يَقُولُ خَليلي إذْ أَجَازَتْ حُمُولُها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يَقُولُ خَليلي إذْ أَجَازَتْ حُمُولُها | خَوَارِجَ مِنْ شَوْطَانَ: بِالصَّبْرِ فکظْفَرِ |
فَقُلْتُ لَهُ: ما مِنْ عَزَاءٍ وَلاَ أَسًى | بِمُسْلٍ فُؤادي عَنْ هَوَاها فَأَقْصِر |
وَمَا مِنْ لِقاءٍ يُرْتَجَى بَعْدَ هَذِهِ | لَنَا وَلَهُمْ دُونَ کلْتِفَافِ المُجَمَّر |
فهاتِ دواءً للذي بي من الجوى ، | وإلا فدعني من ملامكَ، وعذر |
تباريحَ، لا يشفي الطبيبُ الذي به، | وَلَيْسَ يُؤاتِيهِ دَواءُ المُبَشِّرِ |
وَطَوْرَيْنِ طَوْراً يَائِسٌ مَنْ يَعودُهُ | وَطَوْراً يُرَى في العَيْنِ كالمُتَحَيِّرِ |
صَريعُ هَوًى نَاءَتْ بِهِ شاهِقيَّة ٌ | هَضِيمُ الحَشَا حُسّانَة ُ المُتَحَسَّرِ |
قطوفٌ، الوفٌ للحجالِ، غريرة ٌ، | وثيرة ُ ما تحتَ اعتقادِ المؤزر |
سبتهُ بوحفٍ في العقاصِ مرجلٍ، | أثيثٍ كقنوِ النخلة ِ المتكور |
وَخَدٍّ أَسِيلٍ كَالوَذِيلَة ِ نَاعِمٍ | مَتَى يَرَهُ رَاءٍ يُهِلّ وَيُسْحَرِ |
وَعَيْنَيْ مَهاة ٍ في الخَمِيلَة ِ مُطْفِلٍ | مُكَحَّلَة ٍ تَبْغي مَراداً لِجُؤذَرِ |
وَتَبْسِمُ عَنْ غَرٍّ شَتيتٍ نَبَاتُهُ | لَهُ أُشُرٌ كَالأُقْحُوَانِ المُنَوِّرِ |
وتخطو على برديتينِ غذاهما | سوائلُ من ذي جمة ٍ متحير |
مِنَ البِيضِ مِكْسَالُ الضُّحَى بُحْتُرِيَّة ٌ | ثَقَالٌ مَتَى تَنْهَضْ إلى َ الشَّيْءِ تَفْتر |
فَلَمَّا عَرَفْتُ البَيْنَ مِنْها وَقَبْلَهُ | جَرَى سَانِحٌ لِلْعَائِفِ المُتَطَيِّرِ |
شَكَوْتُ إلى بَكْرٍ وَقَدْ حَالَ دُونَهَا | سيفٌ، متى ينصبْ له الطرف يحسر |
فَقُلْتُ أَشِرْ! قَالَ: کئْتَمِرْ أَنْتَ مُؤْيَسٌ | ولم يكبروا فوتاً، فما شئتَ فأمر |
فقلتُ: انطلقْ نتبعهمُ، إنّ نظرة ً | إلَيْهِمْ شِفَاءُ لِلْفُؤادِ المُضَمَّرِ |
فَرُحْنا وَقُلْنَا لِلْغُلاَمِ کقْضِ حَاجَة ً | لنا، ثمّ أدركنا، ولا تتغير |
سراعاً نغمُّ الطيرَ، إن سنحتْ لنا، | وإنْ يَلْقَنا الرُّكْبَانُ لا نَتَحَيَّرِ |
فلما أضاءَ الفجرُ عنا، بدا لنا | ذُرَى النَّخْلِ والقَصْرُ الَّذي دُونَ عَزْوَرِ |
فقلتُ: اعتزلْ ذلَّ الطريق، فإننا | متى نرَ تعرفنا العيونُ، فنشهر |
فَظِلْنا لَدَى العَصْلاءِ تَلْفَحُنا الصَّبا | وَظَلَّتْ مَطَايَانا بِغَيْرِ مُعْصَّرِ |
لدنْ غدة ً، حتى تحينتُ منهمُ | رواحاً، ولانَ اليومُ للمتهجرِ |
فلما أجزنا الميلَ من بطنِ رابغٍ، | بدتْ نارها قمرا للمتنور |
فقلتُ: اقتربْ من سربهم تلقَ غفلة ً | مِنَ الرَّكْبِ وکلْبَسْ لِبْسَة َ المُتَنَكِّرِ |
فَإنَّكَ لا تَعْبَى إلَيْهَا مُبَلِّغاً | وإنْ تلقها دون الرفاقِ، فأجدر |
فقالتْ لأترابٍ لها: ابرزنَ، إنني | أَظُنُّ أَبَا الخَطَبِ مِنَّا بِمَحْضَرِ |
قَرِيباً عَلَى سَمْتٍ مِنَ القَوْمِ تُتَّقَى | عُيُونُهُم مِنْ طَائِفِينَ وَسُمَّرِ |
لَهُ کخْتَلَجَتْ عَيْني أَظُنُّ عَشِيَّة ً | وأقبل ظبيٌ سانحٌ كالمبشرِ |
فَقُلْنَ لَهَا لاَ بَلْ تَمَنَّيْتِ مُنْيَة ً | خلوتِ بها عند الهوى والتذكر |
فقالت لهنّ: امشينَ، إما نلاقهِ، | كَمَا قُلْتُ أَوْ نَشْفِ النُّفوسَ فَنُعْذِرِ |
وَجِئْتُ کنْسِيَابَ الأَيْمِ في الغَيْلِ أَتَّقى کلـ | ـعُيُونَ وأُخْفي الوَطْءَ لِلْمُتَقَفِّرِ |
فَلَمَّا کلْتَقَيْنا رَحَّبَتْ وَتَبَسَّمَتْ |