يا ليلة ً في آخر الشّهر
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا ليلة ً في آخر الشّهر | قد جئتِ بعد الصَّوم بالفطر |
كشف الصباح لنا حوادثها | وتكشّفت عن مضمر الغدر |
أصبحتُ منها غير مفتقر | أبداً إلأى حرس على وكر |
هجمت عليَّ بحادث جلل | وهجومها من حيث لا أدري |
خطبٌ ألمَّ ويا لنازلة ٍ | طلعت عليَّ به مع الفجر |
في ليلة ليلاء تحسبها | يوم الفراق وليلة القبر |
ما جنّ حتى جنّ طارقه | طرق المبيت بطارق الشر |
وأظن أن الشمس ماكسفت | إلاّ لتكشف بعدها ضري |
ولقد أقمت مقام ذي سفه | صعبَ المقامُ به على الحر |
في منزل أخذوا مساحته | يوماً فما أوفى على شبر |
يا مؤجري داراً سرقتُ بها | لا فزتَ بعد اليوم بالأجر |
لولا الضرورة كنتَ مرتحلاً | عنها وكنت نزلت في قفر |
دامي العيون على أُصَيبيَة ٍ | سوء الحظوظ وأوجه غر |
ماعندهم صبر على أمل | يرجونه في العر لليسر |
لم يفرحوا بغلائل حمر | |
من كل مبتهج بكسوته | طرب الشمائل باسم الثغر |
ناموا وما انتبهوا لشقوتهم | إلاّ انتباه الخوف والذعر |
يتلفَّتون إلى غلائلهم | فدموعهم من فقدها تجري |
ضاقت بهم بغداد أجمعها | واليوم ضاق لضيقهم صدري |
ونظيرة الخنساءِ مكثرة | بالنوح باكية على صخر |
ولقد عجبت لها ويعجبني | أمران ما اتفقا على أمر |
أبكي على حظٍّ منيت به | وهي التي تبكي على القدر |
هذا وتضحكني مقالتها | كيف البقاء بنا مع الفقر |
فكأنما كانت وأين لها | في نعمة موصوفة الخير |
فرحوا بزينتهم ولو عقلوا | |
هل كنت قبل اليوم في سعة | وملابس من سندس خضر |
أو ما ذكرت العمر كيف مضى | لا كان ذاك العمر من عمر |
إذ تذكرين جلاجلاً سرقت | ولقد نسيت الجوع في شهر |
خمص البطون حواني الظهر | |
صفرٌ يسؤوك ما عرفت بهم | من شؤم وقع حوادث غير |
وعددت ألف قضيّة سلفت | تطوى الضلوع بها على الجمر |
ما أنكرت منهنّ واحدة | فلطمتها بأنامل عشر |
وعذرتها وعذلت عاذلها | والعذل بيَّنَ بَيِّنَ العذر |
وقع البلاء فلم يفدْ جزع | فتعلّلاً بعواقب الصبر |
بعد الرجاء بموطن خشن | يلقي الكارم بجانب وعر |
بَلَدٌ كبارُ ملوكِه بَقَرٌ | صاروا ولاة النهي والأمر |
فبات يرعى الفرقدين والسها | |
لا يفقهون حديث مكرمة | فيهزّهم نظمي ولا نثري |
أصبحتُ أشقى بين أظهرهم | فكأنني أصبحت في أسر |
حتى يريك النعل في الصدر | |
وإذا سألتهم بمسألة ٍ | بخلوا ولو بقلامة الظفر |
ذهب الذين أنال نائلهم | وأعدّهم من أنفس الذخر |
إنْ ساءَني زمنٌ سرِرت بهم | وكفيت فيهم صولة الدهر |
ومدحتهم وشكرت نعمتهم | بغرائب الأبيات من شعري |
ولئن شكرت بمثلها أحداً | فأبو الجميل أحقّ بالشكر |
لم يبق من أهل الجميل سوى | عبد الغني ونيله الوفر |
إلاّ تداركني برحمته | إني إذاً وأبي لفي خسر |
وترحّلت بي عن مَباركِها | ولاّجة في المهمه القفر |
ومبدّد الأموال مهلكها | بالمكرمات لخالد الذكر |
قسماً به وجميل مصطنع | من فضله قسماً لذي حجر |
لولاه ماعلق الرجاء ولا | عرف الجميل بأهل ذا العصر |
ما زال أندى من مجللّة | بالقطر تملي سائر القطر |
فانشر ثناءك ما استطعت على | عبق العناصر طيب النشر |
مزجت محبته بأنفسنا | مثل امتزاج الماء والخمر |
لفضائل شهد العدو بها | ومناقب كالأنجم الزهر |
درعٍ يقي من كل نائبة | لا ما يقي من البرد والحر |
أمعللَّي بحديثه كرماً | حَدِّثْ ولا حرج عن البحر |
وإذا أثابك من مكارمه | فمثوبة في الأجر والفخر |
أدعو له ولمن يلوذ به | في العالمين دعاء مضطر |
أنْ لا يزال كما أشاهده | كالبدر أو في رفعة البدر |