لها العَتْبُ، هذا دأبها وَلَيَ العُتْبَى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لها العَتْبُ، هذا دأبها وَلَيَ العُتْبَى | سلمتُ من التعذيب لو لم أكن صبّا |
رأى عاذلي جسمي حديثاً فرابه | ولم يدرِ أني قد رعيت به الحُبّا |
وكيف ونفسي تؤثر الغصن والنقا | وتهوى الشقيقَ الغضّ والعَنَمَ الرطبا |
وذاتِ دلالٍ أعْجَبَ الحسنَ خَلْقُهَا | فهزّ اختيالُ التّيه أعطافَها عُجبا |
يكادُ وليدُ الذرِّ يجرحُ جسمَهَا | إذا صافحتْ منها أنامله الإتبا |
فتاة ٌ إذ أحسنتُ في الحبِّ أذنَبَتْ | فمن أين لولا الجورُ تُلْزِمُنِي الذنبا |
وإني لصعبٌ والهوى راضني لها | وغيرُ عجيبٍ أن يروضَ الهوى الصعبا |
سريعة ُ غدرٍ سيفها في جفونها | وهل لك سلمٌ عند من خُلقتْ حربا |
وروضة حسنٍ غردت فوقَ نحرها | عصافيرُ حَلْيٍ تلقطُ الدرَّ لا الحَبَّا |
وألحقها بالسرب جيدٌ ومقلة ٌ | وإن لم يناسب درُّ مبسمها السربا |
لها من فتون السحر عينٌ مريضة | تحلّبُ من أجفانها الدمع والكربا |
شربتُ بلحظي سكرة ً من لحاظها | فلاقيت منها سَوْرَة ً تشربُ اللبَّا |
وإني لصادٍ والزلالُ مبرَّدٌ | لدي، وإن أكثرت من صفوه شربا |
فمن لي بودقٍ مُطفيءٍ حَرَّ غُلَّتِي | أباكرُ طلاًّ من أقاحِيّهِ عذبا |
وقالوا أما يسلِيكَ عن شَغَفِ الهوَى | ومن ذا من السلوان يَسْلُكُ بي شعبا |
وأنفاسها أذكي إذا انصرف الدجى | وريقتها أشهى ومقلتها أسبى |
وحمراءَ تُلْقَى الماء في قيد سكرهِ | ويطلق من قيد الأسى شربها القلبا |
َلَّدَ في ما بين ماءٍ ونارِها | مجوَّفُ درّ لا تطيق له ثقبا |
قستْ ما قستْ ثم اقتضى المزجُ لينَها | فكم شررٍ في الكأس وشتْ به الشربا |
وذي قتلة ٍ بالراح أحييتُ سمعه | بأجوفَ أحيته مُمِيتَتُهُ ضَرْبَا |
فهَبَّ نزيفاً والنَّسيم معطَّرٌ | فما خلتهُ إلاّ النسيم الذي هبّا |
شربنا على إيماض برقٍ كأنه | سنا قبس في فحمة الليل قد شبّا |
سرَى رامحاً دُهْمَ الدياجِي كأبْلَقٍ | له وثبة ٌ في الشرق يأتي به الغربا |
كأن سياط التبر منه تطايرت | لها قطعٌ مما يسوق بها السُحبا |
إذ العيْش يجري في الحياة نعيمُهُ | وذيلُ الشبابِ الغضّ أركضهُ سَحْبَا |
ليالي يندى بالمنى لي أمانها | كأيَّامِ يحيى لا تخاف لها خَطْبَا |
سليلُ تميم بن المعزّ الذي له | مطالعُ فخرٍ في العلى تطلعُ الشهبا |
هو الملك الحامي الهدى بقواضب | قلوبُ العدى منها مقلَّبة ٌ رعبا |
إذا ما الحيا روى ليسكب صوبهُ | رأيتَ ندى يمناه يبتدر السكبا |
بنى من منار الجود ما جَدُّهُ بنى | وذبّ عن الإسلام بالسيف ما ذبّا |
وجهز للأعداء كل عرمرم | يغادرُ بالأرماح أرواحهم نهبا |
كتائب يعلوها مشار قتامها | كما نشرت أيدٍ مرسّلة كتبا |
وتفشي سريراتِ النفوسِ حماتها | بجهد ضراب يصرع الأسر الغلبا |
إذا ما بديع المدح ضاق مجاله | على مَادحٍ ألفاهُ في وصفه رَحْبا |
ثناءٌ تخال الشمس ناراً له وما | على الأرض من نبتٍ له منزلاً رطبا |
سميعُ سؤالِ المُجْتدِي غيرَ سامعٍ | على بذلِ مالٍ من معاتبه عتبا |
ومن ذا يُردّ البحر عن فيض مدهِ | إذا عَبَّ منه بالجنائب ما عَبَّا |
إذا ما أديرتْ بالسيول من الظُّبَى | رحى الحرب في الهيجاء كان لها قطبا |
شجاعٌ له في القِرْن نجلاءُ ثَرَّة ٌ | يُجَرّرُ مِنْها وهو كالثّملِ القُضْبا |
يطير فراش الرأس مضربُ سيفه | وعاملهُ في القلب يحترش الضبّا |
يخوضُ دمَ الأبطال بالجرد في الوغى | فيصدرها ورداً إذا وردت شهبا |
عليمٌ بأسرار الزَّمان فراسة ً | كأنَّ لها عيناً تريه بها العُقْبى |
قريبٌ إذا ساماه ذو رفعة ٍ نأى | بعيدٌ إذا ناداه مستنصرٌ لبّى |
يُشْرِّدُ من آلائِه الفقرَ بالغِنَى | لها وَرَقاً يَنْبَتن في الناء أو قُضبا |
يطوّقُ ذا الجُرْم المخالِفِ مِنَّة ً | ولولا مكان الحلم طوقة ُ العضبا |
يعدّ من الآباء كلّ متوّجٍ | نديم المعالي ملكَ المال والتربا |
لهمْ كلّ مرتاعٍ به الروع معلمٌ | إذا الحرب بالأرماح ناجزت الحربا |
مضِّرم هيجا، في طوية ِ غمده | من الفتك ما يرضي منيَّتها الغضبى |
إذا حاولوا قَضْبَ الجماجم جرّدوا | |
وإن رُفعت فوق المفارق صَيّرَتْ | دبيب المنايا من مضاربها وثبا |
لقد أصبحتْ ساحاتُ يحيى كأنَّما | إليه نفوسُ الخلق منقادة ٌ جذْبا |
ربوعٌ بعثت الطرفَ فيهنّ خاشعاً | وإن كان بُعْد العزّ يمتنح القربا |
فلا همّة ٌ إلاَّ رأيتُ لها عُلًى | ولا أمة إلا لقيت لها ركبا |