لِلَّهِ ثُمّ لَكَ المَحَلُّ الأعْظَمُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لِلَّهِ ثُمّ لَكَ المَحَلُّ الأعْظَمُ | وإليك ينتسب العلاء الأقدم |
ولك التُّراث من النَّبيِّ محمَّدٍ | والبيت والحجر العظيم وزمزم |
ما ناقلت ركب الرّكاب إلى منى ً | وأراق من علق الدّماء الموسم |
خطر من الدّنيا يجل وسورة | تعلو وقدر زائد يتقدّم |
تمضي الملوك وأنت طود ثابت | ينجابُ عنك متوج ومعمم |
مَا ذاكَ إلاّ أنّ غَرْبَكَ مِنْهُمُ | أمضى وإنّ علوّ مجدك أعظم |
إنّ الخِلافَة َ مُذْ نَهَضْتَ بِعِبْئِهَا | هدأ الضّمير بها ونام النّوم |
قَدْ كَانَ مِنبَرُها تَضَاءَلَ خِيفَة ً | واستلّ منه الهزبريّ الأعظم |
حتّى تخمط منك فوق سراته | وَالأرْضُ رَاجِفَة ٌ، فَنيقٌ مُقْرَمُ |
لله أيّ مقام دين قمته | وَالأمْرُ مَرْدُودُ القَضِيّة ِ مُبْرَمُ |
فَكَأنّمَا كُنْتَ النّبيّ مُنَاجِزاً | بالقَوْلِ، أوْ بِلِسَانِهِ تَتَكَلّمُ |
فَمَضَى ، وَأعْقَبَ بَعْدَهُ مُتَيَقّظاً | سِجلاهُ بُوسَى في الزّمَانِ وَأنْعُمُ |
كالغيث يخلفه الرّبيعُ وبعضهم | كَالنّارِ يَخْلُفُهَا الرّمَادُ المُظْلِمُ |
لا تهتدي نوب الزّمان لدولة | الله فيها والنبيّ وأنتم |
شرفا بني العباس مدّ رواقه | وَعُلًى تُسَانِدُهَا القَنَا وَالأنْجُمُ |
كَمْ مَهْمَهٍ لَبِسَتْ إلَيْكَ رِكَابُنا | وَالأرْضُ بُرْدٌ بِالمَنُونِ مُسَهَّمُ |
حتّى تراعفت المناسم والذرى | فسواء الأَعلى دما والمنسم |
هنَّ القسي من النّحول فإن سما | طَلَبٌ، فَهُنّ مِنَ النَّجاءِ الأسهُمُ |
يضمنّ لا ورد العطاءَ مصرّدٌ | أبداً ولا فعل الزّمان مذمم |
وَأنَا النّذِيرُ لمَارِقٍ يَمّمْتُهُ | من ضوء نار للطغاة مضرّم |
حَمْرَاءُ جَاهِلَة ُ الشّرَارِ مَهُولَة ٌ | للنّاظِرِينَ لهَا دُخَانٌ أدْهَمُ |
وَمُلَمْلِمٌ يَرْمي العَدُوَّ بِرُكْنِهِ | مَاضٍ كَفِهْرِ المِنْجَنِيقِ مُلَملمُ |
في مَعْرَكٍ فُقِدَ التّكَلّمُ تَحْتَهُ | للرّوْعِ، إلاّ أزْمَلٌ وَتَغَمغُمُ |
كَثُرَ الحَدِيدُ بِهِ، فبَعضٌ يَتّقي | كَلْمَ الطّعانِ بهَا وَبَعضٌ يُكْلَمُ |
من كل ضاحكة القتير كأنّها | برد أعارَكهُ الشجاع الأرقم |
وطويل سالفة السنان يؤده | خطل الكعوب وفي الضّلوع يقوم |
وَمُرَقْرَقِ الغَرْبَينِ، إلاّ كُلْفَة ً | مِمّا يُطَبِّقُ دائِماً وَيُصَمِّمُ |
في فِتْيَة ٍ رَكِبُوا العُلَى مِنْ هاشِمٍ | يَرْمُونَ أقْطَارَ العَدُوّ كَما رُمُوا |
يجري الحياءُ الغضّ في قسماتهم | في حِينَ يَجرِي في أكفّهِمُ الدّم |
فإذا غضبتَ فأنت أنت شجاعة | توفي على عضب الرّدى وهمُ همُ |
بحمائل الملك الجليل مقلد | وبخاتم النّبأ العظيم مختمُ |
وعظمت قدراً إن يروقك مغنم | أوْ أنْ يَصِرّ عَلى بَنَانِكَ دِرْهَمُ |
هي راحة ما تستفيق من النّدى | أبَدَ الزّمَانِ، وَبَدْرَة ٌ لا تُختَمُ |
مَلِكٌ تَلاعَبُ بالهَوَى عَزَمَاتُهُ | بعداً به عمّا يقول اللّوَم |
بَينَا يُضِيءُ عَلى الزّمَانِ، فيَنجَلي | حتّى يغيّر على الضياء فيظلمُ |
النّفع والإضرار شغل لسانه | ليُرَاشَ عَافٍ، أوْ يُضَعضَعَ مُجرِمُ |
وَيَرُوحُ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَعَدُوُّهُ: | هذا يزيد غنى وهذا يعدمُ |
فعلى المقارب مطلع متبلّج | وَعَلى المُجَانبِ عارِضٌ مُتَجَهّمُ |
في كل يوم خالع متأخّر | يردى وجدّ غالب متقدّم |
وَفُتُوحُ أمْصَارٍ تَرُوحُ وَتَغْتَدِي | عَفْواً إلَيكَ، وَغَيرُهَا يُتَجَشّمُ |
لولاك لم يك مثلها ما يرتقى | عُلْواً، وَلَمْ يَكُ مِثْلُهَا مَا يُغنَمُ |
ما كان يومي دون مدحك أَنني | صب بغير جلال وجهك مغرم |
لكنّها نفس تصان لتنتضى | وتجمّ من طول المقال فتفعمُ |
أنت العلى فلقصدها ما أقتني | من جوهر ولمدحها ما أنظمُ |
ما حقّ مثلي إن يضاع وقوله | باقي العماد على الزمان مخيمُ |
وأجل ما أبقى الرّجال فضيلة | تَمتَاحُها أُذُنٌ، وَيُودِقُهَا فَمُ |
وأنا القريبُ قرابة معلومة | وَالعِرْقُ يَضرِبُ وَالقَرَائِبُ تُلحَمُ |
إنّي لأرْجُو مِنْكَ أنْ سَيَكونُ لي | يوم أغيظ به الأعادي أيومُ |
وأنال عندك رتبة مصقولة | إنْ عَايَنَ الأعْداءُ رَوْنَقَهَا عَمُوا |
إنّي، وَإنْ ضَرَبَ الحِجابُ بطَوْدِهِ | أوْ حَالَ دُونَكَ يَذْبُلٌ وَيَلَملَمُ |
لأرَاكَ في مِرْآة ِ جُودِكَ مِثلَمَا | يَلْقَى العِيَانَ النّاظِرُ المُتَوَسِّمُ |
وَلَقَدْ أطَاعَكَ مِنْ عَليٍّ نَاصِحٌ | ماضي الجنان إذا أظلّك مغرم |
يُرْضِيكَ ظَاهِرُهُ، وَبَينَ ضُلُوعِهِ | قلب بما يدني إليك متيم |
فاشدد يديك به يدمْ لك ناقض | فِيمَا يَؤُدّ مِنَ الأُمُورِ وَمُبرَمُ |
عِلْماً أقُولُ بَدِيهَة ً وَرَوِيّة ً | وَيَضَلّ عِندَكَ قَائِلٌ لا يَعلَمُ |
شِعْراً أُثِيرَ بِهِ العَجاجُ بَسَالَة ً | كالطّعن يدمي والقنا يتحطّمُ |
وَفَصَاحَة ٌ، لَوْلا الحَيَاءُ لهَجّنَتْ | أعلام ما قال الوليد ومسلم |
وَخَطَابَة ٌ للسّمْعِ في جَنَبَاتِهَا | شغل يعوق عن الذي يترنّمُ |
فعلى مَ يطلب غايتي متسرعاً | غُلُق الجنان أقول ما لا يفهم |
هَيهَاتَ أقعَدكَ الحَضِيضُ مُؤخِّراً | عَنّي، وَجَاوَرَني السُّهَا وَالمِرْزَمُ |
أزْدادُ فِكْراً في الزّمَانِ، فإصْبَعي | لنواجذي أبد الليالي ترأمُ |
وَأرَى الحَلِيمَ يُنَالُ مِنْ إعرَاضِهِ | ويسلّ مقوله السفيه فيعظمُ |
يقتاد مخشيّ الرّجال مراده | عَفْواً، وَيُظلَمُ كُلُّ مَن لا يَظلِمُ |
قلب يسيغ الحادثات وعنده | عزم على نوب الزّمان مصمم |
يا دَهرُ! دونَكَ قَد تمَاثَلَ مُدنَفٌ | وَاقتَصّ مُهتَضَمٌ، وَأوْرَقَ مُعدِمُ |
إني عليك إذا امتلأت حمية | بندى أمير المؤمنين محرمُ |
وَمُذ ادّرَعْتَ عَطَاءَهُ وَفِنَاءَهُ | أرْمي وَيَرْميني الزّمَانُ، فَأسْلَمُ |
وإذا الإمام أعار قلبيَ همّة | فالأمرُ أمري والمعاطس ترغمُ |