إذا جاءتِ الأرسال من عند مُرسِلِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إذا جاءتِ الأرسال من عند مُرسِلِ | إلى كلِّ ذي قلبٍ بوحيٍ منزلِ |
علمتُ به ما لم أكن قد علمته | وعللته بي وهو خيرُ معلل |
فلولا وجودي لمْ يكنْ ثمَّ نازلٌ | كما أنه بي كان عينُ التنزُّلِ |
وقد علمتْ أسماؤه أنّ ذاتنا | بعلمٍ صحيحٍ أنها خيرُ منزل |
تخيلتُ أني سامعٌ وحيَ قولِه | فشاهدتُ من أوحى السميعُ لمقولي |
فقلت أنا عين المقولِ فقال لي | تأمل فليس المقولُ عني بمعزِل |
فثبت عندي أنه القول مثلما | هوَ السمعُ فلأمرانِ منهُ لهُ ولي |
وإني وإنْ كنتُ المبلغَ وحيه | إلى كلِّ ذي سمعٍ فلستُ بمرسلِ |
ولكنني في رتبة ِ القومِ وارث | بحالٍ وعقدٍ ثمَّ قولٍ مفصلِ |
وقلْ تابعْ إنْ شئتَ فالقولُ واحدٌ | ولا تبتدعْ قولاً فلستُ بأفضلِ |
به ختم الله الشرائعَ فاعلمن | ولا تعملنَ يا صاحِ في غير معملِ |
وما انقطع الوحي المنزلُ بعدَه | ولكن بغير الشرعِ فاعلمه واعمل |
تصرفتِ الأرواحُ بيني وبينهُ | بشرقٍ وغربٍ في جنوبِ وشمألِ |
وما أنا ممن قيَّد الحب قلبَه | بليلى ولبنى أو دخولٍ وماسلِ |
ألا إنَّ حبي مطلقُ الكونِ ظاهرٌ | سوى ما شهدنا منه عند التمثل |
كمريمَ إذ جاءَ البشيرُ ممثلاً | على صورة ٍ مشهودة ٍ في التبعلِ |
فألقى إليها الروح روحاً مقدّساً | يسمى بعيسى خيرِ عبدٍ ومرسلِ |
فلم أدر هل بالذاتِ كان وجودُ ما | رأيتُ بها أو كانَ عندَ تأملِ |
أنا واقفٌ فيهِ إلى الآنِ لمْ أقلِ | بما هو إلا أنْ يقولَ فينجلي |
وقلتُ لهُ لا بدَّ إنْ كنتَ قاطعاً | وجودي على التحقيقِ منكَ فأجملِ |
فإني ورب البيتِ لستُ من الذي | إذا قال قولاً كان فيه بمؤتل |
كمثلِ ابنِ حَجرٍ حين قال بجهله | لمحبوبة ٍ كانت له عند حوملِ |
وإنْ كنتِ قد ساءتكِ مني خليقة ٌ | فسُلِّي ثيابي من ثيابِكِ تنسلِ |
وهيهاتَ كيفَ السلُّ والثوبُ واحدٌ | فممنْ وعيني ليسَ غيرَ مؤملِ |
بذلتُ لهُ جهدي على القربِ والنوى | وكانت حياتي بالمنى والتعلل |
وهذا مُحالٌ أنْ يكون فإنني | حقيقة من أهواه من غير فيصل |
توليتُ عنهمُ حينَ قالوا بأنهم | سواي فما أعطيتهم في تململي |
أغرّك إقبالي بصورة مُعرضٍ | كذلكَ إغراضي بصورة ِ مقبلِ |
فمكري مكرُ اللهِ إنْ كنتَ عالماً | فمهما تشا فأمر فؤادي يفعل |
أبيتُ لعز أنت فيه محقق | على كلِّ عقدٍ كان إلا تذللي |
فواللهِ ما عزي سوى عينِ ذلتي | فإن شئتَ فاعلم ذاك أو شئت فاجهلِ |
وواللهِ ما عزي سوى ذلتي التي | يكون لها فضلٌ لكلِّ موصل |
كذا قالَ بسطامينا في شهودِهِ | بعلمٍ صحيحٍ ما به من تحيُّل |
فإنَّ وصالي ليسَ لي بحقيقة ٍ | وإنَّ فصالي حاكم بالتوسُّل |
فما ليَ منْ وصلٍ سوى ما ذكرتُهُ | ففقري وذلي فيهِ عينُ التوصلِ |
دليلي على ما قلت في ذاك أنني | إذا جئتُ أسكنُ قيلَ لي قمْ ترحلِ |
وما هي إلا من شؤونك رحلتي | وما الشانُ الأغلى قدر بمرجل |
فأسفله أعلاه والعلو سافلُ | فقلْ ما تشاءُ واحملهُ في كلِّ محملِ |
يسع حمله فالحالُ حالي وإنه | بريءٌ فلا تعدلُ بهِ غيرَ معدلِ |
ونزه وجودَ الحقِّ عنْ كلِّ حادثٍ | فإن وجودَ الحق كوني فضلل |
فما علمنا باللهِ إلا تحيرٌ | كذا جاءَنا في محكمِ الذكرِ واسألِ |
فكن عبدَ قنٍّ لا تكن عبدَ نعمة ٍ | وإنْ هو ولاّك الأمورَ فلا تل |
فما ثمَّ إلا العرضُ ما ثمَّ فيصلٌ | فقد أغلقَ البابُ الذي كان للولي |
أراح به الأتباعَ أتباعَ رُسْله | فكم بين معلولٍ وبين معللِ |
فما العلة ُ الأولى سوى العلة ِ التي | هيَ القمرُ العالي على كلِّ معتلي |
أنا أكرم الأسلافِ في كل مشهدٍ | أعينُ فيهِ منْ معمٍّ ومخولِ |
فوالدنا من قد علمتم وجودَه | ولمْ تعلموا ما هوَ لمنصبهِ العلي |
وأمي التي ما زلتُ أذكرها لكمْ | من النفس العالي النزيه المكمل |
بهمْ كنتُ في أهلِ الولاية ِ خاتماً | فكلُّ وليّ جاء من بعدنا يلي |
فيحصل فيه نائباً عن ولا يتي | بذا قالَ أهلُ الكشفِ عنْ خيرِ مرسلِ |
كعيسى رسولِ الله بعدَ محمدٍ | فأنزله الرحمنُ منزلة َ الولي |
فيحكم فينا منْ شريعة ِ أحمدٍ | ويتبعه في كلِّ حكمٍ مُنزلِ |