أرشيف المقالات

المتعاوِنون على الإثم! - أبو الهيثم محمد درويش

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
عندما تضيق الدنيا بما رحبت بأهل الديانة وعندنا يستشعر المسلم الغربة بين أبناء دينه ووطنه وندماً يتمالأ أكثر الناس على بغض أهل الديانة كرهاً في فصيل تم تشويهه وتضخيم أخطاءه وشيطنته، وأن يتم هذا التشويه المنظَّم بتعاون كامل بين الأبعدين والأقربين على حدٍ سواء...
هنا لا بد من وقفة تأمُّل ومحاسبة للنفس.
إعلام فاسد ينفخ في دخان كثيف يزكم الأنوف، ويحبس الأنفاس، ويُصيب المجتمع باختناق...
يتعاون مع رجال أعمال فسدة همّهم عودة ممالك الفساد التي سُلِبت منهم قسراً، وهؤلاء وأولئك يتعاونون طوعاً مع أجهزة خارجية تسعى لمصلحتها ومصالح بلادها ولو أُبيدت جرَّاء ذلك شعوب.
خيانات داخلية وخيانات خارجية وتعاون دنيء جعل من كل صاحب سنة وكل صاحب أو صاحبة مظهر إسلامي يمشي مهدَّداً مكبوتاً بلا ذنب أو جناية...
اللهم إلا أن أحد الحركات الإسلامية فشلت في تولي زمام هذه البلد أو تلك، وأصبح الإسلام في النهاية هو المستهدف وهو الغرض الذي يُصوِّب نحوه الجميع سِهامهم عامدين وملبِّسين على الشعوب التي وجدوا لديها الاستعداد لتقبُّل التلبيس والاستغفال وتحميل الإسلام وكافة من يحملون راية الدعوة والسنة بعض أخطاء وقع فيها بعض أبناء الإسلام، وكلنا لا يخلو من خطأ...
والعجيب أن هذا الفصيل ما لديه من خلل في المنهج إنما وقع فيه ليتوافق مع المجتمع الذي لفظه -تحت تأثير مخدِّر الإعلام- وانقلب عليه.
السخرية من كل صاحب هدي إسلامي من الدعاة أو الشباب الملتحي أو حتى فقط الملتزم بالصلاة في جماعة، والسخرية من كل صاحبة ستر وعفاف من صاحبات النقاب أو الخمار السابغ أصبح ديدن هؤلاء وأذنابهم في شوارع المسلمين والسخرية من الرموز الإسلامية والعلماء أصبح نمطاً سائغاً للسلوك التحرُّرِي..
ولا أدري والله أي تحرُّر هذا...
إن لم يكن تحرراً كتحرر صفية زغلول وصويحباتها في الميدان الذي سُمِّيَ بميدان التحرير لتحرُّرِهن من الحجاب !

قال الطبري عند قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ}: "وقوله: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، يعني: ولا يُعِن بعضكم بعضًا {عَلَى الإثْمِ}، يعني: على ترك ما أمركم الله بفعله {وَالْعُدْوَانِ}، يقول: ولا على أن تتجاوزوا ما حدَّ الله لكم في دينكم، وفرض لكم في أنفسكم وفي غيركم" أهـ (تفسير الطبري: [9/490]).

ولزعماء الفتنة من الإعلاميين ورجال الأعمال والطامعين في السلطة والجبارين في الأرض والشعوب المستغفَلة أهدي إليكم هذه المقولة العظيمة للإمام ابن تيمية رحمه الله...

قال ابن تيمية: "فإنَّ التَّعاون نوعان؛ الأوَّل: تعاونٌ على البرِّ والتَّقوى: مِن الجهاد وإقامة الحدود، واستيفاء الحقوق، وإعطاء المستحقِّين؛ فهذا ممَّا أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومَن أمسك عنه خشية أن يكون مِن أعوان الظَّلمة فقد ترك فرضًا على الأعيان، أو على الكفاية متوهِّمًا أنَّه متورِّعٌ.
وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع؛ إذ كلٌّ منهما كفٌّ وإمساكٌ.
والثَّاني: تعاونٌ على الإثم والعدوان، كالإعانة على دمٍ معصومٍ، أو أخذ مالٍ معصومٍ، أو ضرب مَن لا يستحقُّ الضَّرب، ونحو ذلك؛ فهذا الذي حرَّمه الله ورسوله.
نعم، إذا كانت الأموال قد أُخِذَت بغير حقٍّ، وقد تعذَّر ردُّها إلى أصحابها، ككثيرٍ مِن الأموال السُّلطانيَّة؛ فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثُّغور، ونفقة المقاتلة، ونحو ذلك: مِن الإعانة على البرِّ والتَّقوى" (السياسة الشَّرعية، ص: [40]).
وأخيراً:
وقد جاء في: (نضرة النعيم: [9/4209])؛ آثار التَّعاون على الإثم والعدوان:  

1- تقلِب نظام المجتمع وتساعِد على فساد الذِّمم.
2- تفتح أبواب الشَّرِّ وتطمس معالِم الحقِّ.
3- تُنبئ عن خسَّة صاحبها ودناءة نفسه.
4- دليل كامل على ضعف الإيمان وقلَّة المروءة.
5- تساعد على الطغيان.
6- إذا تحقَّقت في مجتمع كانت سببًا في خرابه.
7- تُضيِّع الحقوق، وتصل لغير أهلها ومستحقيها

اللهم أصلح مجتمعاتنا وألِّف بين قلوب المسلمين.

 
 

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن