بجِملٍ حَدا الغيران بُزلَ جمائله
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بجِملٍ حَدا الغيران بُزلَ جمائله | وأرْقصَ قاماتِ القَنَا في قَنَايِلِهْ |
فلا عصفت ريحُ الفراقِ التي جرت | بها في خضم الجيش سُفنُ رواحله |
ودونَ مهاة ِ الخدر إقدامُ خادرٍ | مبيد الشذا أظفارُهُ من معاقله |
حماليقُهُ حُمْرٌ كأنَّ جُفونُها | حُشِينَ بكحلٍ من نجيعِ عوَامِلِهِ |
يقلّبُ أجفاناً وِراداً كأنما | تَوارَدَ يومَ الطعن مُشْرَعُ عامله |
وقالوا: قفوا كيْ تسمعوا عيسهم | بعاجلِ ما يُرْدي النفوسَ وآجله |
وَقَفْنَا نُرَامي بالهَوى مَقْتَلَ الهوَى | ونقرأ في الألحاظ وحيَ رسائله |
ونرقب سِرْباً في الخدور، عقولُنا | مبددة ٌ للبين بين عقائله |
أنيسُ الهوى للموتِ حوْلَيْه وَحشة ٌ | فأُسْدُ الشّرَى مخذولة ٌ عن خواذله |
ويومَ صلِينا فيه نارَ صبابة ٍ | فلا لفَحَتْ إلا وجوه أصائله |
عشيَّة َ أبكى البين من رحمة ٍ لنا | بكاءَ قتيل الشوق في إثر قاتله |
وفي صدفِ الأحداجِ مكنونُ لؤلؤٍ | تُكفّ بأطرافِ الظُّبا كفّ باذله |
طَمَى بالمنايا الحُمْرِ لجُّ سرابِهِ | فكم غائصٍ لهفان من دونِ ساحله |
فمَن لقتيلٍ بالقَتولِ وقد غدتْ | وسائلُهُ مصرومة ً من وَسَائلِه |
ووقفة ِ رودٍ بضّة ِ الجسم غَضّة ٍ | لتوديع صَبٍّ شاحبِ الجسمِ ناحله |
شجٍ كانَ من قبل التفرّق يشتكي | نميمة َ واشيه وتأنيبَ عاذله |
وفي بُرقعِ الحسناء مقلة ُ جؤذَرٍ | بها رُدّ كيدُ السحرِ في نحر بابله |
ولو شامَ هاروتٌ وماروتُ طَرْفَهُ | لما أصبحا إلاّ قنيصيْ حبائله |
جنى غيرَ مستبقٍ ثمارَ قلوبنا | فعنّابهن الرطب ملءُ أنامله |
وأغلبُ ظنّي أنَّ ما في وشاحهِ | كساه نحولاً حبُّ ما في خلاخله |
طوى ما طوى ذاك النجاءُ من الهوى | فيا مَنْ لقلبٍ من نجيِّ بلابله |
فجاد عليهم كلُّ باكٍ ربابُه | ضحوكُ المغاني عن أقاحي خمائله |
إذا انهلّ فيه الوَدقُ عاينت منهما | عطاءَ ابن عبّاد وراحة َ سائله |
همامٌ يموجُ البرّ كالبحر حوله | إذا رفعَ الراياتِ فوقَ جحافله |
وقَلّبَ فيها الموْتُ في لَحْظِهِ العدى | عيونَ ذبالٍ في لدان ذوابله |
تحملقُ أبصارُ الوَرَى عن ذكرِهِ | لكيما تَرَى بدر العُلى في منازله |
إذا جارَ دهرٌ كان منه ملاذُنا | بُحِقْويْ أبيّ قيّمِ الملكِ عادله |
يصونُ الهدى منه إذا خاف ضَيْمَهُ | بحاميه من كيدِ الضّلالِ وكافله |
أخو عَزَماتٍ للهجوع مهاجرٌ | إذا هجَعَتْ عينُ العُلى عن مواصله |
رقيقُ الحواشي أقعسُ العزّ ماجدٌ | كأن شمولاً رقرقت في شمائله |
شديدُ عراكِ البأس يَعْقِرُ قِرْنَهُ | إذا استطعم السرحانُ ما في جمائله |
وفي غيضة ِ الخطيّ ليثٌ كأنما | عليه من الماذيّ لينُ غلائله |
تورّدُ في الأجياد صفحة ُ سيفه | وتنهشُ في الأكباد حيّة ُ عامله |
مقيمٌ بأرضِ الروعِ حيثُ سماؤها | تمور عليه من مثار قساطله |
كأنَّ مقامَ الحربِ أشهى ربوعه | إليه، وبيضُ الهند أدنى قبائله |
ومخضلّ أوراقِ الصفائح ضُرّجتْ | بكلّ دمٍ أندى نباتِ غوائله |
لُهامٌ عليه للعجاج غلائلٌ | لها طرازٌ من بارقات مناصله |
وتحسبه بحراً تلفّ عواصفاً | أواخرَه، أرواحُهُ، بأوائله |
يظلّلُهُ سِرْبٌ من الطير ملحمٌ | يروحُ بأرواحِ العدى في حواصله |
إذا ما رمى قُطْرا به عَزْمُهُ اغْتدَتْ | أعاليهِ بالتدمير تحت أسافله |
إليك زجرنا الفلكَ في كلّ زاخرٍ | معالمنا مفقودة ٌ في مجاهله |
مدافعة ُ الأهوالِ مدفوعة ٌ إلى | جنائبه تجري بها أو شمائله |
إلى مَلِكٍ في سَيفِهِ وَبَنَانِهِ | جهنّمُ شانيه، وجنّة ُ آملِهِ |
ومعجزِ آيات الندى ذي سماحة ٍ | مجانسِ نظم المكرمات مقابله |
كريمٌ إذا هبّت رياحُ ارتياحه | جرتْ سفنُ الآمال في بحر سائله |
رفعْنا عقيراتِ القوافي بِمَدْحِهِ | فأطْرَبْنَ أسْماعَ العُلى في محافله |
سلوني عنه، واسمعوا الصدق، إنني | أحدّثُ عن همّاتهِ وفواضله |
ولا تسألوني عن فرائض طَوْله | إذا غَمَرَ الدنيا ببعضِ نوافله |
فأنْدِي بني ماءِ السماءِ محمّدٌ | وهل طلُّ معروفِ السماء كوابله |