اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
اليومَ أصبح فيك الوقتُ منتظماً | وهوَّنَ الله أمراً كان قد عظما |
أمست عمان وأنت الشهم سيدها | لا يُستباح لها في الحادثات حمى |
مدت إليها يد الجاني فما ظفرت | إلاَّ بما أعقب الخسران والندما |
من بعد ما هاج شراً من مكانته | وكاد يوقد في أطرافها ضرما |
تمسكاً بجبال الشمس من طمع | ومورداً من سراب لا يبلّ ظما |
فلم يوفَّقْ إلى نجح يؤمِّله | والمرء إنْ فقد التوفيق أو عدما |
لم يهده الرأي إلاّ للضلال ولا | يزيده عدم التوفيق غير عمى |
أضلَّ مسعاه تركي في غوايته | كأنه اختار عن وجدانه العدما |
نصحته وبذلتَ النصح تنذره | مستعملاً بالنذير السيف والقلما |
فما ارعوى لك عن وهم توهمه | كأنَّ في أذنه عن ناصح صمما |
أراد في زعمه أنْ يستطيل على | عمان قهراً فلم يظفر بما زعما |
وكان غايته الحرمان يومئذٍ | ولو أطاعك واسترضاك ما حرما |
خيَّرته قبل هذا اليوم في نعم | ولم يكن ثمَّ ممن يشكر النعما |
وجاء يطلب مُلكاً منك ليس له | فقيل خصمان في إرث العلى اختصما |
حتى ذا كان لا يصغي إلى حكم | حكمتما الصارم الهندي بينكما |
قضى لك السيف فيما قد قضى ومضى | فيا له حكمٌ عدلٌ إذا حكما |
وما تجاوزت الإنصاف شفرته | وما أضلَّ بمظلوم وإن ظلما |
وقالت الناس باديها وحاضرها | ما جار سالم قفي حكم ولا ظلما |
أنزلته من منيعات الحصون ولو | تركت تركي رهين الحصن مات ظما |
أراد مستعصماً فيه ومعتصماً | وما رأى في منيع الحصن معتصما |
ولم يجد سلَّما يرقى السماء به | ولو رمى نفسه في البحر لالتقما |
وإنَّه قبلَ إعطاء الأمان له | ما استشعر الموت حتى استشعر الندما |
وغرَّه مَن دعاه في خيانته | فجاءها عقبات الموت واقتحما |
أذقته العفو حلواً عن جنايته | وكان عفوك عمَّن قد جنى كراما |
عفَوْت عنه ولكن عفوَ مقتدرٍ | والعفو أقرب للتقوى كما علما |
وما هتكت وأيم الله حرمته | وكان عندك حتى زال محترما |
وربما لامك اللّوام عن سفهٍ | وقد يلومك بين الناس من لؤما |
أما وربِّك لو أربى طغى وبغى | وما عفا مثلما تعفو بل انتقما |
رحمته ولو استولى عليك لما | أبقى عليك ولم يلحق بمن رحما |
أراد ربُّك أنْ تعفو بقدرته | ليظهر الفضل والتمييز بينكما |
والله يَعْلَمُ والدنيا بأجمعها | لو نال من سالمٍ تركي لما سلما |
لا زال يولي جميلاً من صنائعه | وهكذا كرم الشهم الذي كرما |
من سيّدٍ بالغٍ رشد الشيوخ نهى ً | رضيع ثدي المعالي قبل أن فطما |
تبارك الله ما أبهى سناه فتى ً | كالنجم يهدي سبيل الرشد مذ نجما |
الثابت الجأش في سِلْم ومعترك | في موطن الفخر قد أرسى له قدما |
الباسم الثغر والهيجاء عابسة | والسيف يقطر من هام الكماة دما |
فمن صدور العوالي ما يرى وصباً، | ومن نفوس المعالي ما شفى سقما |
تساهما هو والجد السعيد بما | حازاه من كرم الأخلاق واقتسما |
ويا له ولد أعنيه من ولدٍ | أحيى له ذكره الماضي وإنْ قدما |
تحفُّه من عمان سادة ٌ نجبٌ | تسمو لهم في سماوات العلاء سما |
يحمون سيّدهم من كلّ نازلة | بفيصل يغلق الهامات والقمما |
ولم يكن غيره الحامي لحوزتها | إذا أدلهمّ من الأخطار ما دهما |
تبيت لا كملوك الهند تكلأها | ندعو من الله فيها فاغرين فما |
لولا وجودك هذا الداء ما حسما | وذلك الصدع لولا أنت ما التأما |
لطف من الله فيك أظهره | من بعد ما كان سر اللطف مكتتما |
وافت إلينا فوافت بالسرور كما | |
سرّت بها البصرة الفيحاء وابتهجت | منها النفوس وأنف الصند قد رغما |
بشارة عمَّت الدنيا مسّرتها | واهتز منها العلى والمجد وابتسما |
قد يسَّرَ الله أمراً أنت فعله | وإن لله في تقديره حِكَما |
لا زلت بالجود والإحسان مبتدراً | كالغيث حيث همى والبحر حيث طمى |
فمن مزاياك ما تكسو النجوم سناً | ومن عطاياك ما قد يخجل الديما |
ولم أزل كلماتي فيك أنظمها | كما تتابع قطر المزن وانسجما |