بانَ الأحبّة ُ بالعهدِ الّذي عهدوا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بانَ الأحبّة ُ بالعهدِ الّذي عهدوا | فَلاَ تَمَالُكَ عَنْ أرْضٍ لَهَا عَمَدُوا |
وَرَادَ طَرْفُكَ في صَحْرَاءَ ضَاحِيَة ٍ | فِيهَا لِعَيْنَيْكَ والأظْعَانُ مُطَّرِدُ |
واسْتَقْبَلَتْ سَرْبَهُمْ هَيْفٌ يَمَانِيَة ٌ | هَاجَتْ نِزَاعاً وَحَادٍ خَلْفَهُمْ غَرِدُ |
حَتَّى إذَا حَالَتِ الأرْحَاءُ دُونَهُمُ | أرحاءُ أرملَ حارَ الطّرفُ أوْ بعدوا |
حثّوا الجمالَ وقالوا إنَّ مشربكمْ | وَادِي الْمِياهِ وَأحْسَاءٌ بِهِ بُرُدُ |
وفي الخيامِ إذا ألقتْ مراسيها | حورُ العيونِ لإخوانِ الصّبى صيدُ |
كَأنَّ بَيْضَ نَعَام في مَلاَحِفِهَا | إذا اجْتَلاَهُنَّ قَيْظٌ لَيْلُهُ وَمِدُ |
لَهِا خُصُورٌ وَأَعْجَازٌ يَنُوءُ بِهَا | رملُ الغناءِ وأعلى متنها رؤدُ |
مِنْ كُلِّ وَاضِحَة ِ الذِّفْرَى مُنَعَّمَة ٍ | غَرَّاءَ لَمْ يَغْذُهَا بُؤْسٌ وَلاَ وَبَدُ |
يثني مساوفها غرضوفَ أرنبة ٍ | شمّاءَ منْ رخصة ٍ في جيدها أودُ |
لَهَا لِثَاثٌ وأنْيَابٌ مُفَلَّجَة ٌ | كالأُقْحُوَانِ عَلَى أطْرَافِهِ الْبَرَدُ |
يجري بها المسكُ والكافورُ آونة ً | والزَّعْفَرَانُ عَلَى لَبَّاتِهَا جَسِدُ |
كَأنَّ رَيْطَة َ جَبَّارٍ إذَا طُوِيَتْ | بَهْوُ الشَّرَاسِيفِ مِنْهَا حِينَ تَنْخَضِدُ |
نِعْمَ الضَّجِيعُ بُعَيْدَ النَّوْمِ يُلْجِئُهَا | إلى حشاكَ سقيطُ اللّيلِ والثّأدُ |
كأنَّ نشوتها واللّيلُ معتكرٌ | بعد العشاءِ وقدْ مالتْ بها الوسدُ |
صَهْبَاءُ صَافِيَة ٌ أغْلَى التِّجَارُ بِهَا | مِنْ خَمْرِ عَانَة َ يَطْفُو فَوْقَهَا الزَّبَدُ |
لَوْلاَ الْمَخاوِفُ والأوْصَابُ قَدْ قَطَعَتْ | عرضَ الفلاة ِ بنا المهريّة ُ الوخذُ |
في كلِّ غبراءَ مخشيٍّ متالفها | جدّاءَ ليسَ بها عدٌّ ولا ثمدُ |
تمسي الرّياحُ بها حسرى ويتبعها | سرادقٌ ليسَ في أطرافهِ عمدُ |
بَصْبَاصَة ُ الْخِمْسِ في زَوْرَاءَ مَهْلَكَة ٍ | يَهْدِي الأَدِلاَّءَ فِيهَا كَوْكَبٌ وَحَدُ |
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقاً يَمَانِيَة ً | إذا الحداة ُ على أكسائها حفدوا |
حسبَ الجماجمِ اشباهًا مذكّرة ً | كأنّها دمكٌ شيزيّة ٌ جددُ |
قامَ السّقاة ُ فناطوها إلى خشبٍ | عَلَى كُبَابٍ وَحَوْمٌ خَامِسٌ يَرِدُ |
ذَوُو جَآجِيءَ مُبْتَلٌّ مَآزِرُهُمْ | بَيْنَ الْمَرَافِقِ في أيْدِيهِمُ حَرَدُ |
أوْ رَعْلَة ٌ مِنْ قَطَا فَيْحَانَ حَلأَّهَا | عَنْ مَاءِ يَثْبَرَة َ الشُّبَّاكُ والرَّصَدُ |
تَنْجُو بِهِنَّ مِنَ الْكُدْرِيِّ جَانِيَة ٌ | بالرّوضِ روضِ عماياتٍ لها ولدُ |
لَمَّا تَخَلَّسَ أنْفَاساً قرَائِنُهَا | منْ غمرِ سلمى دعاها توءمٌ قردُ |
تهوي لهُ بشعيبٍ غيرِ معصمة ٍ | منغلّة ٍ دونها الأحشاءُ والكبدُ |
دُونَ السَّمَاءِ وَفَوْقَ الأرْضِ مَسْلَكُهَا | تِيهٌ نَفَانِفُ لاَ بَحْرٌ وَلاَ بَلَدُ |
تطاولَ اللّيلُ منْ همٍّ تضيّفني | دونَ الأصارمِ لمْ يشعرْ بهِ أحدُ |
إلاَّ نَجِيَّة َ آرَابٍ تُقَلّبُنِي | كما تقلّبَ في قرموصهِ الصّردُ |
مِنْ أمْرِ ذِي بَدَوَاتٍ لاَ تَزَالُ لَهُ | بَزْلاَءُ يَعْيَا بِهَا الْجَثَّامَة ُ اللُّبَدُ |
وَعَيْنِ مُضْطَمِرِ الْكَشْحَيْنِ أرَّقَهُ | هَمٌّ غَرِيبٌ وَنَاوِي حَاجَة ٍ أَفِدُ |
وناقة ٍ منْ عتاقِ النّوقِ ناجية ٍ | حرفٍ تباعدَ منها الزّورُ والعضدُ |
ثَبْجَاءَ دَفْوَاءَ مَبْنِيٍّ مَرَافِقُهَا | على حصيرينِ في دفّيهما جددُ |
مقّاءَ مفتوقة ِ الإبطينٍ ماهرة ٍ | بِالسَّوْمِ نَاطَ يَدَيْهَا حَارِكٌ سَنَدُ |
ينجو بها عنقٌ صعلٌ وتلحقها | رِجْلاَ أصَكَّ خِدَبٍّ فَوْقَهُ لَبِدُ |
تضحي إذا العيسُ أدركنا نكائثها | خرقاءَ يعتادها الطّوفانُ والزّؤدُ |
كأنَّهَا حُرَّة ُ الْخَدَّيْنِ طَاوِيَة ٌ | بعالجٍ دونها الخلاّتُ والعقدُ |
ترمي الفجاجَ بكحلاوينِ لمْ تجدا | رِيحَ الدُّخَانِ ولَمْ يَأخُذْهُمَا رَمَدُ |
باتتْ بشرقيِّ يمؤودٍ مباشرة ً | دعصًا ارذَّ عليهِ فرّقٌ عندُ |
في ظلِّ مرتجزٍ تجلو بوارقهُ | لِلنَّاظِرَيْنِ رِوَاقاً تَحْتَهُ نَضَدُ |
طَوْرَيْنِ طَوْراً يَشُقُّ الأرْضَ وابِلُهُ | بعدَ العزازِ وطورًا ديمة ٌ رغدُ |
حَتَّى غَدَتْ في بَيَاضِ الصُّبْحِ طَيِّبَة ً | رِيحَ الْمَبَاءَة ِ تَخْدِي والثَّرَى عَمِدُ |
لَمَّا رَأَتْ مَا أُلاَقِي مِنْ مُجَمْجَمَة ٍ | هيَ النّجيُّ إذا ما صحبتي هجدوا |
قَامَتْ خُلَيْدَة ُ تَنْهَانِي فَقُلْتُ لَهَا | إنَّ الْمَنَايَا لِمِيقَاتٍ لَهُ عَدَدُ |
وقُلْتُ مَا لاْمْرِىء ٍ مِثْلِي بِأرْضِكُمُ | دونَ الإمامِ وخيرِ النّاسِ متّأدُ |
إنّي وَإيَّاكِ والشَّكْوَى الَّتي قَصَرَتْ | خَطْوِي وَنَأْيُكِ والْوَجْدُ الَّذِي أجِدُ |
كالماءِ والظّالعُ الصّديانُ يطلبهُ | هو الشّفاءُ لهُ والرّيُّ لوْ يردُ |
إنَّ الْخِلاَفَة َ مِنْ رَبِّي حَبَاكَ بِهَا | لَمْ يُصِفْهَا لَكَ إلاَّ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ |
القابضُ الباسطُ الهادي لطاعتهِ | فِي فِتْنَة ِ النَّاسِ إذْ أهْوَاؤُهُمْ قِدَدُ |
أمْراً رَضِيتَ لَهُ ثُمَّ اعتَمَدْتَ لَهُ | واعلمْ بأنَّ أمينَ اللهِ معتمدُ |
واللَّهُ أخْرَجَ مِنْ عَمْيَاءَ مُظْلمَة ٍ | بِحَزْمِ أمْرِكَ وَالآفَاقُ تَجْتَلِدُ |
فَأَصْبَحَ الْيَوْمَ في دَارٍ مُبَارَكَة ٍ | عِنْدَ الْمَلِيكِ شِهَاباً ضَوْؤُهُ يَقِدُ |
ونحنُ كالنّجمِ يهوي منْ مطالعهِ | وَغُوطَة ُ الشَّامِ مِنْ أعْنَاقِنَا صَدَدُ |
نَرْجُو سِجَالاً مِنَ الْمَعْرُوفِ تَنْفَحُهَا | لِسَائِلِيكَ فَلاَ مَنُّ وَلاَ حَسَدُ |
ضَافِي الْعَطِيَّة ِ رَاجيهِ وَسَائِلُهُ | سيَّان، أفْلَحَ مَنْ يُعْطِي وَمَنْ يَعِدُ |
أَنْتَ الْحَيَا وَغِيَاثٌ نَسْتَغِيثُ بِهِ | لوْ نستطيعُ فداكَ المالُ والولدُ |
أزرى بأموالنا قومٌ أمرتهمُ | بالعدلِ فينا فما أبقوا وما قصدوا |
نُعْطِي الزَّكَاة َ فَمَا يَرْضَى خَطِيبُهُمُ | حَتَّى نُضَاعِفَ أضْعَافَاً لَهَا غُدَدُ |
أمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ | وفقَ العيالِ فلمْ يتركْ لهُ سبدُ |
واخْتَلَّ ذُو الْمَالِ والْمُثْرُونَ قَدْ بَقِيَتْ | عَلَى التّلاتِلِ مِنْ أمْوَالِهِمْ عُقَدُ |
فإنْ رفعتَ بهمْ رأسًا نعشتهمُ | وَإنْ لَقُوا مِثْلَهَا فِي قَابِلٍ فَسَدُوا |