رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر | بما بعينيه من غنج ومن حور |
مؤنث الطرف ما زالت لواحظه | تسطو وتفتك فتك الصارم الذكر |
مهفهفُ القد معسول اللمى غنج | أقضي ولم أقض منه في الهوى وطري |
ما لي بمقلة أحوى الطرف من قبل | مؤيّد بجنود الحسن منتصر |
يعطو إليّ بجيد الظبي ملتفتاً | تلَفُّتَ الظبي من خوف ومن حذر |
وكلَّما ماسَ قلت الغصن حركة | ريح الصبا وهو في أوراقه الخضر |
عجبت ممن قسا والعهد كان به | ارَقَّ من نسمات الروض في السحر |
أشكو إليه صباباتٍ أكابدها | كأنَّما رحت أشكوها إلى حجر |
نيران خدّيك ها قد أحرقت كبدي | يا جنّة أنا منها اليوم في سقر |
إنْ لم تكن بوصالٍ منك تسعفني | فلا أقلّ من الإسعاف بالنظر |
جد لي بطيفك واسمح إن بخلت به | إني لأقنع بعد العين بالأثر |
واذكر ليالينا الأولى ظفرت بها | والدهر يعجب والأيام من ظفري |
تلذّ لي أنت في سمعي وفي بصري | |
حيث المسرّة أفلاكٌ تدور بنا | والشمس تشرق ليلاً في يد القمر |
في روضة فَوَّفَتْ أيدي الربيع لها | ما أبدع القطر من شيءٍ ومن حبر |
والطلّ في وجنات الزهر يومئذٍ | ما بين منتظم منه ومنتثر |
ومن أحبُّ كما أهواه معتنقي | ومرشفي السكّر المصريَّ في السكر |
إذا تبسَّمَ أبصرنا بمبسَّمَه | ما أودع الله في الياقوت من درر |
خاف العيون صباح الغرق تنظره | حتى تعوَّذَ بالأصداغ والطرر |
أطل حديثك في قدٍّ فتنت به | وإنْ ذكرتَ حديث الخصرْ فاختصر |
يقول لي في تثنّيه مفاخرة ً | ألبانُ من شجري والورد من ثمري |
يا قاتل الله غزلان الصّريم فما | أبْقَتْ ـ وقد نفرت ـ صبراً لمصطبر |
وما لأعينهن النّجلَ حين رنت | أصَبْنَ قلبي وما الجاني سوى نظري |
وقفت منهن والأشجان تلعب بي | في موقف الربع بين الخوف والخطر |
وبي من النافر النائي بجانبه | صبابة تعلق الأجفان بالسهر |
عهدي بها ورداء الوصل يجمعنا | والوصل يذهب طول الليل بالقصر |
لم يرقب الواشي يخشى من تطلعه | ما أوْلَعَ الدهرَ بالتبديل والغير |
تركتني ولكم مثلي تركت لقى ً | فريسة بين ناب الخطب والظفر |
هيجت أشجان قلبي فانتدبت لها | بكّل منتدب للشجو مبتدر |
إنَّ السلامة في سلمان من كدر | يجني عليَّ ومن همّي ومن فكري |
يسرُّ نفسي ويقضي لي مآربها | بنائلٍ من ندى كفَّيه منهمر |
تالله ما أبصرت عيناي طلعته | إلاّ وأيقَنْتُ أنّي بالنوال حري |
توقّع الرَّوض ما تسديه غادية | أناخ كلكلها ليلاً بذي بقر |
إذا استقلت تراءى من مخايلها | مبشّرُ الوارد الظمآن بالغدر |
أصبحت من يده البيضاء في دعة ٍ | وحسن أنظاره في منظر نضر |
كأنَّما أنا من لألاء غرّته | في روضة باكرتها المزن بالمطر |
تهُبُّ منه رياح اللطف عاطرة | من طيّبٍ عطرٍ عن طيّب عطر |
أمْعِنْ بدقّة معنى ذاته نظراً | وانظر بعينيك واستعن عن الخبر |
وسلْ إذا شئت عن أجداده فلقد | ضاقت بذاك صدور الكتب والسير |
أغَظْتُ في مدحه قوماً بقافية ٍ | عن المقيم تجوب الأرض في سفر |
وحاسداً قصرت أيدي المنال به | كمفلس الحيِّ رام اللعب بالبدر |
تسرُّ قوماً وأقواماً تغيظهم | والشهب ترمي ظلام الليل بالشرر |
كالراح تسري إلى الأرواح نشوتها | فالروح في خفة والجسم في خدر |
هم الذين أراشوني بنائلهم | لولاهم الآن لم أنهض ولم أطر |
المطلقون لساني على | تلك الشمائل بعد العيّ والحصر |
بيض تضيء بنور الله أوجهُهُم | في حندس من ظلام الخطب معتكر |
النافعون إذا عاد الزمان على | بنيه في الساعة الخشناء بالضرر |
تقوى على أزمات الكون أنفسهم | وليس تقوى عليها أنفسُ البشر |
فيا لك الله سادات إذا افتخرت | كانت هي المفخر الأسنى لمفتخر |
لا تذكر الناس في شيء إذا ذكروا | كاليمّ يقذف بالألواح والدسر |
يا أيها الدهر يأتينا بهم نسقاً | هل جئت منهم بمعنى غير مبتكر |
ويا معاني المعالي من شمائلهم | لقد برزت لنا في أحسن الصور |
دع ما تقول البرايا في مناقبهم | فكيف قولك بالآيات والسور |
سرٌّ منالله إلاّ أنَّ نورهم | ف الخافقين وما صبحٌ بمستتر |
عَلَوا على الناس إعلاناً فقلت لهم | بالله أقسم لا بالركن والحجر |
أنتم لنا وَزَرٌ من كل نائبة | بوركنم نفر السادات من نفر |
ونِعْمَ مدَّخرٌ أنتم لمدّخر | |
مولاي أصبحت واليام مقبلة | وأنت في عنفوان العز والعمر |
أنّي لأرقب وعداً منك منتظراً | ووعد غيرك عندي غير منتظر |
فاسلم ودم في سرور لا فناء له | باقٍ على أبدِ الأزمان والعصر |