دَعْ من دُموعِكَ بَعدَ البَينِ للدِّمَنِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
دَعْ من دُموعِكَ بَعدَ البَينِ للدِّمَنِ | غداً لدارهمُ واليوم للظعن |
هَلْ وَقفَة ٌ بلِوَى خَبْتٍ مُؤلِّفَة ٌ | بَينَ الخَليطَينِ من شامٍ وَمِنْ يَمَنِ |
عُجنَا على الرَّكْبِ أنْضاءً مُحَزَّمَة ً | أثقالُها الشَّوقُ مِن بادٍ وَمُكْتَمِنِ |
موسومة بالهوى يُدرى برؤيتها | إنّ المطايا مضمري شجن |
ثم انثنينا على يأسٍ وقد وجلت | نَوَاظِرٌ بِمَجَارِي دَمعِها الهَتِنِ |
تَرُومُ رَدَّ نُفُوسٍ بَعدَ طَيرَتِهَا | على قَوَادِمَ مِنْ وجْدٍ وَمن حَزَنِ |
تعريسة بين رمليْ عالج ضمنت | بلّ الغليل لقلب الموجع الضمن |
بتنا سجوداً على الأكوارِ يحملنا | لواغب قد لطمنَ الأرض بالثفنِ |
أهفو إلى الريحِ إن هبت يمانية | تَحدُو زَعَازِعُها عِيراً من المُزُنِ |
أبَى ضَميرِيَ إلاّ ذِكْرَهُ، وَأبَى | تَعَرُّضُ البَرْقِ إلاّ أنْ يُؤرّقَني |
شوق ألمّ وما شوقي إلى أحدٍ | سِوَى الذي نامَ عَن لَيلي وَأيقَظَني |
إنْ زَاغَ قَلبي، فإنّ الهَجرَ أحرَجَني | وإن صبرت فإنَّ اليأس صبّرني |
وَكَمْ رَمَتْني مِنَ الأقدارِ مُنبِضَة ٌ | لم تثن باعي ولم يحرج لها عطني |
ما كنت أعلم والأيام عالمة | إنّ الليالي تقاعيني لتنهشني |
قَدْ أدْمَجَ الهَمُّ في عُنْقي حَبَائِلَهُ | وَلَزّة ُ الهَمّ تُنسِي لَزّة َ القَرَنِ |
إنْ يَبلَ ثَوْبي، فإنّي أكتَسِي حَسَبي | أو تودّ خيلي فإني أمتطي مُنني |
وأدخل البيت لم تأذن قعائده | على الحصان أمام القوم والحصن |
لا أطلُبُ المَالَ إلاّ مِنْ مَطالِبِهِ | وَلا يَفي ليَ بَذْلُ المَالِ بِالمِنَنِ |
إنَّ البخيل الذي قد بات يؤنسني | مثلُ الجَوَادِ الذي قد باتَ يَمطُلُني |
لقد تقدم بي فضلي بلا قدم | أعْظِمْ بأمْرٍ على ذي السّنّ قدّمَني |
لا يبرح المجد مرفوعاً دعائمه | ما دام معتمداً منَّا على ركن |
من أسرة تنبت التيجان هامهمُ | مَنابِتَ النّبعِ في الأطوَادِ وَالقُنَن |
المَجدُ أنوَطُ مِن كَفٍّ إلى عَضُدٍ | فيهِم، وَأقوَمُ من رَأسٍ على بَدَنِ |
من مبلغٍ لي أبا اسحق مألكة | عن حنو قلبٍ سليمِ السرِّ والعلنِ |
جَرَى الوَدادُ لَهُ منّي، وَإن بَعُدَتْ | منا العلائق مجرى الماء في الغصنِ |
لقد توامق قلبانا كأنهما | تراضعا بدمِ الأحشاء لا اللبنِ |
مُسَوِّدٌ قَصَبَ الأقلامِ نَالَ بِهَا | نيل المحمّر أطراف القنا اللدنِ |
إن لم تكن تورد الأرماح موردها | فما عدلت إلى الأقلامِ عن جبن |
وَالطّاعِنُ الطّعنَة َ النّجلاءَ عن جلَدٍ | كالقائل القولة الغراء عن لسنِ |
حار المجارون إذ جاروك في طلق | وأجفلوا عن طريقِ السابق الأرن |
ضَلّوا وَرَاءَكَ حتّى قالَ قائِلُهُمْ: | ماذا الضلال وذا يجري على السنن |
ما قدر فضلك ما أصبحت ترزقه | لَيسَ الحُظوظُ على الأقدارِ وَالمِهَنِ |
قد كنتُ قَبلَكَ من دَهرِي على حَنَقٍ | فزَادَ ما بِكَ مِن غَيظي على الزّمَنِ |
كَمْ رَاشَنا وَبَرَانَا، غَيرَ مُكتَرِثٍ | بما نُعالجُ، بَرْيَ القِدْحِ بالسَّفَنِ |
ألقى على آل وضَّاح حويته | وَحكّ بَرْكاً على سَيفِ بنِ ذي يزَنِ |
ومثلها أنشب الأظفار في مضرِ | ومرّ يحرق بالأنيابِ لليمن |
إن يدنُ قوم إلى داري فألفهم | وتنأ عنّي فأنت الروح في البدنِ |
فالمرءُ يسرح في الآفاقِ مضطربا | وَنَفْسُهُ أبَداً تَهْفُو إلى الوَطَنِ |
وَالبُعْدُ عَنكَ بَلاني باستِكانِهِمُ | إنّ الغريب لمضطّر إلى السكنِ |
أنت الكرى مؤنساً طرفي وبعضهمُ | مثل القذى مانع عيني من الوسنِ |
كم من قريبٍ يرى أني كلفت به | يُمسى شجايَ وتضحى دونه شجني |
وصاحب طال ما ضرت صحابته | عكفت منه على اطغى من الوثنِ |
مُستَهدِفٌ لمَرَامي العَيبِ جانِبُهُ | يكاد ينعطّ برداه من الظننِ |
ذي سؤة إن ثناها محفل كثرت | لها المَضَارِبُ فوْقَ الصّدرِ بالذَّقَنِ |
إذا احتَمَيتُ بِهِ أحمي على كَبدي | كيف اجتناني إذا أسلمنني جُنني |
لا تجعلنَّ دليل المرء صورته | كم مخبر سمج عن منظرٍ حسنِ |
إنَّ الصحائف لا يقريك باطنها | نفس الطوابع موسوماً على الطينِ |
أشتاقكم ودواعي الشوق تنهضني | إليكمُ وعوادي الدهر تقعدني |
وأعرض الودّ أحياناً فيؤنسني | وَأذكُرُ البُعدَ أطوَاراً فيُوحِشُني |
هَذا، وَدِجْلَة ُ مَا بَيْني وَبَيْنَكُمُ | وَجانِبُ العَبرِ غيرُ الجانبِ الخَشِنِ |
وَمُشرِفٍ كَسَنامِ العَوْدِ مُلتَبِسٍ | كالمَاءِ لُزّ بأضْلاعٍ مِنَ السُّفُنِ |
كالخيل ربّطن دهماً في مواقفها | وَالبُزْلِ قُطّرْنَ بَينَ الحوْضِ وَالعَطَنِ |
قد جاءت النفثة الغراء ضامنة | ما يُوبِقُ النّفسَ من عُجبٍ وَمن درَنِ |
أنبَطْتُ مِنْ حُسنِها ماءً بلا نَصَبٍ | وحزت من نظمها درّاً بلا ثمنِ |
أنشدتها فحدا سمعي غرائبها | إلى الضّمِيرِ حداءَ الرّكبِ للبُدُنِ |
جازت إلى خاطري عفواً وخيَّل لي | ممّا استَبَتْ أُذُني، أنْ لمْ تَجُزْ أُذُني |
فاقتدْ إليك أبا اسحق قافية | قَوْدَ الجَوَادِ، بلا جُلٍّ وَلا رَسَنِ |
كادَتْ تَقاعَسُ لوْ ما كُنتَ قائدَها | تقاعس البازل المجنوب في الشطنِ |
تَستَوْقِفُ الرّكبَ إنْ مرّتْ مُعارِضَة ً | تُهدي عَقيلَتَها العَذرَاءَ مِنْ يَمَنِ |