نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ | لقد أظلمَ الشيبُ لمّا أضاءَ |
قضيتُ لظلَ الصبا بالزوال | لمّا تحوّلَ عنِّي وفاءَ |
أتعرفُ لي عن شبابي سُلُوّا | ومَن يجدِ الداءِ يبغٍ الدواءَ |
أأكسو المشيبَ سوادَ الخضابِ | فأجعلَ للصبح ليلاً غطاء |
وكيفَ أُرَجِّي وفاءَ الخضاب | إذا لم أجِدْ لشبابي وفاءَ |
وريحٍ خفيفة ِ رَوْحِ النسيمِ | أطّتْ بليلاً وهبّت رُخاء |
سرت وحياها شقيق الحياة ِ | على ميِّتِ الأرضِ تُبْكِي السماءَ |
فمن صَوْتِ رَعْدٍ يسوق السحابَ | كما يسمعُ الفحلُ شولاً رغاء |
وتُشْعلِ في جانبيها البروقُ | بريقِ السيوف تُهزّ انتضاء |
فبتّ من الليل في ظلمة ٍ | فيا غُرّة َ الصبح هاتي الضياءَ |
ويا ريحُ إمّا مريتِ الحيا | وروّيْتِ منه الربوعَ الظماءَ |
فسوقِي إليّ جهامَ السحابِ | لأملاهنّ من الدمع ماء |
ويسقي بكائي ربع الصبا | فما زالَ في المحل يسقى البكاء |
ولا تُعطِشي طللاً بالحمى | تداني على مُزْنَة ٍ أو تناءى |
وإن تَجْهَلِيه فَعِيدانُهُ | لبستُ النّعِيم بها لا الشقاءَ |
يطيّب طيبُ ثراها الهواء | |
ولي بينها مهجة ٌ صبّة ٌ | تزودتُ في الجسم منها ذماءَ |
ديارٌ تمشّتْ إليها الخطوبُ | كما تتمشى الذئابُ الضراء |
صحبتُ بها في الغياض الأسود | وزرتُ بها في الكناس الظباء |
وراءك يا بحرُ لي جَنّة ٌ | ليس النّعيم بها لا الشقاء |
إذا أنا حاولت منها صباحاً | تعرضتَ من دونها لي مساء |
فلو أنّني كنتُ أعطي المنى | إذا مَنَعَ البحرُ منها اللِّقَاءَ |
ركبتُ الهلالَ به زورقاً | إلى أن أعانقَ فيها ذُكاء |