بيْتٌ، بَنَتْه ليَ الحياة ُ من الشذَى ،
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بيْتٌ، بَنَتْه ليَ الحياة ُ من الشذَى ، | والظلّ، والأَضْواءِ، والأنغامِ |
بيتٌ، من السِّحرِ الجميلِ، مشَيَدٌ | للحبِّ، والأحلامِ، والالهامِ |
في الغابِ سِحْرٌ، رائعٌ متجدِّدٌ | باقٍ على الأَيامِ والأعْوامِ |
وشذًى كأجنحة الملائكِ، غامضٌ | سَاهٍ يُرفرف في سُكونٍ سَامِ |
وجداولٌ، تشْدو بمعسول الغِنا | وتسيرُ حالمة ً، بغيرِ نِظَامِ |
ومخارفٌ نَسَجَ الزمانُ بساطَها | من يابسِ الأوراقِ والأكمامِ |
وَحَنَا عليها الدّوّحُ، في جَبَرُوتِهِ | بالظلِّ، والأغصان والنسام |
في الغاب، في تلك المخارف، والرُّبى ، | وعلى التِّلاع الخُضرِ، والآجامِ |
كم من مشاعرِ، حلْة ٍ، مجْهولة ٍ | سَكْرَى ، ومِنْ فِكَرٍ، ومن أوهامِ |
غَنَّتْ كأسرابِ الطُّيورِ، ورفرفت | حولي، وذابتْ كالدّخان، أمامي |
ولَكَمْ أَصَخْتُ إلى أناشيد الأسى | وتنهُّدِ الآلام والأسقامِ |
وإلى الرياحِ النائحاتِ كأنّها | في الغاب تبكي ميِّت الأيَّامِ |
وإلَى الشبابِ، مُغَنَّياً، مُتَرَنِّماً | حوْلي بألحان الغَرامِ الظَّامي |
وسمعتُ للطير، المغرِّد في الفضا | والسِّنديانِ، الشامخ، المتَسامي |
وإلى أناشيد الرّعاة ِ، مُرِفَّة ً | في الغاب، شَادية ً كسِرْبِ يَمامِ |
وإلى الصّدى ، المِمراح، يهتفُ راقصاً | بين الفِجَاجِ الفيحِ والآكامِ |
حتى غَدَا قلبي كنَايٍ، مُت}رَع | ثَمِلٍ من الألحان والنغامِ |
فَشَدَوْتُ باللَّحنِ الغَريب مجنَّحاً | بكآبة ِ الأحلامِ والآلامِ |
في الغاب، دنيا للخيال، وللرُّؤى ، | والشِّعرِ، والتفكيرِ، والأحلامِ |
لله يومَ مضيتُ أوّلَ مرّة ٍ | للغابِ، أرزحُ تحت عبءِ سَقامي |
ودخَلتُه وحدي، وحوْلي موكبٌ | هَزِجٌ، من الأحلامِ والأوهامِ |
ومشيْتُ تحت ظِلاله مُتَهَيِّباً | كالطفل، في صضمتٍ، وفي استسلامِ |
أرنو إلى الأّدْوَاحِ، في جبروتها | فإخَالُها عَمَدَ السَّماءِ، أمامي |
قَد مسَّها سِحْرُ الحياة ، فأوْرَقَتْ | وتَمَايَلَتْ في جَنَّة ِ الأحلامِ |
وأُصِيخُ للصّمتِ المفكّر، هاتِفاً | في مِسْمعي بغرائب الأنغامِ |
فإذا أنا في نَشْوَة ٍ شعرّية ٍ | فَيَّاضة ٍ بالوحي والإلهامِ |
ومشاعري في يقظة ٍ مسحورة ٍ | ....... |
وَسْنَى كيقظة ِ آدَمٍ لمَّا سَرَى | في جسمه، رُوحُ الحياة ِ النّامي |
وشَجَتْه مْوسيقى الوجودِ، وعانـ | ـقتُ أحلامَهُ، في رِقّة ٍ وسلامِ |
ورأى الفَراديسَ، الأَنيقة َ، تنثني | في مُتْرَفِ الأزهار والكمامِ |
ورأى الملائكَ، كالأشعَّة في الفَضَا | تنسابُ سابحة ً، بغير نظامِ |
وأحسّ رُوحَ الكون تخفقُ حوله | في الظِّلِّ، والأضواءِ، والأنسامِ |
والكائناتِ، تحوطُهُ بِحَنَانها | وبحبِّها، الرَّحْبِ، العميقِ، الطَّامي |
حتى تملأَ بالحياة كِانُه | وسَعى وراءَ مواكبِ الأيامِ |
ولَرُبَّ صُبْحٍ غائمٍ، مُتَحجِّبٍ | في كِلَّة ٍ من زَعْزَعٍ وغَمامِ |
تتنفَّسُ الدُّنيا ضَباباً، هائماً | مُتدفِّعاً في أفْقه المُترامي |
والرِّيحُ تخفقُ في الفضاءِ، وفي الثَّرى | وعلى الجبال الشُّمِّ، والآكام |
باكَرْتُ فيه الغابَ، مَوْهُونَ القُوى َ | متخاذِلَ الخُطُواتِ والأَقدامِ |
وجلستُ تحتَ السّنديانة ِ، واجماً | أرنو إلى الأفُق الكئيب، أمامي |
فأرى المبانيَ في الضباب، كأنها | فِكْرٌ، بأرضِ الشَّكِّ والإبهامِ |
أو عَالَمٌ، ما زال يولَدُ في فضا | الكونِ، بين غياهبٍ وسِدامِ |
وأرى الفجاجَ الدامساتِ، خلالَه | ومشاهدَ الوديان والآجامَ |
فكأنها شُعَبُ الجحيم،رهيبة ُ | ملفوفَة في غُبشة ٍ وظَلامِ |
صُوَرٌ، من الفنِّ المُرَوِّعِ، أعجزت | وَحْيَ القريضِ وريشة َ الرسّامِ |
وَلَكَمْ مَسَاءٍ، حَالمٍ متوَشِّحٍ | بالظّلِ، والضّوءِ الحزين الدامي |
قدْ سِرْتُ في غابي، كَفِكرٍ، هَائمٍ | في نشوة ِ الأحلام والإلهامِ |
شَعَري، وأفكاري، وكُلُّ مشاعري | منشورة ٌ للنُّور والأنسام |
والأفق يزخَرُ بالأشعَّة ِ والشَّذَى | والأرضُ بِالأعشابِ والأكمامِ |
والغابُ ساجٍ، والحياة ُ مصيخة ٌ | والأفقُ، والشفقُ الجميلُ، أمامي |
وعروسُ أحلامي تُداعبُ عُودَها | فيَرنُّ قلبي بالصَّدَى وعِظامي |
روحٌ أنا، مَسْحُورة ٌ، في عَالمٍ | فوق الزمان الزّاخر الدَّوَّامِ |
في الغابِ، في الغابِ الحبيبِ، وإنَّه | حَرَمُ الطَّبيعة ِ والجمالِ السَّامي |
طَهَّرْتُ فينار الجمال مشاعِري | ولقِيتُ في دنيا الخيال سَلامي |
ونسيتُ دنيا النّاس، فهي سخافة ٌ | سَكْرَى من الأَوهامِ والآثامِ |
وَقَبسْتُ من عَطْفِ الوجود وحُبِّه | وجمالهِ قبساً، أضاءَ ظلامي |
فرأيتُ ألوانَ الحياة ِ نضيرة ً | كنضارة ِ الزّهرِ الجميلِ النّامي |
ووجدتُ سحْرَ الكون أسمى عنصراً | وأجلَّ من حزني ومن آلامي |
فأهَبْتُ ـ مسحورَ المشاعر، حالماً | نشوانَ ـ بالقلب الكئيب الدّامي: |
"المعبدُ الحيُّ المقدَّسُ هاهنا | يا كاهنَ الأحزان والآلامِ |
«فاخلعْ مُسُوحَ الحزنِ تحت ظِلالِهِ | والبسْ رِدَاءَ الشِّعرِ والأَحلامِ» |
«وارفعْ صَلاَتكَ للجمالِ، عَميقة ً | مشبوبة ً بحرارة الإلهامِ |
واصدحْ بألحان الحياة ، جميلة ً | كجمال هذا العالم البسَّامِ |
واخفقْ مع العِطْر المرفرفِ في الفضا | وارقصْ مع الأضواء والأنسامِ |
ومعَ الينابيعِ الطليقة ِ، والصَّدَى | ...... |
وَذَرَوْتُ أفكاري الحزِينة َ للدّجى | ونَثَرْتُها لِعَواصِفِ الأَيَّامِ |
ومَضَيْتُ أشدُو للأشعَّة ِ ساحراً | من صوت أحزاني، وبطش سقامي |
وهتفتُ: "ياروحَ الجمالِ تدَفَّقِي | كالنَّهرِ في فِكرِي، وفي أحْلامي» |
وتغلغلي كالنّور، في رُوحي التي | ذَبُلتْ من الأحزان والآلامِ |
أنتِ الشعورُ الحيُّ يزخرُ دافقاً | كالنّار، في روح الوجودِ النَّامي» |
ويصوغ أحلامَ الطبيعة ِ، فاجعـ | ـلي عُمري نشيداً، ساحِرَ الأتغامِ |
«وشذًى يَضُوعُ مع الأشعَّة ِ والرُّؤى | في معبد الحق الجليل السامي" |