أرشيف المقالات

خبر المتخصصين في أي علم لا يصح أن يرده الجاهلون ظنا

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
سلسلة الردّ المجمل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (5)
 
خبر المتخصصين في أي علمٍ لا يصح أنْ يرده الجاهلون ظناً:
لكلِّ علم علماؤه المتخصصون فيه، الذين يُرجع إليهم في ذلك العلم، سواء كان ذلك العلم من العلوم الدينية أو العلوم الدنيوية، فإذا اتفق أهل ذلك العلم على شيء من العلم الذي تخصصوا فيه؛ فلا يُقبل من أحدٍ من الجاهلين بذلك العلم أنْ يَرُدَّ خبرهم بالظن، فمثلاً قواعد أهل الطب لا يُقبل رَدُّها من الجاهلين بالطب، وقواعد النحاة لا يَرُدُّها الجاهل بالنحو، وهكذا ما صححه المحدثون من الأحاديث لا يُقبل من جاهلٍ أن يَرُدَّها بالظن؛ فإن الظن لا يغني من الحق شيئاً.
 
ونقول لمن أراد أن يُشَكِّكَ في حديثٍ في الصحيحين أو في غيرهما مما صححه أهل الحديث: لن يُقبل ذلك منك؛ إلا إذا أتيت بحجةٍ بينةٍ بحسب القواعد التي وضعها أهل الحديث رحمهم الله، فإنهم لا يضعفون الحديث إلا لطعن في أحد الرواة أو لسقط في الإسناد، فأثبت لنا أن أحد رواة الحديث غير ثقة أو أنه أخطأ في روايته، أو أثبت لنا أنَّ هناك سقطاً في الإسناد وانقطاعاً، وإلا فاسكت خيراً لك.
وما أكثر المتعالمين الطاعنين في السنة النبوية بجهلٍ أو بمكرٍ، ولو أنَّ كل واحدٍ منهم تعلم قبل أنْ يتكلم لأراح نفسه وأراح أهل العلم من الرد عليه.
 
ومن الإنصاف أنْ يرجع الإنسان في كل علم إلى أهله المتخصصين فيه، حتى في أمور الدنيا يرجع العاقل في كل علم وتخصص إلى أهله، وأما الأحمق فيخوض فيما لا يعلم؛ فيكون أضحوكة.
فمن الحماقة أن يتطاول الإنسان على المتخصصين في العلوم في أي فن من الفنون، ورحم الله من عرف قدر نفسه.
 
فمثلاً في علم التاريخ: لو قال المؤرخ: غزوة بدر سنة (2هـ)، ووفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه شهيداً سنة (40هـ)، ونهاية الدولة اﻷموية سنة (132هـ)، وسقوط بغداد بأيدي التتار سنة (656هـ)، فلا يصلح لجاهل أنْ يرد هذه الحقائق ويتفلسف!
 
وكذلك في علم الطب مثلاً لو قَرَّرَ الطبيب المتخصص دواءً؛ فلا يمكن ﻷي عاقل -جاهلٍ بالطب- أنْ يَرُدَّ على ذلك الطبيب بجهل!
وهكذا في علم الحديث الشريف إذا قال المتخصص في الحديث: هذا حديث صحيح أو ضعيف؛ فعلى المسلم الناصح لنفسه أنْ يقبل ذلك منه.
 
وبفضلٍ من الله قد كفانا أئمة الحديث قديماً وحديثاً بيان الصحيح من الضعيف، وقد يختلفون أحياناً في الحكم على بعض اﻷحاديث -كما يختلف غيرهم من المتخصصين في أي علم - فما اتفقوا على صحته أو ضعفه لا يجوز ﻷحد مخالفتهم فيما أجمعوا عليه تصحيحاً أو تضعيفاً، وأما ما اختلفوا فيه فطالب العلم المتخصص في الحديث يستطيع أنْ ينظر في حججهم ويُرَجِّح، والمرجِحَات كثيرة ومعلومة للمتخصصين، وغير المتخصص أو العامي يكفيه أنْ يُقلِّدَ من يثق بعلمه من أهل الحديث المتخصصين، ولا حرج عليه، فقد قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، والحمد لله رب العالمين.

شارك الخبر

المرئيات-١