عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عدِّ عنْ منْ لجَّ في قالٍ وقيلِ | أنا لا أصغي إلى قول العذول |
وأعِدْ لي ذكر مَن صَحَّ الهوى | منه بالطَّرق وبالجسم العليل |
فقدْ الصّبر مع الوجد فما | لاذ بالصبر عن الوجه الجميل |
من قدودٍ طعنتْ طعن القنا | ولحاظٍ فتكتَ فتك النصول |
دنفٌ لولا تباريحُ الجوى | ما قضى الوجد عليه بالنحول |
كلّما شام سنا بارقه | جَدّ جدّ الوجد بالدمع الهمول |
إنَّ ما أضرمَ في أحشائه | لا أرى المحنة كالحبّ ولا |
وإذا هبَّت به ريحُ صبا | راح يستسفي عليلٌ بعليل |
كبدٌ حرّى ودمعٌ واكفٌ | فهو ما بين حريق وسيول |
لو تراه إذ نأتْ أحبابه | تَطَأ الأرض بوخد وذميل |
لا تسل عن ما جرى كيف جرى | سائل الدمع على الخدّ الأسيل |
أيّ يومٍ يوم سارت عيسُهم | ودعا داعي نواهم بالرحيل |
وتراني بعدهم أشكو الأسى | يفلق الهام بريَّاً من فلول |
وبرسم الدار من أطلالهم | ما بجسمي من سقام ونحول |
بخلوا بالوصل لما أعرضوا | ومن البلوى نوال من بخيل |
ليت شعري ولكَمَ أشكو إلى | باردِ الرِّيقة من حر الغليل |
لا أرى المحبة كالحبّولا | كالهوى للصبّ من داء قتول |
بأبي من أخَذَت أحداقه | مهجة الوامق بالأخذ الوبيل |
وشفائي قُربُ من أسْقَمَني | بسقام الطرف والخصر النحيل |
هل علمتم أنّ أحداق المهَا | خلقت حينئذٍ سحرَ العقول |
يا دياراً لأحباءٍ نأت | ألناءٍ عنك يوماً من وصول؟ |
كان روض العيش فيها يانعاً | قبل أن آذن عودتي بالذيول |
بمدامٍ أشرقَتْ أقداحها | بزغت كالشمس في ثوب الأصيل |
وشَدَت وَرقاء في أفنانها | أوتيت علماً بموسقى الهديل |
حبذا اللّهو وأيام الصّبا | وشمال وكؤوس من شمول |
وندامى نظمتهم ساعة ٌ | وقعتْ منا بأحضان القبول |
علِّلاني بعدها من عودها | بمرام غير مرجو الحصول |
إذ مضت وهي قصيرات المدى | فلها طال بكائي وعويلي |
جهل اللائم ما بي ورأى | أنْ يفيد العلم نصحاً من جهول |
لا ينال الحمد في مدحي له | من يعد الفضل من نوع الفضول |
وأراني والحجى من أربي | في عريض الجاه ذي الباع الطويل |
كلّما أنظمها قافية | تنظم الإحسان في قول مقول |
وعلى خِفَّتها في وزنها | تطأ الحساد بالقول الثقيل |
بالغ في كلّ يوم مرَّ بي | من أبي عيسى نوالاً من منَيل |
لا يريني العيش إلاّ رغداً | في نعيم من جميل ابن الجميل |
ينظر النجم إلى عليائه | نظر المعجب بالطرف الكليل |
يرتقيها درجات في العلى | فترى الحاسد منها في نزول |
قصرت عن شأوه حساده | وانثنى عنهم بباع مستطيل |
نُسِبَ الجود إلى راحته | نسبة السحر إلى الطرف الكحيل |
وروى نائله عن سيبه | ما روى الريَّ عن الغيث الهطول |
كاد أنْ تمزجه رقّته | بنسيم من صَبا نجدٍ بليلِ |
أيُّها الآخذ عن آبائه | سنن المعروف بالفعل الجميل |
عَجَزَتْ عنها فحول من فحول | |
هذه الناس التي في عصرنا | ما رأينا لك فيهم من مثيل |
شرفٌ أوضَحُ من شمس الضحى | ليس يحتاج سناها لدليل |
إنْ هززناك هززنا صارماً | |
أسأل الله لك العزَّ الذي | كان من أشرف آمالي وسولي |
دائِمَ النعمة منهلَّ الحيا | مورد الظامي بعذب سلسبيل |
فلنعمائِك عندي أثرٌ | أثرَ الوابل في الروض المحيل |
لو شكرت الدهر ما خَوَّلتني | لا أفي حقَّ كثير من قليل |
إنَّما أنتم غيوثٌ في الندى | وإذا كانت وغى ً آساد غيل |
نجباءٌ من كرام نجُبٍ | وكسوني كلَّ فضفاض الذيول |
وأرَوني العزَّ خفضاً عيشه | والردى أهونُ من عيش الذليل |
زيِّنوا شعري بذكرى مجدهم | في أعاريضِ فعيل وفعول |
إنَّهم فضلٌ وبأسٌ وندى | زينة الافرند للسيف الصقيل |
وزكَتْ أعراقُهُم منذ نَمَت | بفروع زاكيات وأصول |
في سبيل الله ما قد أنْفَقوا | لليتامى ولأبناء السبيل |
أنفقوا أموالهم وادَّخروا | حسنات الذكر في المجد الأثيل |
تخلق الدهر وتكسو جدّة | وتعيد الذكر جيلاً بعد جيل |
يا نجوماً أشرقتْ في أفقنا | لا رماك الله يوماً بالأفول |
أنتمُ الكنز الذي أدخره | للملمّات من الخطب الجليل |
وإليكم ينتهي لي أمَلٌ | كاد أنْ يطمعني بالمستحيل |
كم وكم لي فيكم من مِدَحٍ | رفعت ذكري بكم بعد الخمول |
فمتى أغدو إلى إحسانكم | إنّما أغدوا إلى ظلٍّ ظليل |
لم أزل أحظى لديكم بالغنى | والعطاء الجمِّ والمال الجزيل |