت فيها الصبا | وأذاعت سرّ نشر الشيح والرند |
أخذت زخرفها من بعد ما | حاكت المزن لها أثواب خرّد |
نثر الطلّ عليها لؤلؤاً | أدمُعاً سالت من العين على الخد |
فانثنت أغصانها مائسة ً | طرب النشوان راحت تتأوّد |
فعلام الطير في الأفنان عربد | |
زمن الورد وما يُعجبنُي | زمنٌ لِلَّهو إلاّ زمنُ الورد |
تنقضي أيامه محمودة ً | في أمان الله من حرٍّ ومن برد |
فاغتنمها فرصة ما أمكنت | قبل أن تذهب يا صاح وتفقد |
بين شاد تطرب النفس به | يتغنى ومليح يتأوّد |
ما ألذّ الراح يسقاها امرؤ | من يديْ ساقٍ نقيّ الخد أمرد |
بخجلُ الأقمار حسناً وجهه | وغصون البان ليناً ذلك القد |
فالعوالي والغوالي إنّما انتسـ | ـبَتْ منه انتساب القدّ والند |
أرأيت السّحر فيما زعموا | إنَّه راح إلى عينيه يسند |
أنزلت للحسن آيات به | آمن العاشق فيهن وما ارتد |
ما رمى قلبي إلاّ عامداً | قاتلٌ لي ولقتلي يتعمّد |
يأخذ الأرواحَ من أربابها | لعباً منه فما قولك إن جد |
سمح المهجة لا ممتنع | عن محبٍ خضل الطرف مسهَّد |
لا يشوب الوصل بالصدّ ويا | ربَّ إلفٍ لا يشوب الوصل بالصد |
بأبي الأغيد لا بمزجها | من لماء بسوى العذب المبرد |
وبأحشائي من الوجد إلى | بارد الريقة نار تتوقد |
حبذا العيش بمن قد تصطفي | لا النوى بادٍ ولا الشمل مبدّد |
تحت ظِلَّي مالِكَي رقّي وما | غير محمود ولا غير محمد |
النجيبين اللَّذين انتدبا | بجميل الصنع والذكر المخلد |
والمجيدين وكلَّ منهما | طيب العنصر زاكي الأصل والجد |
والكريمين وما صوبُ الحيا | إن يكنْ أبرقَ بالجود وأرعد |
والرفيقين كأنّي بهما | بلغا الغاية من مجد وسؤدد |
إنْ أفاخر بهما غيرهما | فلقد أفخرُ بالحرِّ على الوغد |
خلقاً للفضل وارتاحا له | لا كمن عُوِّد قسْراً فتعوّد |
إنّ هذين هما ما برحا | للمعالي بمحل الكف والزند |
فتأمّلْ بهما أيّهما الذا | بل الخطيُّ والسيف المنهد |
إنْ يكونا قلّداني نعمة ً | أنا فيها فنعمّا أتقلّد |
وصلا حبلي وشادا مفخري | ولمثلي فيهما الفخر المشيّد |
هكذا فلتكُ أبناء العلى | تقتفي الأبناءُ إثر الأب والجد |
إنّما الشبل من الليث وما | يلدُ الأصيدُ يوماً غير أصيد |
من أبٍ يفتخر المجد به | إنْ رمى أصمى وإن ساعد أسعد |
هو بحرٌ ما له من ساحل | وحسامٌ لم نقف منه على حد |
وهزبر باسل برثنه الأسمرُ | العسّال والعَضْبُ المجرّد |
هو مولاَي إذا استعطفْتُه | عطف المولى من البر على العبد |
مالكٌ حكّمني في ماله | فلي الأخذ خياراً ولي الرد |
وحباني نعماً أشكرها | فله الشكر عليها وله الحمد |
لا أبالي إنْ لي جنَّة ً | بزمان كان لي الخصم الألندد |
طاول الأيدي فطالت يده | ما على أيدي للعالم من يد |
حفظَ الحافظُ نجليه ولا | برحا في أطيب العيش وأرغد |
لم يلد مثل أبيهم والدٌ | لم يلد قبل ولا من بعد يولد |
نصروا المجد وكانوا حزبه | فهم الأنصار والحزب المؤيّد |
فلقد طابوا وطابت خيمهم | طيّبو الأعراق من قبل ومن بعد |
نبتوا فيها نباتاً حسناً | وغذاهم بلبان العز والمجد |
وإذا امعنتَ فيهم نظراً | لم تجد إلاّ شهاباً ثاقب الزند |
كلّما زاد وقاراً زدته | مِدَحاً تُتلى مدى الدهر وتنشد |
وعذارٍ مذ بدا أرخته | لاح كالمسك عذار لمحمد |