لون الشبيبة أنصل الألوان
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لون الشبيبة أنصل الألوان | وَالشّيبُ جُلُّ عَمَائِمِ الفِتْيَانِ |
نَبتٌ بأعلَى الرّأسِ يَرْعاهُ الرّدى | رَعْيَ المَطِيّ مَنابِتَ الغِيطانِ |
الشّيبُ أحسن غير أنّ غضارة | للمَرْءِ في وَرَقِ الشّبَابِ الآني |
وكذا بياض الناظرين وإنّما | بِسَوَادِهَا تَتَأمّلُ العَيْنَانِ |
لهفي على زمن مضى وكأنّني | مِنْ بَعدِهِ كَلٌّ عَلى الأزْمَانِ |
أفنيتهُ طاغي العُرام كأنّما | في أمِّ رأسي نخوة السكرانِ |
يرجو الفتى خلس البقاء وإنما | جارا حياة العمر مفترقانِ |
متعرض إما للون حائل | بَينَ الذّوَائِبِ، أوْ لعُمْرٍ فَانِ |
مالي وما للدهرِ قلقل صرفه | عزمي وقطع بينه أقراني |
ورمى تشخصي حرّ كلّ مفازة | لا يستقلّ بها مطيّ جبان |
مُتَغَرباً لا أسْتَجِيرُ بِمَنْزِلٍ | فإذا نزلت فعقلة الضيفان |
سيفي رفيقي في البلادِ وهمّتي | متعللي وجوانحي خلاني |
يَشكُو الحَبيبُ إليّ شِدّة َ شَوْقِه | وأنا المشوق وما يبين جناني |
وإذا هممت بمن أحبّ أمالني | حصرٌ يعوق وعفّة ٌ تنهاني |
لله ما أغضت عليه جوانحي | وَالشّوْقُ تحتَ حِجابِ قَلبيَ عَانِ |
مَا مَرّ بَرْقٌ في فُرُوجِ غَمَامَة ٍ | إلاّ وَأعْدَى القَلْبَ بالخَفَقَانِ |
وإذا تحرّكت الرياح تحرّكت | بين الضلوع غوامض الأشجان |
أجمَمتُ لحظي عِفّة ً وَسَجِيّة ً | إن لا أجمّ البيض في الأجفانِ |
غيران دون العرض لا أسخو به | وَالعِرْضُ خَيرُ عَقيلَة ِ الإنْسَانِ |
وأذود عن سمعي الملام كأنه | عضوٌ أخاف عليه حدّ سنان |
لي يَقظَة ُ الذّئبِ الخَبيثِ، فإن جرَى | سَفَهٌ، فعِندي نَوْمة ُ الظَّرِبَانِ |
حَدَثٌ على الأحبابِ لا أشكو الذي | وَيَسُومُني لُقْيَا ذَوِي الشّنآنِ |
أشكُو النّوَائبَ، ثمّ أشكُرُ فِعلَها | لعظيم ما ألقى من الخلاّنِ |
وإذا أمنتَ منَ الزمانِ فلا تكن | إلاّ عَلى حَذَرٍ مِنَ الإخْوَانِ |
كَمْ مِنْ أخٍ تَدعوهُ عندَ مُلمّة ٍ | فيكون أعظم من يد الحدثانِ |
لولا يقين القلب أنك حبسه | لعصى وهمّ عليك بالعدوان |
كَمْ عَمّمَتْني بالظّلامِ مَطِيّة ٌ | بَعدَ اعوِجاجِ عَمائِمِ الرّكْبَانِ |
والليل أعمى دون كلّ ثنية | والدهر غير مغمض الأجفان |
وكأنّ أنجمه أسنّة فيلق | طلعت بها صمّ الكعوب دواني |
بَطَلٌ يُعَمَّمُ بالحُسامِ من الأذى | إنّ السّيُوفَ عَمَائِمُ الشّجْعَانِ |
بَعضُ التّوَكُّلِ في الأمُورِ تَوَانِ | |
مَيتٌ يَهونُ على الفَوَارِسِ فَقدُه | من لا يرقّ عواليَ المران |
ما ضاق همّاً كالشجاع ولا خلا | بِمَسَرّة ٍ، كَالعَاجِزِ المُتَوَاني |
يا رَاكِبَ الهَوْجاءِ تَغترِفُ الخُطى | طَلَقَ الظّليمِ، وَغايَة َ السِّرْحانِ |
أبلغ أمير المؤمنين رسالة | روعاء نافرة عن الأقران |
أجزَلْتَ عَارِفَتي وَعَوّدْتَ العَطا | عَقِبي، وَوَلّيْتَ اليَرَاعَ بَنَاني |
ما ضَرّني أنْ لوْ بَعِدتُ عن الغِنى | أبداً وأني من لقائك دانِ |
وَيَسُرّني أنْ لا يَرَاني دائِلٌ | ومعظم يوماً وأنت تراني |
ذكراك آخر ما يفارق خاطري | ونداك أول وارد يلقاني |
وإذا حططت عليك أقسمتِ المنى | أن لا أميل ذوائب الكيران |
وتركت أيدي العيس غير مروعة | مِنْ صَفْصَفٍ مُتَعَرّضٍ وَرِعَانِ |
وَإذا الفَتَى بَلَغَ المُنى من دَهرِهِ | عاف المسير ولذّ بالأوطانِ |
أنتَ المُعِينُ عَلى مَآرِبَ جَمّة ٍ | وَجِمَاحِ حَادِثَة ٍ وَرَيبِ زَمَانِ |
والمستجار إذا تصافحت القنا | بصدورها والتفت الفئتان |
مُتَيَقّظٌ لا القَلْبُ يَفتُرُ هَمُّهُ | يوماً ولا الجفنان ينقعدان |
وَكَأنّمَا صَرْفُ الزّمانِ أعَارَهُ | عَيْنَيْ قطَاميٍّ برَأسِ قِنَانِ |
لا يصحب الأيام إلاَّ راغباً | في وَصْلَتي، أوْ سائِلاً عَن شَاني |
في كلِّ يوم يستثير عجاجة | هوجاء راغبة على القيعانِ |
في فيلق تعمى الغزالة دونه | وتكوس خابطة بغير طعان |
متضايق غصّت به فيح الفلا | ضيق القلائد في رقابِ غوانِ |
وَفَوَارِساً يَتَسَمّعونَ إلى العُلَى | نغمات كل حنيَّة مرنانِ |
مشقوا بأطرافِ القنا قمم العدا | إنّ الرماح مخاصر الفرسان |
وَإذا الغُبَارُ نهَى العُيونَ تَدافَعُوا | في الروعِ واتكلوا على الآذان |
أسد كأن على سنابك خيلهم | يوم اللقاء مسفَّة العقبانِ |
تُرْعَى الجَماجِمُ وَالجَميمُ إزَاءها | وَدَمُ الطُّلَى بَدَلاً مِنَ الغُدرَانِ |
لو شئت شتتّ الثريا شملها | جزعاً همّ النسر بالطيران |
لَيسَ الحَمائمُ بالبِطاحِ، وَحُجرُها | بأعزّ مما نلته بأمان |
عجباً لنارٍ جاورتك خديعة | في أيّ نَاحِيَة ٍ وَأيّ مَغَاني |
ما كانَ ذا إلاّ تَخَمُّطَ غَارَة ٍ | بدلت من هبواتها بدخانِ |
ما ضَرّ لَيثَ الغَابِ نَارٌ أُضرِمَتْ | في غَابِهِ، وَنَجَا بغَيرِ هَوَانِ |
وَمَتَى تُهُضِّمَ ضَيغَمٌ، وَتَوَلّعتْ | بحَيَا الغُيوثِ أنَامِلُ النّيرَانِ |
عمر الزمان ومن رماك رماني | |
ماذا، فلَيسَ بضَائرِي أَنْ لمْ أكُنْ | لك جار بيتٍ أو رضيع لبان |
ولأنت حسرة ذي الخمول ومادرى | أن الثريا حسرة الدبران |
أنا حَرْبُ ضِدّكَ فارْضَني حرْباً له | وَارْضَ السّنانَ مُصَمِّماً لطِعَانِ |
وكفاك شكري إن برك ظاهر | عِندِي وَما يَخفَى على الأعْيَانِ |
وَإذا سكَتُّ، فإنّ أنطقَ من فَمي | عَنّي فَمُ المَعرُوفِ وَالإحْسَانِ |
فاكفف سماحك واثن من غلوائه | إنَّ الغنى في بعضِ ما أعطاني |
فليَشكُرَنّكَ ما شَكَرْتُكَ غالبٌ | وَذَوَائِبُ الآبَاءِ مِنْ عَدْنَانِ |
ما ماتَ مَنْ كَثُرَ الثّناءُ وَرَاءَهُ | إنّ المُذَمَّمَ مَيّتُ الحَيَوَانِ |
هَذا الإمامُ يَذُودُني عَن وَجهِه | |
متكلفاً اقتات بشر معاشر | لَهُمُ إليّ تَشَازُرُ الغَيْرَانِ |
تَتَناتَجُ الأحقادُ بَينَ ضُلُوعِهِم | وَيُزَمِّلُونَ أجِنّة َ الأضْغَانِ |
وأنا الفقير على غزارة جوده | فَإذا أرَادَ بيَ الغِنَى أدْنَاني |
لم آل جهداً في الثناءِ وإنّما | غَطّى بعَرْضِ نَداهُ طُولَ لساني |
طَمِعَ المُعادي أنْ يُقَرّبَهُ، وَمَنْ | صَافَى عَدُوّاً لي، فقَد عَاداني |
طلب العلى وأبوه غير مهذب | بين الورى والأم غير حَصان |
ولأنت أولى إن ترب صنائعاً | كَثُرَتْ بِهِنّ مَطامعٌ وَأمَاني |
وَإذا بَقيتَ فقَد شَفيتَ من العِدا | قَلبي، وَأعطَيتَ الأمَانَ زَمَاني |