سقياً لمَنزلة ِ الحِمى وكَثيبِها،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سقياً لمَنزلة ِ الحِمى وكَثيبِها، | إذ لا أرى زمناً كأزماني بها |
ما أعرفُ اللذاتِ إلاّ ذاكراً ، | هيهاتَ قد خلفتُ لذاتي بها |
و بكيتُ من جزعٍ لنوح حمامة ٍ ، | دَعَتِ الهديلَ، فظَلّ غيرَ مجيبها |
نحنا ، وناحت ، غيرَ أنّ بكاءنا | بعيوننا ، وبكاءها بقلوبها |
منَعَ الزّيارة َ من شُرَيرة َ خائفٌ، | لو يستطيعُ لباتَ بينَ جيوبها |
ساءَت بك الدّنيا وسَرّتْ مرّة ً | فأراكَ من حسناتها وذنوبها |
و يجرلاني بالمطلِ موعدُ حاجة ٍ ، | لو شئتُ قد بردَ الغليلُ بطيبها |
محبوسة ٍ، في كفّ مَطلِك طالَما | عذبتني ، وشغلتَ آمالي بها |
خلَّ العواذلَ ليلة ً قاسيتها ، | والنّاجياتُ بنَصّها ودُؤوبِها |
يحمِلنَ وفدَ الشّكرِ فوقَ رِحالها، | و الشاكرُ النعماءِ كالجاري بها |
بِيضاً ومسَّهمُ الهَجِيرُ بسُمرة ٍ، | مثلَ البدورِ سطَعنَ تحتَ سُحوبها |
لما رأيتَ الملكَ شظى عوده ، | وهوَت كواكبُ سعدِها بغُروبها |
حَرّكتَ تدبيراً عليه سَكِينة ً، | و خلطتَ ضحكة َ حازمٍ بقطوبها |
و ذخرتَ للأعداءِ أسدَ وقائعٍ | صُبُراً على غُمّاتِها وكُروبِها |
أسدٌ فرائسها الفوارسُ لا تطا | إلاّ على الأقرانِ يومَ حرُوبِها |
كم فتنة ٍ لاقيتَ فيها فرصة ً | فخَتَمتَها، ووَثبتَ قبل وُثوبها |
راعيتَ جانبَها بلَحظٍ حازمٍ، | فطنِ بعقربِ علة ٍ ودبيبها |
كم قائلٍ، والهامُ تُنظَمُ في القَنا: | لا يصلحُ الخرزاتِ غيرُ ثقوبها |
قُطبٌ يُديرُ رَحى الحوادثِ حولَه، | مُتفرّدٌ بصُرُوفِها وخُطوبِها |
وعُهودِ مِيثاقٍ أخذتَ وزِدتَها | شداً ، كما عقد القنا بكعوبها |
وعَزائمٍ أعهدتَها في صَمتِه، | لا تكشِفُ الأوهامُ سِترَ غيوبِها |
و البيضُ لا يهتكنَ ما لاقيته | إلاً بصوتِ متونها وركوبها |
ولربّ أشرارٍ لنَفسٍ نالَها | أعداؤها من خِلّها وحَبيبها |
وتنالُ ما فاتَ العجولَ تمهُّلاً، | و دوامُ حضرِ الخيل في تقريبها |
كم دولة ٍ مرضتْ وأبرأها لنا ، | لولاه برّح سُقمُها بطبيبها |
و لربّ سمعٍ قد قرعتَ بحجة ٍ ، | هذبتها من شكها وعيوبها |
أثنى عليها بالصّوابِ حَسُودُها، | و قضى عليها خصمها بوجوبها |
إعطاؤها التّوفيقَ من كلِماتِه، | بيضاءَ ساطعة ً لمن يَسري بها |