الوّي حيازيمي عليك تحرقاً
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
الوّي حيازيمي عليك تحرقاً | وَأشكُو قُصُورَ الدّمعِ فيك وَما رَقَا |
فيا شمل لبي لا تزال مبدداً | ويا جفن عيني لا تزال مؤرقا |
فقد كنت أستسقي الدموع لمثلها | وما جم دمع العين إلا ليهرقا |
أعَايَنتَ هَذا الدّهْرَ إنْ سَرّ مَرّة ً | أسَاءَ، وَإنْ صَفّى لَنا الوُدَّ رَنّقَا |
كَأنّي أُنَادي مِنْهُ صَمّاءَ صَلْدَة ً | وصلّ فلاة لا يلين على الرقا |
إذا غَفِلَ الحَادُونَ ثَارَ مُسَاوِراً | وَإنْ رُوجِعَ النّجوَى أرَمّ وَأطرَقَا |
طلوع الثنايا ينفذ الليل لحظه | إذا مَا رَنَا، جَوّابُ أرْضٍ، وَحَملَقَا |
له المنظر العاري وكل هنيئة | تغاور بالأنقاء برداً مشرقا |
كان زماماً ضاع من أرحبية | تَلَوّى بِأقْوَازِ النّقَا، وَتَعَلّقَا |
تَلَمّظَ شَيئاً كالجَبَابِ، وَغامَرَتْ | بهِ وَثْبَة ٌ أمضَى مِنَ اللّيثِ مَصْدَقَا |
رِشاءُ الرّدى لوْ عَضّ بالطّوْدِ هاضَهُ | وَلَوْ شَمّ ما لاقَى عَلى الأرْضِ أحرَقَا |
دويهية يحمي الطريق مجره | إذا نفخ الركبان نام وأرّقا |
وما العيش إلا غمة وارتياحة | ومفترق بعد الدنو وملتقى |
هُوَ الدّهْرُ يُبلي جِدّة ً بَعدَ جِدّة ٍ | فَيَا لابِساً أبْلَى طَوِيلاً وَأخْلَقَا |
فكَمْ مِنْ عَليٍّ فيكَ حَلّقَ وَانهوَى | وَكَمْ مِنْ غَنيٍّ نالَ منكَ وَأملَقَا |
ومن قبل ما أردى جذاماً وحميراً | وأطرق زور الموت عوجاً وعملقا |
وأبقى على دار السمؤل بركه | وَقَادَ إلى وِرْدِ المَنُونِ مُحَرِّقَا |
ففارق هذا الأبلق الفرد بغتة | وودع ذا بعد النعيم الخورنقا |
فما البأس والإقدام نجى عتيبة | وَلا الجُودُ وَالإعطَاءُ أبقَى المُحَلَّقَا |
أرَاهُ سِنَاناً للقَرِيبِ مُسَدَّداً | وَسَهْماً إلى النّأيِ البَعيدِ مُفَوَّقَا |
إذا مَا عَدا لمْ تُبصِرِ البِيضَ قُطّعاً | وَلا الزّغْفَ مَنّاعاً وَلا الجُرْدَ سُبَّقَا |
وَلا في مَهاوِي الأرْضِ إن رُمتَ مهبطاً | وَلا في مَرَاقي الجَوّ إن رُمتَ مُرْتَقَى |
وَلا الحُوتُ إنْ شَقّ البِحارَ بفائِتٍ | ولا الطيران مد الجناح وحلقا |
وَللعُمْرِ نَهْجٌ إنْ تَسَنّمَهُ الفَتَى | إلى الغَايَة ِ القُصْوَى أزَلَّ وَأزْلَقَا |
ألا قَاتَلَ اللّهُ الذي جَاءَ غازِياً | فقارعنا عن مخة الساق وانتقى |
وكم من عليل قد شرقت بيومه | جَوًى ، بَعدَ مَا قالوا أبَلَّ وَأفرَقَا |
وآخر طلقت السرور لفقده | وقد راح للدنيا النشوز مطلقا |
بنَفسِيَ مَنْ أفقَدْتُ داراً أنيقَة ً | من العيش واستودعت بيداء سملقا |
وَأبْدَلتُهُ مِنْ ظِلّ فَينَانَ ناضرٍ | ظِلالَ صَفيحٍ كالغَمَامِ مُطَبِّقَا |
وخففت عن أيدي الأقارب ثقله | وحملته ثقل الجنادل والنقا |
جلست عليه طامعاً ثم جاءني | مِنَ اليَأسِ أمْرٌ أنْ أخُبّ وَأُعنِقَا |
وَمَا مِنْ هَوَانٍ خَطّأ التُّرْبَ فَوْقَهُ | وخطى له بيتاً من الأمر ضيقا |
وَقد كانَ فَوْقَ الأرْضِ يُسحِقُ نأيُه | فصَارَ وَرَاءَ الأرْضِ أنْأى وَأسحَقَا |
خَليليّ زُمّا لي مِنَ العِيسِ جَسرَة ً | مُضَبَّرَة َ الأضْلاعِ أدْمَاءَ سَهوَقَا |
تَمُرُّ كَمَا مَرّتْ أوَائِلُ بَارِقٍ | يَشُقُّ الدُّجَى وَالعَارِضَ المُتَألّقَا |
كأن يد القسطار بين فروجها | يقلب في الكف اللجين المطرّقا |
وحطا لجامي في قذال طمرَّة | كَأنّ بهَا مِنْ مَيعَة ِ الشّدّ أوْلَقَا |
تُعِيرُ الفَتَى ظَهراً قَصِيراً، كأنّهُ | قَرَا النِّقنِقِ الطّاوِي وَعُنقاً عَشَنَّقَا |
لَعَلّي أفُوتُ المَوْتَ إنْ جَدّ جَدُّهُ | وأعظم ظني أن ينال ويلحقا |
وهل يأمن الإنسان من فجآته | وإن حث بالبيداء خيلا وأينقا |
لقد سَلّ هذا الرُّزْءُ من عينيَ الكَرَى | وغصص بالماء الزلال وأشرقا |
ومما يعزى المرء ما شاء أنه | يَرَى نَفْسَهُ في المَيّتِينَ مُعَرِّقَا |
ولو غير هذا الموت نالك ظفره | وَوَلاّكَ غَرْباً للمَنَايَا مُذَلَّقَا |
لكان وراء الثار منا ..... | عَصَائِبُ تَختَارُ المَنُونَ عَلى البَقَا |
إذا ضَرَبُوا رَدّوا الحَديدَ مُثَلَّماً | وَإنْ طَعَنُوا رَدّوا الوَشيجَ مُدَقَّقَا |
بِكُلّ قَصِيرٍ يَفلِقُ الهَامَ أبيَض | وكل طويل يهتك السرد أورقا |
إذا اهتَزّ مِنْ خَلْفِ السّنانِ حَسِبتَه | بأعلى النجاد الأرقم المتشدقا |
وَلَكِنّهُ القِرْنُ الّذي لا نَرُدُّهُ | وَهَلْ لامرِىء ٍ رَدٌّ إذا اللّيثُ حَقّقَا |
يقود الفتى ما زم بالضيم أنفه | وقد قاد أبطالاً وقد جر فيلقا |
مشقق أعراف الخطابة صامت | وَلاقي صُدُورِ الخَيلِ يَوْمَ الوَغَى لَقَا |
ولم تغن عنه الخط قوّم درؤها | وَلا البِيضُ أجرَى القينُ فيهنّ رَوْنَقَا |
سَقَاهُ، وَإنْ لمْ تُرْوَ للقَلْبِ غُلّة ٌ | وما كان ظني أن أقول له سقا |
وَلا زَالَتِ الأنْوَاءُ تَحْبُوهُ مُرْعِداً | مِنَ المُزْنِ مَلآنَ الحَيازِيمِ مُبْرِقَا |
إذا قيل ولى عاد يحدو عشاره | وإن قيل أرقاً دمعة القطر أغدقا |
وَأعلَمُ أنْ لا يَنفَعُ الغَيثُ هَالِكاً | وَلا يَشعُرُ المَندُوبُ بالهَامِ إنْ زَقَا |
وَلَوْ كَانَ بالسُّقيَا يَعُودُ أنَا لَهُ | كمَا لَوْ سُقي عارِي القَضِيبِ لأوْرَقَا |
وَلَكِنْ أُدارِي خاطِراً مُتَلَهّفاً | وقلباً بما خلف التراب معلقا |