وَقْفٌ عَلى العَبَرَاتِ هَذا النّاظِرُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وَقْفٌ عَلى العَبَرَاتِ هَذا النّاظِرُ | وَكَفَاهُ سُقْماً أنّهُ بِكِ سَاهِرُ |
رُدّي عَلَيْهِ مَا نَضَا مِنْ لحظِهِ | خداك والغصن الوريق الناضر |
فلأنت آمن ان يلومك عاذل | في فَرْطِ حُبٍّ، أوْ يَغُرَّكِ عَاذِرُ |
هَذا الفِرَاقُ، وَأنْتِ أعْلَمُ بالهَوَى | فارعى فايام المحب غوادر |
وانا الفداء لمن اباح حمى الهوى | فَغَدَتْ تَطَاهُ مَنَاسِمٌ، وَحَوَافِرُ |
حوشيت ان القاك سارق لحظة | تلد الوفاء وام عهدك عاقر |
وابى الهوى ما كدت اسلو في الكرى | إلاّ ارْتَقَى طَرْفي الخَيالُ الزّائِرُ |
اليَوْمَ جَارَ البَيْنُ في أحْكَامِهِ | فكأن اسباب الوفاء جرائر |
هَذِي الدّيَارُ لهَا بِمُنْعَرَجِ اللّوَى | قَفْراً، تَجَنّبَهَا الغَمَامُ البَاكِرُ |
أرْضٌ أقُولُ بِهَا لِسَانِحَة ِ المَهَا: | انا ان عثرن لعاً وقلبي العاثر |
قالَتْ وَقَد غَمرَتْ دُموعي وَجْنَتي: | لله ما فعل المحل الداثر |
أغضَيتُ عن وَجهِ الحَبيبِ تَكَرُّماً | واريته ان الجفون كواسر |
هَبْ لي وَحَسبي نَظرَة ٌ أرْنُو بِهَا | فَمَقَرّهَا وَجْهُ الحُسَينِ الزّاهِرُ |
فَلَثَمّ أبْلَجُ إنْ أهَلّ جَبِينُهُ | جمحت اليه خواطر ونواظر |
قرب الغمام فعن قريب ينثني | فيبل مربعك العريض الماطر |
ان حل بيدا فالخلاء محافل | او قاد خيلاً فالسروج منابر |
يا ابنَ الأكَابِرِ لا أقَمْتَ بِمَشْهَدٍ | إلاّ وَذِكْرُكَ في المَكَارِمِ سَائِرُ |
مَا سِرْتَ حَتّى سَارَ نَعْتُكَ أوّلاً | فسريت تتبعه وهمك آخر |
نَفَثَتْ لكَ الأمطارُ في عُقَدِ الرُّبَى | فقصدتها ان الغمام لساحر |
ذلل ركابك اين سرت كأنما | وَصّى المَطيَّ بِكَ الجَديلُ وَداعِرُ |
مَا ضَرّ مَنْ شَرِبَ الحِمَامَ تكَرُّهاً | بِظُبَاكَ في رَوْعٍ، وَأنتَ تُعَاقِرُ |
قُضُبَ الأعَادِي لا تَرُومي ضَرْبَهُ | أبَداً، فَأنْتِ لِمَا يَخُدّ مَسَابِرُ |
سايَرْتُ أزْمَاني، فَلَمْ أبلُغْ مَدًى | حتى استقل بي الثناء السائر |
وَصَحِبْتُ أيّامَ الهَوَى فَرَأيْتُهَا | سرحا حمته عواذل وعواذر |
ورأيت اكبر ما رأيت متيماً | مُتَنَازِعَاهُ آمِرٌ، أوْ زَاجِرُ |
فنَدِمتُ بَعدَ الحبّ كَيفَ أُطِيعُهُ | وَعَصَيْتُ عَزْمَاتي، وَهُنّ أوَامِرُ |
ابكي على الايام وهي ضواحك | في وجه غيري وهو فيها حائر |
لَوْ شَابَ طَرْفٌ شابَ أسوَدُ ناظرِي | من طُولِ ما أنا في الحَوَادثِ نَاظِرُ |
او ان هذي الشمس تصبغ لمة | صبغت شواتي طول ما انا حاسر |
او كان يأنس بالانيس اوابد | يَوْماً، لَزَمّ ليَ النّعَامُ النّافِرُ |
مَا المَجْدُ إلاّ في السُّرَى ، وَالحَمْدُ إ | الا في القرى والمستغر الخاسر |
وَغداً أُمَشّي العِيسَ بَينَ حَطِيطَة ٍ | ووديقة لم يغن فيها ماطر |
تندى مناسمها دمى وشفاهها | تندى لغاماً والخفاف مشافر |
يَخبِطْنَ أجوَازَ الصّفيحِ على الوَجَى | وَاللّيْلُ مُنْتَشِرُ القَوَادِمِ طَائِرُ |
بينا يوسدنا الكرى اعضادها | حتّى قَذَفْنَ النّوْمَ، وَهْيَ نَوَافِرُ |
خوص كان عيونها في هامها | قلبٌ بعدن عن الورود غوائر |
واذا عبرن بماء واد جزنه | عجلاى يخدن كانهن صوادر |
وَإلَيكَ أنحَلَتِ الفَلا أخْفَافَهَا | تطوى بهن قبائل وعمائر |
يَحْمِلْنَ رَكْباً مُغرَمِينَ، إذا سرَوْا | رُفِعَتْ لهُمْ تَحْتَ الظّلامِ عَقَائِرُ |
نحلوا من البلوى نحول مطيهم | فَضَوَامِرٌ مِنْ فَوْقِهِنّ ضَوَامِرُ |
فَأتَتْكَ لَوْ كَلَّفْتَ مَا كَلّفْتَها | نوب الزمان اتتك وهي زوافر |
لله صبرك حيث تفترق الظبى | بين الهوادي والقنا متشاجر |
واليومُ اسود لمة من ليله | سَتَرَتْكَ مِنْهُ ذَوَائِبٌ وَغَدائِرُ |
في حَيْثُ سُدّ عَلى الطّيورِ مَجالُها | حتّى رَعى مَا في الوُكُورِ الطّائِرُ |
لثمت خد الشمس منه بأسود | وَالنُّورُ يَشْهَدُ أنّ وَجْهَكَ سَافِرُ |
يوم تود السمر ان صدورها | لِتَعُدّ مَا كَسَبَتْ يَداكَ، خَنَاصِرُ |
وَالسّبْيُ تَعْصِفُ بِالجُيُوبِ أكُفُّها | في جَنْبِ ما عَصَفَتْ قَناً وَبَوَاتِرُ |
فعلى النساء من الخروق يلامق | وعلى الرجال من النجيع مغافر |
ولّـوا وايديهم على هاماتهم | فكانما تلك الاكف معاجر |
وَبَذَلْتَ أجْسَادَ الكُمَاة ِ لوَحْشَة ٍ | فَعَلِمْنَ أنّكَ أنْتَ فِيهِ الظّافِرُ |
انى تعرس فالرياض مطافل | لسَوَامِ إبْلِكَ، وَالوُحوشُ جآذِرُ |
واذا تسالم فالسموم صوارد | واذا تحارب فالنسيم هواجر |
وَكأنّ رُمحَكَ حالِبٌ لِدَمِ الطُّلَى | وَكَأنّ سَيفَكَ في الجَماجمِ جَازِرُ |
لو تعلم الافلاك انك والدي | لَمْ تَرْضَ أنّي للسّمَاءِ مُصَاهِرُ |
وَبحَسْبِ جُودكَ أنّني لكَ مَادِحٌ | وَبحَسْبِ مَجدِي أنّني بِكَ فَاخِر |
إنّ الّذِي حَلّتْهُ غُرُّ مَدائِحي | نَدْبٌ كَسَاهُ مَفَاخِرٌ وَمَآثِرُ |
كثرت نعوت صفاته في مدحه | فكان مادحه المفوه سامر |
كفل البقاء بنفسه فلو انقضى | ذا الدهر عاوده الزمان الغابر |
واليوم كمن في صدره لك آمل | يعطى وكم في عجزه لك شاكر |
أمُعَثِّرَ الأحْداثِ في أذْيَالِهَا | ناجاك مدحي والجدود عواثر |
اني رضيتك في الزمان ممدحاً | وعلاك لا ترضى بأني شاعر |