تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تبيَّنَ حقٌ للعباد وباطلُ | ونِلْتَ بحمد الله أَنْتَ نائلُ |
وما حاق مكر السَّوء بأهلهِ | وبعد فما يدريك ما الله فاعل |
لقد نقلوا عنك الذي هو لم يكن | فأدحضَ منقولٌ وكذّب ناقل |
وجاؤوا بما لم يَقْبَل العقلُ مثلَه | ولا يرتضيه في الحقيقة عاقل |
شهودٌ كأسنان الحمار فبعضهم | لبعض وإنْ يأْبَ الغبيُّ أماثل |
أراذلُ قومٍ ساءَ ما شهدوا به | وما ضَرَّتِ الأشرافَ تلك الأراذل |
أتوكَ بتزوير على حين غفلة | وأنتَ عن التزوير إذ ذاك غافل |
وقُلْتَ وقال الخصم ما قال وادّعى | وهل يستوي يا قوم قسُّ وباقل |
أقام على بطلانه بدليله | دليلاً وللحقّ الصريح دلائل |
ولو كان يستجديك فوق آدعائه | لَجُدْتّ به فضلاً وما أنْتَ باخل |
ولو أنَّه يبغي إليك وسيلة ً | لما خيَّبته في الرجال الوسائل |
ولكن بسُوءِ الحظّ يثني عنانه | إلى حيث يشقى عنده من يحاول |
وإلاّ لما أمسى يعضّ بنانه | يعنّفه لاحٍ ويخزيه عاذل |
ولا راح محروماً مناهلَ فضلكم | وكيف وأنْتُم في النوال مناهل |
لقد نزع الأشهاد من كل فرقة | ولا بأس فالقرن المنازع باسل |
وقد زيَّنَ الشيطانُ أعماله له | على أنَّه لم يدرِ ما الله عامل |
وأعملتِ الأهواء فيه كما اشتهت | فلا دخلته بعد هذا العوامل |
ومن جهله ألقى إلى الزور نفسه | وجاءَ بما لم يأته اليوم جاهل |
وأنّى له بالشاهد العدل يرتضى | ويقدم في إشهاده ويجادل |
أيشهدُ ديّوثٌ ويقبلُ قوله | وهل قال في هذا من الناس قائل |
وإقرارُ حربيٍّ على غير نفسه | فلا هو مقبول ولا أنت قابل |
لدى حَكَمِ عدلٍ بدين محمد | وإنْ لم يكنْ عدلٌ فربُّك عادل |
ومن ذا قضى بالظنّ يوماً على امرئٍ | وحسَبُك حكمُ الله قاضٍ وفاصل |
وعارٍ من التدبير والعقل والحجى | وإنْ كان قد زرَّت عليه الغلائل |
رأى الرأيَ بعد المال قتلاً لنفسه | على المال حرصاً فهو لا شك قاتل |
كما كان ما قد كان منه وغرَّهُ | نصيحٌ مداجٍ، أو عدوٌ مناضل |
ووافق رأياً فاسداً فأماله | وكلٌّ عن الإقبال بالصلْح مائل |
إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى | فكلُّ معينٍ ما عدا الله خاذل |
ضلالاًلقوم يكنِزُون كنوزَهم | لأبنائهم والله بالرّزق كافل |
لقد شقيتْ منهم على سوءِ ظنهم | أواخرهم فيما جَنَتْه الأوائل |
ولم يدر مالٌ أودعَ الأرض طالعٌ | لعمرك أمْ حتفٌ من الله نازل |
ستهلِكُ قومٌ حسرة ً وتأسُّفاً | عليه وأطماع النفوس قواتل |
تعجّل في الدنيا عقوبة َ طامع | ومن نكبات المرء ما هو آجل |
إذا شام برقاً خلباً ظنَّ أنَّه | مخايل لا بل كذّبته المخايل |
وما كلُّ برقٍ لاحٍ في الجو ممطرٌ | ولا كلُّ قطر لو تأمَّلت وابل |
وكم غرَّ ظمآناً سرابٌ بِقيعَة ٍ | وأغناه طيفٌ في الكرى وهو زائل |
تَنَاوَلَ بالآمال منك مرامَه | وأنّى له منك المُنى والتناوُل |
وقد شنَّ غارات الدَّعاوى جميعها | إليكَ ولم تُشْغِلْه عنك الشواغل |
ولو حكموا من قبلها في جنونه | وعاقَتْه عما كان منه السلاسل |
لما ذهبت أمواله وتقلبتْ | به الحال فيما يبتغي ويحاول |
ولا دَنَّسَ العرضَ النقيَّ بشاهدٍ | من العار لم يغسله من بعد غاسل |
لقد خاب مسعاه وطال وقوفه | على مطلب ما تحته اليوم طائل |
وما حصل المعتوهُ ظنّاً يظنُّه | فلا العرض موفور ولا المال حاصل |
فيا شدَّ ما لاقيت من سوءِ ظنه | ومن فعله فيها وما هو فاعل |
وتكذيب دعواه وتخجيله بها | ألا ثكلت أمَّ الكذوب الثوالك |
تحمَّلتَ أعباءَ المشقّة للسُّرى | وكلُّ نجيب للمشقّة حامل |
وأقبلتَ إقبالَ السَّعادة كلّها | علينا كما وافى من الغيث هاطل |
يشيرون بالأيدي إليك وإنما | تشير إلى هذا الجناب الأنامل |
ليهنك حكم الله يمضي غراره | مضاء حسام ارْهَفْته الصياقل |
تبَّرأتَ مما ثيل فيك براءة ً | من الله إشهادٌ عليه الأفاضل |
تبَّرأتَ من تلك الرذائل نائباً | وحاشاك أنْ يدنو إليك الرذائل |
وما تسلك الأوهام فيها حقيقة | ولا حملت يوماً عليها المحامل |
نعمنا بك الأيام وهي قليلة | لديك وأيام السرور قلائل |
وأَمْسَتْ دمشق الشام تشتاق طلعة ً | لوجهك مثل البدر والبدر كامل |
وإنَّك منها بالسرور لقادم | وإنك عنّا بالفخار لراحل |
لأمر يريد الله كشف عمائه | تجابُ له بيدٌ وتطوى مراحل |
فمن مبلغٌ عنّي دمشقَ وأهلها | بشارة ما قد ضَمنَّتها الرسائل |
عَدَتْ منكم فينا عوادٍ عوادلٌ | وسارت لنا فيكم قوافٍ قوافل |
وأصبحَ من ناواكمُ بعدَ صيته | كئيباً وأمّا ذكرهُ فهو خامل |
تناهى إلى عَيٍّ فقصرَّ دُونه | وعند النتاهي يقصر المتطاول |