شددتُ على صدر الزماعِ حزامي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
شددتُ على صدر الزماعِ حزامي | وَجَرَّدْتُ من عزْمي شقيقَ حُسامي |
وقمتُ نهوضَ العَوْدِ حُلّ عِقالُهُ | فأقْعَدَنِي المقدورُ عند قيامي |
إذا صاحَ بي أمرٌ من الله صيحة ً | رجعتُ ورائي، والحبيبُ أمامي |
وكيْفَ أرى لي قصْد وجهي إليكُمُ | إذا كان في كفّ القضاءِ زمامي |
وما هي إلاَّ غربة ٌ مُسْتمرة ٌ | أرى الشيخ فيها بعدَ سِنّ غلام |
كأنَّ قَذالي بالقتير مُعَوَّضُ | قبيلة َ سامٍ من قبيلة حام |
وماشيّبَ الإنسان مثلُ تغربٍ | يَمُرّ عليه اليومَ منه كَعَام |
وهل رحتُ إلاّ طالباً بالنوى عُلى ً | كأني منها للنجومِ مُسامِ |
وإني لسهمٌ في نفاذي وليتني | يهدّبُ بي دار الأحبة رامِ |
أبا الحسن اسمعْ عذرة ً قد بعثتها | ـ فلا زلتَ في عزّ قرينَ دوام ـ |
إذا لم تُطقْ عن أرض قومٍ ترحّلاً | فزرتك ما استوعبته بمقامِ |
وأعربتَ عن نفسٍ إليّ مشوقة ٍ | كأنَّ كلاماً منك طيَ كلام |
أتاني كتابٌ منك نَمّقْتَ خطّهُ | كما دبّجَ الروضَ انسجامٌ غمامِ |
تناولتُهُ من كفّ مُهْدٍ كأنَّما | بردتُ بعذبِ الماء حرَّ أوامِ |
مَشَى في ضميري بالسرور كما مشَى | صلاحٌ شفاءٍ في فساد سقام |
كأنّ كتابي باليمين أخذته | وقيل ليَ: ادخلْ جنّة ً بسلام |
فلا تحسبوني قدْ تَسَلّيتُ عنكم | بطيبِ سماعٍ أو بكأس مُدامِ |
ولاضحكتْ سي، وهل ضحكتْ وما | وضعتُ على فَضّ الدموعِ ختامي |
متى كنتُ مختارا على الوَصْل فُرْقة ً | تُطيلُ إلى وِرْدِ اللقاءِ هيامي |
ولا تحسبوني خائفاً قطعَ مهمة ٍ | يدومُ، وأخفافُ المطيّ دوام |
تَنَفّسَ منه الحرُّ في حُرّ وجنتي | تَنَفُّسَ قَيْنٍ في صقيل حسام |
ولا ساكناً في ليْلَة ٍ مُدْلَهِمَّة ٍ | سَرَى رَكبُها فيها اصطلاءَ ظلام |
إذا ما رغا في الجوّ فحلُ سحابها | حَكى الثلجُ من شدقيه جَعْدَ لغام |
ألمْ أركبِ النفسَ اشتياقاً إليكم | غواربَ مخضّر الغواربِ طام |
ألم أكُ في الغرقى مشيراً براحتي | فلم أنْجُ إلا من لِقَاءِ حِمامي |
ألم أفقد الشمسَ التي كان ضوءها | يُجلي عن الأجفان كلّ ظلامِ |
طعمتُ بهذا كله في لقائكم | لِتَغْرَمَ نَفْسٌ أُتْلِفَتْ بغرام |
بقيَة َ أحبابي الذين حَوَتْهُمُ | مضاجعُ لم يُضْجَعْ بها لمنام |
أخذتُ ذمامي مِنْ زماني عليكم | فما كان إلا غادراً بذمامي |
تفرّقتمُ في البين، في كلّ وُجهة ٍ | نثير جُمانٍ، في انقطاع نظامِ |
فحزبٌ يكفّ الدهرُ عنه عزيمتي | وحزبٌ تردّ الرومُ عنه مرامي |
سأُعْطِي بشيرا قال لي: قد تجمَّعوا | ثوابَ صلاتي طائعاً وصيامي |
وأرقُبُ يَوْماً فيه بالوَصْلِ تَلتقي | سجامُ دموعٍ بيننا بسِجام |
متى آتكم يُنْشَرْ لكمْ من ضريحه | دفينُ اغترابٍ لا دفينُ رغامِ |