رمى الموتُ في عين التصبّرِ بالدم
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رمى الموتُ في عين التصبّرِ بالدم | وقال لحسن الصبر: بين الحشا دُمّ |
على القائد الأعلى الذي فُلّ عزمه | كما فُلّ عن ضرب الطلى حّدُّ مخذم |
أرى زمنَ الدنيا يُنقِّلُ أهلها | إلى دار أخرى ، من غنّي ومعدم |
وخانَ أمينَ الملك فيما انطوى له | على حفظِ أسرار الجلال المكتّم |
وصادره الحتفُ الذي حطّهُ إلى | حشا القبر، عن صدرِ الخميس العرمرمِ |
وما شاءَهُ ذو العرْشِ جلّ جلالُهُ | يدقّ ويَخْفَى عن خفّي التَوهّم |
فما دَفعتْ عنه جنودُ جنودهِ | على أنها في القرب كاليد للفم |
ولم يُغْنِ عنها الضرْبُ من كلّ مرْهَفٍ | ولا نافذاتُ الطعنِ من كلّ لهذم |
بأيدي كماة ٍ منهمُ كلُّ مُقْدِمٍ | بإقْدامِهِ يحمي حِماهُ ويحتمي |
ويُقبلُ في فضفاضة ٍ فارسية ٍ | تحدّثُ عن أبطالِ عادٍ وجُرْهُمِ |
عليّ بن حمدونَ الذي كان حَمْدُهُ | تُرفَّعُ منه هِمّة ُ المتكلمِ |
خلتْ منه يوم الروع كلّ كتيبة ٍ | وكم عَمِرَتْ من بأسِهِ بالتقدّم |
كأنَّ عَلَيها للعجاج مُلاءة ً | مُطَيّرة ً في الجوّ من كلّ قشعم |
متى تعبسِ الهيجا لهُ في لِقائِهِ | رأتْ منه في الإقحامُ سِنَّ تبسم |
تنقّلَ من سرجِ الكميّ بحتفهِ | إلى حفرة ٍ في جوفِ لحدٍ مُسَنَّمِ |
وكم مُكْرَمٍ بالعزِّ فَوْقَ أريكة ٍ | يصيرُ إلى بيتِ العلى المتهدمِ |
وكم كرمٍ تنهلّ جدوى يمينه | لأيدي عفاة ٍ من مُحِلّ ومحرم |
كأنَّ صفاءَ الجوّ يَوْمَ عَطائِهِ | مشوبٌ بشؤبوب الغمام المديّم |
فَظُلّلْتُ منه في تَوَحّشِ غُرْبَة ٍ | بظلّ جناح بين غبراءَ مظلم |
وأرضعني ثديَ المنى فكأنني | وليدٌ أتى عمرانَ شيخ التقدّم |
وما أبتُ عن جدواهُ إلا مُشيّعاً | بإفْضالِ ذي فَضْلٍ وإنْعام منعم |
فيا سيداً زُرناهُ حيّاً وميّتاً | فما زال في هذا الجناب المعظمِ |
نردّد تسليماً عليك محبّة ً | وإن كنتَ لم تَردُدْ سلامَ المسلّم |
وذي خفقات بالقرى تسحق الحصى | لهنَّ اجتراء من حديد التحدّم |
وراجي النّدى من غيره كمعوَّضٍ | من الماءِ، إذ صلى ، ترابَ التيممِ |
ويبدي علاهُ من أسرّهِ وجهه | سناءَ نسيم الخير للمتوسّم |
وقد كان ذاك البشرُ منه مُبَشرا | بأكبرِ مأمولٍ وأوفرِ مغنمِ |
وما زال ميّالاً ءلى البرّ والتقى | تقي نقيّ القلب من كلّ مأثمِ |
تنقّلَ والإكرامُ من ربّه له | إلى جنّة ٍ فيها له دار مكرم |
له كلّ نادٍ بالوقار مكرَّمٌ | بغير وقورٍ منه مِقْوَلُ أبكم |
وَصَفْحٌ عن الجاني بشيمة صَفْحِهِ | وَحِلْمٌ حكى في الغيظ هضبَ يلملمِ |
ومدرسة ٌ أبناؤها فقهاؤها | فَمِنْ عالِمٍ منهمْ وَمِنْ متعلّم |
ضراغم في الجيش اللهام وإنّما | فوارسهمْ في الحربِ من كل ضيغمِ |
وقد كان في نصر الشريعة مشْرعاً | عن الحق ما يشفي به كلَّ مُسلمِ |
أرَى قائدَ القوّادِ أعطى مَقَادَهُ | لحكم قضاءٍ في البرايا محكَّمِ |
وأسلمَ للحتفِ المقدَّرِ نفسهُ | وقد كان لا يرْقى إليه بِسُلَّم |
إذا المَلْكُ ناجاه بوَحْيِ إشارة | رأيتَ له نهضَ العقابِ المحرّم |
فتستهدفُ الأغراضَ آراؤه كما | تُقَرْطِسُ أغراضاً صوائبُ أسهم |
وتهدي له كفٌّ تصولُ على العدا | إلى كفّ ميمون المضاء المصممِ |
أأبناؤهُ أنْتم سراة أكابرٍ | فكلكمُ من مكْرَمٍ وابن مكرم |
وأنتم سيوفٌ للسيوف مواضياً | وأيمانكم فيها ذوات تختّمِ |
عزاءٌ جميل في المصاب فإنَّكم | جبالٌ حلومٍ بل طوالع أنجمِ |
فدامَ لكمْ في العزّ شملٌ منظَّمٌ | وشملُ الأعادي منه غير منظَّمِ |