في كُنْهِ قَدْرِكَ للعقولِ تَحَيّرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
في كُنْهِ قَدْرِكَ للعقولِ تَحَيّرُ | فلذاك عنه النيرات تقصر |
والواصفونَ عُلاَكَ مِنّا قَرّبوا | ما ترجموا للناس عنه وعبَّروا |
ألقيتَ عزمكَ بين عَيْنِيْ ضَيْغَمٍ | وأباتَ طيفك كلّ شيءٍ يُذعر |
ورحلتَ في جون القتام عرمرمٍ | وكأنه ليل بوجهك مقمر |
ولئن قدمت وفي اعتقادك عودة ٌ | فالبحر من عظم يمدّ ويجزر |
والفتحُ من فضلِ الإله، ويومهُ | متقدّمٌ بالنصر أو متأخر |
لولا اقترابُ الوقت عن قدر لما | فتحتْ على حالٍ لأحمد خيبر |
وفوارسٍ يَحْمرّ مِنْ ضرب الطلا | بأكفِّهم ورقُ الحديد الأخضر |
لا غشَّ جبْنٍ فيهمُ فكأنَّهم | سُبكوا بنيران الحروب وسجّروا |
ومن الرجال مُروَّعٌ ومشجع | ومن السيوف مؤنثٌ ومذكر |
ألِفَتْ قلوبُهُمُ الخضوعَ لربهم | والأس في أسيافهم متكبر |
يَرْمُونَ أغراضَ الحتوفِ بأنفسٍ | ووجوهها لعيونهم تتنمّر |
وتغور في هام العلوج جداولٌ | للضرب من أغمادهم تتفجر |
من كلّ وحشيِّ الطباع كأنَّه | بين القنا الخطّيِّ ليثٌ مُخْدَر |
متقدمٌ من صبره، ولثامهُ | يوم القراع أضاتهُ والمغفر |
صبحت جيوشهم جيوشاً يا لها | من أبْحُرٍ زَخَرَتْ عليها أبحر |
ويلٌ لحصن ليبطَ من يومٍ على | جنباتهِ يجري النجيع الأحمر |
والروعُ تثقلُ بالردى ساعاتهُ | وتخفّ بالأبطال فيه الضمر |
يثنى النهار به على أعقابه | حتى كأنَّ الشمس فيه تُكَوَّر |
والنّقْعُ فيه دُجُنّة ٌ لا تنجلي | والصبحُ منه ملاءة ٌ لا تنشر |
ولقد شددتَ على خناق علوجهم | وأدارَ رأيك فيهم مستبصر |
واستعصموا بذرى أشمّ كأنَّهم | عصمٌ أتيحَ لها هزبر قسور |
قَلّوا لَدَيْكَ غَنيمة ً فكأنَّما | أبقتهُمُ الأيامُ فيه ليكثروا |
ولقلَّمَا يبقى رمادُهُمُ إذا | طارتُ به في الجو ريحٌ صرصرُ |
قام الدليل، وما الدليل بكاذبٍ | أن النصارى يخذلون وتنصرُ |
سكنتَ في الآفاقِ من حركاتهم | والنبض من خور الطبيعة يفترُ |
هلاّ أطاق الكفرُ جرّ قناته | لما تركتَ كُعُوبَها تَتَكسر |
يومَ العروبة ِ، والعرابُ لواعبٌ | تكبو على هامِ العلوج وتعثر |
والفنش يحصب ناظريه وقلبهُ | بقوارع الأحزان يومٌ معورُ |
ركبَ الغواية واستبد برأيه | جهلاً ليعبر خضرماً لا يعبر |
خذ في عزائمك التي تركتهم | خبراً مع الأيام لا يتغير |
بالخيل تحت الليل يُسرجُ حولها | في كلّ ذابلة ٍ سِنانٌ أزهر |
وتلوكُ من فُقْدِ القضيم شكائماً | تُنْهَى بها أفْواهُهُنّ وَتُؤْمَر |
عَرَكَتْ أديم الأرضِ تحت حوافرٍ | صخرُ البلاد بوطئهنّ مسخَّر |
حتى تُغَنّيهِمْ ظُبَاكَ من الردى | نغماً، وتسقيهم كؤوساً تُسكر |
جاهدتَ في الرحمن حقّ جهاده | وجرى الملوكُ كما جريت فقصَّروا |
فيبيتُ ناجودٌ وعودٌ حولهم | ويبيتُ حولك شزَّبٌ وَسَنَوّر |
وتفوح غالية ٌ بهم وذريرة ٌ | وهما دمٌ في برديتك وَعِثْيَر |
أعطتك ريحانَ الثناء حديقة ٌ | ظمئتْ ولكن قلما تستمطر |
وأنا العليم بأن طولكَ شاملٌ | وذراك رحراحٌ وَجُودَكَ كَوْثَرُ |